مثقفون: المنسى قنديل فى "كتيبة سوداء" حوَّل التاريخ لأسطورة

الإثنين، 02 فبراير 2015 02:20 ص
مثقفون: المنسى قنديل فى "كتيبة سوداء" حوَّل التاريخ لأسطورة جانب من الندوة
كتب شريف إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استضافت قاعة "ضيف الشرف" بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، ندوة حول مناقشة رواية "كتيبة سوداء" للكاتب محمد المنسى قنديل، وشارك فى الندوة الكاتب الكبير سعيد الكفراوى، إلى جانب مؤلف الرواية الدكتور محمد المنسى قنديل، وقام بتقديم الجلسة الروائى الشاب طارق إمام.

تحدث طارق إمام قائلا: إن رواية كتيبة سوداء هى عن كتيبة حاربت تحت لواء الجيش الفرنسى فى المكسيك عام 1863 عنما طلب الإمبراطور الفرنسى نابليون الثالث من الخديوى سعيد باشا مساعدته فى حربه على المكسيك، فأرسل الخديوى كتيبة عددها 500 جندى، وتدور مجموعة من الأحداث التراجيدية تشهد تنصيب ماكسيميليان النمساوى إمبراطورا على المكسيك وتشهد مجموعة من المفارقات حتى تأتى النهاية التراجيدية بانسحاب الفرنسى وينتهى مصير هؤلاء الوجود إلى الغموض ومسحة من المأساة، وهذه المصائر جميعها لملمها المنسى قنديل من كتب التاريخ المتاحه ليعيد صياغتها فى رواية بديعة جدا من وجهة نظرى.

قال الكاتب سعيد الكفراوى "كتيبة سوداء" هى حكاية من التاريخ وقد قام المنسى بتحويلها إلى أسطورة وإلى فن وإلى رؤية متخيلة لواقع غريب عاشة ككاتب ومبدع والرواية فى معتقدى أسطورة تعج بالمدهش والخرافى ويتجسد فيها صراع القوى العظمى وصراع من يملكون ومن لا يملكون والصراع يمثل العنصرية والعبودية والعلاقة بسلطة قادمة من أوروبا مسيطرة على واقع يقوم على النهب الاستعمارى وعلى الظلم وعلى الفساد، ومنذ البداية تشعر أنك إزاء عمل يشير إلى عالم جديد تخترق أفقا يتسم بالجدية والغرابة يواجه به قنديل الرواية العربية عبر أسئلة شديدة الأهمية منذ أن كان هناك سلطان للغابة وتاجر للعبيد وتمساح والزبير النخاس النوبى يأخذ سفينته إلى الجنوب ويقايد عدد من البنادق تقدر بأربعة بنادق يعود بثمنها بعدد من الزنوج إلى الطريق حيث يلتقى ببرنسيسة فرنسية تطلب رأس خرتيت ويشاهدها فى مشهد جنسى مروع نقف كثيرا أمام تلك الشخصية الفرنسية المسنودة بقوة الاستعمار وكيف رسم هذه الشخصية بهذا الواقع الفطرى المتوحش الذى يقوم على اختلاط أنفاس الغابة بأنفاس البشر بالمظالم وبالاعتداء بتحقير الإنسان إلى حد العبودية ونكتشف فى هذا الفصل علاقة الفرنسية البيضاء بعبودية هؤلاء واستخدامهم حتى بالنسبة لها كأدوات جنسية.

وأضاف "الكفراوى": لقد قام "قنديل" المبدع برسم ونحت الشخصية نحتا حقيقيا داخل الفصل الأول من الرواية، الزبير تبلغ عنه الفرنسية فتأتى السلطة وتأخذ عبيده حتى يصل إلى الخديوى، طلب الفرنسيون بتجهيز الفرقة السوداء بالسفر إلى المكسيك عبر البحر، وتنتقل أحداث الرواية إلى أوروبا حيث ماكسيميليان ولى عهد النمسا وأخ الإمبراطور والذى عين إمبراطورا على المكسيك وزوجته شارل يعرض عليه عرش المكسيك ويتنازل عن أحقيته لأخيه ثم يزور باريس ثم يعود ليتواصل مع القرقة السوداء التى تدرب وتجهز إلى المكسيك فى رحلة شهدت كثيرا من المعاناة وهكذا يبدأ الصراع فى البلد الذى يشهد الكثير من العنف وفى هذا السياق يقدم قنديل رؤيته كمبدع لتجسيد هذا العالم وإحدى هذه الشخصيات هى شخصية الإمبراطورة التى تشهد العديد من المفارقات ويجسد قنديل عبر روايته نصا متخيلا فى العلاقة بين العبد والإمبراطورة وهذا الإطار العام لرواية قنديل الذى يمثل الخروج عن المتن الروائى العربى للنفاذ لاكتشاف عالم جديد لكتابة رواية مختلفة وفضاء من الأساطير ومن نحت شخصيات غريبة سواء من جنوب مصر أو من المكسيك أو من أوروبا جسد قنديل الصراع الكولونيالى بين من يملكون فى أوروبا وشعوب لا تزال على الفطرة، وأعتقد أن هذه الرواية إضافة للرواية العربية.

وتحدث الكاتب "محمد المنسى قنديل" قائلا: إن التفكير فى هذه الرواية أخذ أكثر من تنفيذها وفى العادة عندما أكتب يكون عندى نصف علم عما يحدث وأمارس عملية الاكتشاف طوال فترة الكتابة وساعات أتوقف لكى أقرأ وأفكر وساعات أواصل لعلى أشطب كل ما كتبته وأبدأ من جديد وفى هذه الرواية بالذات كانت المعلومات عندى قليلة جدا وقد أردت أن أكتب رواية خارج السياق ودائما ما أتذكر نصيحة "نجيب محفوظ" لنا بأن عليكم توسعة فرشة الرواية العربية، ولهذا كان هناك إلحاح شديد من جانبى ومن جانب جيلى أن نخرج من هذا العالم، وكان الحديث حول هذه الرواية بشكل غامض حيث كان لها سطور بسيطة من قبل عبد الرحمن الرافعى رغم أنه لم يترك شيئا فى التاريخ المصرى المعاصر إلا وتكلم عنه بالتفصيل، إضافة إلى أن كل من تكلم على هذه الرواية لم يقل أى شىء عن واقعها، حتى محمد حسنين هيكل على الرغم من دقته إلا أنه ذكر أشياء حول القصة لا علاقة لها بالواقع.

وأضاف قنديل: لقد قمت بقراءة تقرير فى إحدى المجلات القديمة حول أن هناك وفدا مصريا عسكريا ذاهبا للمكسيك لكى يضع أكاليل الزهور على مقابر جنود هذه الكتيبة إلا أنه لم يجد لهم أى أثر، ولذلك كان يلزم على أن أسافر المكسيك لكى ألمس الذى فعلته هذه الكتيبة على أرض الواقع، وفى المكسيك تفتحت لى الكثير من الحقائق حول هذه القصة، وسواء كنت أصبت أو أخطات فهذا كان اجتهادى وحاولت أن أضع الرؤية بطريقة أسلوبية متدفقة، وحكاية الراوى العليم لم أكن أميل إليها ولكنى أجبرت عليها، وبعد عشر سنين من هذه الرواية وقعت مصر فى نفس الفخ التى وقعت فيه المكسيك حيث تراكمت الديون عليها وبدات الدول الأجنبية تطالب بديونها حتى انتهى الأمر بضرب الإسكندرية، وما أنقذ المكسيك من الاحتلال هو تواجد أمريكا بجوارها لكن مصر لم تجد أحد بجوارها فى مواجهة الاحتلال، وهذا ما شجعنى على كتابة هذه الرواية واستقراء أحداث التاريخ لأنها تلقى بظلالها علينا وقد حاولت أن أعرض الرواية بشكل منطقى لأن المسافة كانت بعيدة بين واحد قادم من غابات أفريقيا وواحدة قادمة من أقصى قصور أوروبا وأجمعهما فى خيط واحد، وهو ما تتطلب جهدا شاقا وهو ما تأخر فى أحداث الرواية قليلا لكنه أمر كان يحتاج إلى تمهيد كبير.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة