يَكْرَهُونَ الْحَرْبَ وَيُشْكَلُونَ أَجْسَادَهُمْ «بَنَادِق»..

المسرح يرمم خراب العدوان الإسرائيلى..فنّانون يعالجون أطفال غزة بـ«الدراما»

السبت، 28 فبراير 2015 06:21 م
المسرح يرمم خراب العدوان الإسرائيلى..فنّانون يعالجون أطفال غزة بـ«الدراما» الفنّان على أبو ياسين
كتب مدحت صفوت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقب الحروب والعدوانات، تعقد الدّول الكبرى، والمنظمات الّتى ربّما برّرت القتال أو صمتت عليه، مؤتمرات ما يسمُّونه بـ«إعادة الإعمار»، لإصلاح المبانى والبُنى التحتيّة الّتى دمرتها القاذفات، ناسين أو متناسين بناء الإنسان الّذى شوهته «نفسيًا» أصوات الانفجارات وصور الأشلاء.

قطاع غزّة، يدفع منذ سنوات فاتورة الوقوف فى وجه العدوان الصهيونيّ، أحدثه عدوان 2014، الّذى خلّف أكثر من ألفى شهيد وعشرة آلاف مصاب، فضلًا عن أطفال أحرقوا مراحل الطّفولة مبكرًا، وخلعوا «بهجتهم»، يمكن القول «براءتهم»، وهو ما يحاول مجموعة من الفنّانين والمسرحيّين ترميم «خراب الطّفولة» عبر ألعاب دراميّة مع ألفى ونصف الألف من طلّاب مدارس القطاع.

«مَنِ الدَّائِرَةِ إِلَى الْفَرَاغِ» وَمَخَاوِفُ التَّجَارِبِ الْجَدِيدَةِ



الممثّل والمخرج على أبو ياسين، قائد فريق التّدريب فى قطاع غزّة، رأى أنَّ فريقه يقدم «الدّعمَ النفسى لتخفيف آثار العدوان والصّدمات النفسيّة عن الأطفال الذين تتوسط أعمارهم فى العاشرة، ومن الصعب أن تكون لديهم وجهة نظر حول المقاومة، لكنّ حتمًا يكرهون الحرب».

ويوضح «أبو ياسين» فى حديثه لـ«اليوم السّابع»، أنَّ الفريق اختار تمارين درامية من كتاب «من الدائرة إلى الفراغ» للمخرجين إدوارد وليم وإيمان عون و«ألعاب للممثلين وغير الممثلين» لأوغوستو بوال، و«ركزنا على التّمارين الممتعة للطلّاب، الّتى تعمل على تعزيز الثّقة وتطوير الحواس والعمل كمجموعات، وتطور درجة التركيز لديهم، وهى تمارين مبنية بشكل مهنى بحيث لا يشعر الطلّاب بالملل. مع وضع مجموعة أخرى احتياطيّة تعين المدرب وقت الحاجة إليها».

غزّة كأطفالها، عنيدة، ليس من السهل أن تروضها، وعن بدايات المشروع، يضيّف الممثّلُ الفلسطينى «التخوّف من المشاركة عند معظم التّلاميذ، عائق بالبداية، لأنّهم يخشون التّجارب الجديدة، خاصة أنّ المدارس الحكوميّة لم تقم بأية أنشطة مسرحيّة منذ ثمانى سنوات، خلاف مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين «الأونوروا»، والقلق والتّوتّر وعدم الثقة بارز بشكل واضح، حتّى المعلمون والمعلمات تحفّظ كثيرون منهم، ومع ذلك ردّد أغلب التلاميذ «بأخافش».

يتابع «فى نهاية أيّام التّدريب يغلق التّلاميذ أمامنا أبوابَ المدرسة ليمنعونا من المُغادرة، بعد أن زادتْ ثقتهم بأنفسهم، ويخبرنا المعلّمون عدم تسجيل غيّاب بالفصول أيّام الدّعم النفسيّ، وأنّ تلاميذ التّدريبات الدراميّة زاد تحصيلهم الدراسيّ».

الْأَفْكَارُ مُلْقاةٌ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ.. وَالْمُسْتَهْدَفُونَ جُدد



قدّ تكون الفكرة ليست بجديدة فى تجاربنا العربيّة، لكنّ المستهدفين هذه المرّة هم الجدد، الأطفال ضحايا العدوان، فثّمة تجارب عربيّة قديمة كمسارح القرية «مسرح الجُرن» فى مصر، الّذى أسسه ورعاه المخرج أحمد إسماعيل منذ أكثر من خمسة وثلاثين عامًا بإحدى قرى محافظة المنوفيّة، حتى نجح فى تبنى هيئة قصور الثّقافة المشروع لأربعة مواسم فى مدارس القرى النائية والفقيرة، قبل أن ترى الهيئة بقيادة سعد عبد الرحمن وقتها عدم جدوى بناء الأطفال «نفسيًا وجماليًا» عبر ألعاب دراميّة يبتكروها بأنفسهم، فيوأد المشروع، الذى استهدف أولًا وقبل كلّ شيء الإنسان.

من حسن حظ فنانى غزة، ليس لديهم هيئة بيوقراطية، حيثُ يقف وراء المشروع مؤسّسة ثقافيّة «جادة»، تُعتبر المؤسسة الأولى بفلسطين المحتلة فى الاعتناء بالفن «مسرح عشتار»، وبشراكة ودعم من البعثة البابويّة، وساهمت فيه من قبل المنظمة السويدية الدولية للتنمية «سيدا» ومنظمة روزا لوكسمبرغ؛ لمساعدة الأطفال على تجاوز الآثار النفسية، وصلّ عددهم مائة من خمس مدارس، ولأنّ المدربين جزأ من غزّة «قدّ عانوا من الصّدمات والخوف وغيّاب الثّقة والقلق، لكنّ بعد مهام التّدريب نلاحظ عودة الثقة لأنفسهم، والإيمان بأنّهم قادرون على التغيير، وخبرتهم بمجال التدريب زادت، ومن ناحية أخرى تلقيهم للمكافآت يشعرهم بوجودهم وأهميتهم، ويعزّز ثقتهم بأنفسهم ويعطيهم مساحة من الاستقلال والاعتماد على النّفس».

عودة للتّلاميذ استوقفتنا فى حديث أبو ياسين عبارة «كان بعضهم تظهر على ملامحه وتصرفاته سمات العنف». فى مصر عقب ثورة يناير، وانتشار الاحتجاجات والاشتباكات بين أطراف عدّة، انتشرت فى الشّوارع بين الأطفال ألعاب «جديدة»، منها «متظاهرون وشرطة» كان يصلّ الأمرُّ لتبادل التقاذف بالطوب، وفى غزّة، نظرًا لتكرار العدوان الإسرائيلى، حتّى بدا أشبه بعدوان دوري، ابتكر الأطفال ألعاب مستوحاة من الحرب، وأعمال المقاومة.

يعتبر أبو ياسين ما سبق سمات عنيفة، يحاول المدرّبون تخفيف آثارها «العنف تبدو آثاره على الأطفال من خلال أداء التّمارين، مثلًا تمرين تشكيل التّماثيل، كلّ طالب يعتبر شريكه مصنوعًا من الطين وعليه تشكيله حسبما يرى، كثيرون منهم يشكلون شخصًا يصرخ أو إنسان جريح أو يحمل بندقية، كما تتجلى من خلال عدم مشاركة الطلاب وإنزوائهم عن المجموعة، أو ممارسة العنف تجاه الأقران، أو اللوذ بالصمت، نتيجة الصدمات والمشاهد العنيفة الّتى شاهدوها». مستثنيًا «هناك من يشكل من زميله كمنجة وآخر يصنع إشارة حبّ».





موضوعات متعلقة..



إيمان عون: عرض "الحب والمعلومات" تدريب مفتوح لمتاهة ذكية تنتصر للحب

«7 أطفال يهود» يهدمون أكاذيب جنرالات إسرائيل عن العرب: إنسانيتكم تقتلنا








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة