فضيلة المفتى شوقى علام يكتب: خطورة الكذب والتلبيس على الأمة.. آفات تنتشر انتشار النار فى الهشيم.. نحتاج إلى بحث أسباب الظاهرة ودوافعها وطرق علاجها.. والدور المأمول للخطاب الدينى والقائمين عليه

السبت، 25 أبريل 2015 09:25 ص
فضيلة المفتى شوقى علام يكتب: خطورة الكذب والتلبيس على الأمة.. آفات تنتشر انتشار النار فى الهشيم.. نحتاج إلى بحث أسباب الظاهرة ودوافعها وطرق علاجها.. والدور المأمول للخطاب الدينى والقائمين عليه فضيلة المفتى شوقى علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الكذب من الأفعال البشرية الذى جاء تحريمه فى كل الأديان؛ لأنه آفة اجتماعية إذا شاعت وانتشرت نالت من الأمة، وربما أوردتها المهالك، وهذه الآفة لا تقف عند حد بل تنتشر انتشار النار فى الهشيم، وتلحق الضرر بسواد الأمة، لذا فقد حذَّرنا النبى صلى الله عليه وسلم منه فقال: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع».

الابتعاد عن الكذب وذمه من سمات الحضارات المتقدمة


ولا يغيب على أحد ما نراه اليوم من صور متعددة للكذب تطال أمورًا كثيرة فى جوانب متعددة من حياتنا، بل أصبح بعض هؤلاء الذين وقعوا فى هذه الآفة يشتدون فى الكذب، حتى إنهم يقنعون أنفسهم وغيرهم بتلك الأكاذيب، فصدق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا»، فهؤلاء أصبحوا يعشقون الكذب ويُسرون به وهم غافلون عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه» وذلك لما يترتب عليها من إساءة ومن ضرر على المستوى العام والخاص، وعليه لا ينبغى أن يكون انتشار الكذب مبررًا لتعاطيه، فالكذب قبيح رغم شيوعه فى البشر، والابتعاد عن الكذب وذمه كان من سمات الحضارات التى أظهرت تفوقًا وقيادة وريادة على مر التاريخ، ففى حضارة أسلافنا التى قادت العالم قرونًا طويلة، وحضارة الغرب على ما فيها من بعض السلبيات كان الكذب مذمومًا، بل ويمثل عندهم قيمة سلبية يُحاسب عليها من يرتكبها على جميع المستويات.

التلبيس فلا يقل عن الكذب فى الحرمة


أما التلبيس فلا يقل عن الكذب فى الحرمة بل ربما تخطاه، فهو صفة تُعد من الذنوب كبيرة؛ لأنها تمنع أساسًا من أسس الاجتماع البشرى، وهو التفاهم المبنى أساسًا على الفهم، والفهم حتى يكون صحيحًا يجب أن يكون صورة صحيحة للواقع، فإذا قام أحدهم يتكلم كلامًا يخلط فيه الحق بالباطل، فهذا هو التلبيس بعينه، الذى يعطل الفهم والتفاهم، فيعطل البحث عن مشترك بين البشر، فيعطل مع هذا الاتفاق والائتلاف، ويدعو إلى النفاق والاختلاف، قال تعالى: «لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ». ومن مظاهر تلبيس الحق بالباطل ذكر بعض الحقائق، وحذف بعضها الآخر بما يوجب أن يصل المعنى إلى السامع أو المتلقى على غير مراد المتكلم أو الكاتب، والاجتزاء قبيح، وله صور مختلفة، وضربوا له أمثالاً منها اقتصار بعضهم وهو يتلو القرآن على وقف قبيح، كما لو قال: قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ». فإذا صار التلبيس شهوة، وتفاخرًا بين حملة الثقافة والكتاب دل ذلك على ظاهرة سيئة رديئة تحتاج منا جميعًا وقفةً بإزائها، وتحتاج من العلماء والدعاة والمفكرين أن يتدخل العلم بمناهجه الرصينة لدراسة هذه الظاهرة قبل أن تنتشر وتستفحل، وقبل أن تصير هى العرف السائد، والثقافة العامة؛ بحيث لا ينكر عليها منكر، بل إن من أنكر عليها فإنه يكون قد أنكر المعروف لدى هؤلاء، فيتحول المنكر فى ذاته إلى معروف صورى، وسيظل ذلك أبدًا منكرًا عند الله وعند عقلاء البشر.

إن ظاهرة التلبيس فى احتياجها هذا للبحث تختلف تمامًا عن ظاهرة الكذب؛ لأنها دائمًا تذكر حقيقة أو حقائق تغلفها بأكاذيب، ونحتاج إلى بحث أسباب هذه الظاهرة، والدوافع التى تدفع إليها وطرق علاجها، والرصد المتأنى لها، وآثارها المدمرة فى بناء العقلية الواعية الصحيحة، وهذا هو الدور المأمول للخطاب الدينى والقائمين عليه.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة