إيمان الوراقى

جنس "دليفرى" وماكياج للأخلاق

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015 06:37 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ثارت الدنيا ولم تقعد إثر إذاعة أحمد موسى صورا جنسية، منسوبة للمخرج خالد يوسف عبر برنامجه “على مسؤوليتى” وأستغرب حقا إذا كانت مسؤوليته بهذا المستوى، فلماذا يترك موسى يبث سمومه على الهواء مباشرة فى برنامج يشاهده مئات الآلاف.

مسؤولية موسى التى هى عنوان برنامجه، خلت فى هذا الموقف من المعايير المهنية، وافتقرت التمييز بين ما يصح نشره على الملأ وبين ما لا يصح، “مسؤوليتك“ يا موسى ناقصة إلى درجة سمحت لك باختراق الحياة الخاصة لإنسان، لتضرب بالواجبات الأخلاقية والمهنية عرض الحائط، قبلما تنتهك الحقوق القانونية والدستورية له، فأى مبرر ستقوله، وأى حجة تمتلك للدفاع عما فعلت.

عزيزى المواطن لست مضطرا لشراء “روتر“ ولا مشاركة جارك فى “وصلة نت“ أو لعن شركات المحمول على خدماتها السيئة، للدخول على مواقع إباحية، ولم تفعل والخدمة تأتيك “دليفرى” تتقاسم مشاهدتها أنت وأسرتك، عبر قنوات وبرامج “التوك شو”، التى ومن المفترض مناقشتها مشاكل البلاد ومصالح العباد للمساهمة فى حلها.

ولا ريب أن ما فعله المذيع أحمد موسى جريمة فى حق المشاهد مثلما كانت جريمة فى حق المخرج خالد يوسف، ولست هنا للدفاع عن الأخير، وأتساءل والتساؤل حق مشروع،كيف وصلت تلك الصور إلى سيادة المذيع، وهل هناك علاقة بين تراجع خالد يوسف عن موقفه المنتقد على طول الخط لائتلاف “دعم الدولة المصرية“، التى شكلته قائمة “فى حب مصر” يزعمهم اللواء سيف اليزل مقرر عام القائمة، وبين حضوره اجتماعهم اليوم؟ لا أعلم سيادة القارئ وإلا كنت أخبرتك.. أَتعْلَمُ أنت؟
ما أعلمه أن خالد يوسف، لم يقدم نفسه للناس على أنه “شيخ بدقن“ أو يوسف النبى، ليستعصم عندما تراوده امرأة العزيز.. فضلا عن أن هذه أمور خاصة يحاسبه الله عليها لا شأن لنا بها، إلا أن مربط الفرس عندى كيف أتقبل أنا وغيرى من المشاهدين تلك المشاهد وما تعكسه من أفكار ضحلة، وأخلاق تشمئز منها النفس الإنسانية، أيطلب منا التعايش معها كما لو كنا نشاهد فيلم “كارتون“؟ أم نرفضه ونصرخ دون جدوى؟ أم نبتهل إلى الله لقبض أرواحنا قبلما نتهور ونفعلها نحن، ووقتها لن نسلم من ألسنة المجتمع، التى لن تدخر وسعا فى تكفيرنا..؟ ماذا عسانا نفعل وكيف نعيش؟

قارئى.. الصراحة مع النفس ليست بأمر سيئ، لا أطلب منك الذهاب إلى أقرب صديق والاعتراف له، أو مناقشة الأمر على صفحات “فيس بوك” للوقوف على صحة ما أطرحه من عدمه، فقط قف مع نفسك وناقشها، أليس أحمد موسى فكرة لا تموت، ألا يوجد بداخل معظمنا أحمد موسى صغير ينتظر فرصته؟ ألا يفعل معظم ذكور مجتمعنا ما هو أقبح مما فعله موسى، ألم يمر معظمنا بتجربة، بنفس وضاعة تصرف نشر صور جنسية لشخص؟.. سأترك لك الإجابة.

ألا يَعقدُ بعضنا “رهانات“ على إيقاع فتيات فى شراكهم المعتلة، اجتهدن ونسجن على أنفسهن أثواب العفة، ومهما حَصَّنَّ أنفسهن، من إيذاء ضعاف النفوس، يأتى أحدهم وينسج حول إحداهن شَرَكهِ باسم الحب وغيره، يدفعها دفعا للوقوع فى تلك الحفرة الوضيعة، وحين تقع، ترتفع قهقهته ويتركها دون مد يد المساعدة، ليؤكد على فكرة الازدواجية والتناقض، التى يعانى منها الغالبية، يظهرون الفضيلة ويكنون بداخلهم خبث العالم، يدعون أنهم تنوريون أصحاب رسالة يقدمونها للناس، وهم أبعد ما يكونون عن نور الإنسانية، الغالبية تجيد صنع البراويز ورسم صور ليست لهم، يضعون "ماكياج" لتزيين أخلاقهم، تتشوه مع أول موقف يختبر رجولتهم.

كخطوات الشيطان تَدَرج نشر القبح من مواقع الإنترنت إلى أن وصل لبثه عبر التليفزيون، ربما كانت البدايات مجرد تصفية حسابات، أحدهم يكيد لحزب أو سياسى ما، فينشر له صور فيديوهات جنسية على “يوتيوب” وينال منه، كالصور التى نشرت لعناتيل حزب النور، أو كالتى نشرت ونسبت مؤخرا للنائب “مرتضى منصور“.

تطور الأمر أكثر ليستخدمه من أراد الشهرة، كما فعلت المذيعة ريهام سعيد مع “فتاة المول” أو المذيعة منى عراقى فى برنامجها “المستخبى“ على قناة القاهرة والناس، بعدما نشرت صورا لـ 26 شخصًا عرايا واتهمتهم بممارسة أعمال الفجور، حصلوا على البراءة بعدها.

والحق يقال أن الفضل الأول فى نقل ثقافة نشر المشاهد الجنسية، من مواقع الشبكة العنكبوتية إلى برامج التليفزيون كان “أحمد موسى“ تذكروا هذا الاسم جيدا فغالبا سيكون ذا شأن فى تلك البلاد، ولن يتفوق عليه فيها إلا من أذاع فيديوهات جنسية كاملة لمشاهير، وكانت الصورة 3D، “كل على حسب اجتهاده بقى“.

ختاما ومثلما تخبرنى أمى “ماحدش حاطط على نفسه خيمة“، أى أن الجميع معرض فى ظل ما نعانيه من انهيار أخلاقى، إلى التعرض لمثل تلك “الكارثة“ - إذا صح ثبوتها -، ربما كنت أنا وربما كنت أنت وربما ثالث لا نعرفه، ربما يكون قد فعل ذلك حقيقة، وربما كانت مجرد صور “مفبركة“، ربما كنت شخصا ذا حيثية، وربما كنت مواطنا بسيطا، عفوا النار لا تفرق بين أثاث منزل من اشتعلت به وبين أثاث جيرانهم، ولو كانوا خفر العمارة، فتحقق.. تثبت.. لا تظلم.. انفض عنك غبار التناقض.. لا تمرر الأحداث مرور الكرام، وفكر فى كواليسها.. وناقش نفسك، فمناقشة الشخص لنفسه حق توفره الدولة “ودستور 2014“.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة