بعد الحكم بإعدام الشاعر السعودى أشرف فياض.. من الشعر ما قتل

الإثنين، 23 نوفمبر 2015 06:00 ص
بعد الحكم بإعدام الشاعر السعودى أشرف فياض.. من الشعر ما قتل الشاعر أشرف فياض
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الشاعر والفنان التشكيلى أشرف فياض، وهو سعودى من أصل فلسطينى، قد أصدر عام 2008 ديوان شعر بعنوان "التعليمات.. بالداخل" وبعد 6 سنوات من صدور الديوان تم القبض على الشاعر بتهمة "تطاول شِعْره على الذات الإلهية"، ومكث من جرّائها فى السجن عامًا ونصف العام، وبعدها تم الحكم عليه بالإعدام.

والتاريخ العربى يحفل بالشعراء الذين تم قتلهم بسبب قصائدهم ومنهم :

عبيد بن الأبرص


بدأت نهاية هذا الشاعر على يد الملك المنذر بن ماء السماء، فهذا الملك كان له يومان يوم بؤس ويوم نعمة، فإذا كان فى يوم نعمة أتى بأول من يراه، فَحَباه، وكساه، وأعطاه من إبله مائة، ونادمه يومَه، وإذا كان فى يوم بؤسه، أتى بأول من يراه، فيأمر به فيذبح.

وبينما هو جالس فى يوم بؤسه؛ إذ أشرف عليه عبيد بن الأبرص، فقال لرجل كان معه: من هذا الشقى؟ فقال له: هذا عبيد بن الأبرص الأسدى الشاعر، فأتى به، فقال له الرجل الذى كان معه: اتركه فإنى أظن أن عنده من حسن الشعر أفضل مما تدركه فى قتله، فاسمع منه، فقبل الملك، وقال لعبيد: أنشدنى:
أقفر من أهله ملحوب
لكن عبيداً لم يستطع أن يقوله، وعزَّت عليه نفسه، فرثاها بقوله:
أَقْفَرَ من أهلِهِ عبيدُ/ فليس يُبدى ولا يُعيدُ
وأبى عبيد أن ينشدهم شيئاً مما أرادوا، فأمر به المنذر فقتله.

المتنبى


المتنبى شاعر العربية الكبير الذى شغلت حياته وشعره حيزاً كبيراً من دراسات المتخصصين فى الأدب العربى؛ وكان المتنبى يستعلى على الشعراء، ويكثر من السخرية منهم ومن شعرهم، على نحو جعله هدفَهم جميعاً، وكان يكثر من الفخر بنفسه، فهو القائل: سيعلمُ الجمعُ ممن ضَمَّ مجلسُنا/بأننى خيرُ من تَسعى بِهِ قَدَمُ/ أنا الذى نَظَرَ الأعمى إلى أدبى/ وأسمعتْ كلماتى مَن به صَمَمُ

وجاء مقتله بسبب قصيدة هجا بها رجلاً يسمى "ضبة بن زيد"، يتعرض فيها لحادثة مقتل أبى ضبة، وقد فر وترك أباه، وهو يستخف به فيقول فيها: ما أنصفَ القومُ ضُبَّهْ/وأمّه الطُّرطُبّهْ/ وَمَا عليكَ مِنَ القَتْـ ـلِ/ إنَّما هى ضَرْبَهْ/ وَمَا عليكَ مِنَ الغَدْرِ إنَّما هِى سُبَّهْ
وفى القصيدة يتعرض المتنبى لأم ضُبة، ويرميها بأفحش التهم، وكان لأم ضبة أخ يسمى "فاتك بن أبى جهل الأسدى"؛ فلما بلغته القصيدة أخذ الغضب منه كل مأخذ، وأضمر السوء لأبى الطيب، وعندما علم أبو نصر محمد الحلبى بِنية فاتك، حذر المتنبى، فلم يزده هذا التحذير إلا عناداً، وركب المتنبى وسار، فلقيه فاتك فى الطريق، فأراد المتنبى أن ينجو بنفسه، فقال له غلامه: ألستَ القائل:
الخيلُ والليلُ والبَيداءُ تعرفنى/والسيفُ والرُّمح والقرطاسُ والقلمُ؟

فثبت المتنبى حتى قتله فاتكٌ، وقتل ابنَه محمداً وغلامَه، وهكذا كانت نهاية هذا الشاعر العربى الكبير التى جاءت بسبب شعره ولسانه.

طَرَفَة بن العبد:


قُتل وهو فى السادسة والعشرين من عمره، ومع حداثة سنه؛ إلا أنه استطاع أن يشمخ بقامته أمام كبار شعراء عصره، وتميز عليهم بحكمة كانت وليدة ظروفه الخاصة، وظهرت فى بعض أشعاره، ومنها قوله:
وقد بدأت نهاية هذا الشاعر الشاب عندما رحل من اليمامة إلى الحيرة، وادعى جوار ملكها عمرو بن هند، وعندما أساء إليه الملك يوماً، ولم يكرِم وفادته، كما كان يفعل من قبل؛ هجاه:
ليت لنا مكانَ المَلكِ عَمْرٍو/ رَغُوثاً حَول قُبتَّنا تَخُورُ
فى هذه الأبيات يرى طرفة عمرو بن هند ملكاً لا يصلح للمُلك، وخير منه نعجة تخور، وإن كانت قليلة الصوف؛ فربما كان لبنها كثيراً يكفى رضيعها وحالبها.

فغضب عمرٌو، وأضمر فى نفسه الانتقام من طرفة، ثم أرسله إلى عامله على البحرين برسالة، وأمره فيها بقتله، فقتله.

"وضَّاح اليمن"


وقد بدأ وضاح يدق أول مسمار فى نعشه عندما استجاب لأم البنين زوجة الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقال فيها شعراً، والقصة بدأت عندما كانت أم البنين تؤدى فريضة الحج، وكتب الوليد يتوعَّد الشعراءَ جميعاً؛ إن ذكرها أحد منهم، أو ذكر أحداً ممن معها، ولكنها عندما وقعت عيناها على وضاح اليمن؛ هوتْه، وطلبت منهى فانطلق لسانه برقيق الشعر نسيبا فى أم البنين، متغافلا عن مكانتها ومكانة زوجها وهو خليفة المسلمين.

ومما قاله فيها: صَدَعَ البينُ والتَّفَرُّقُ قلبى/ وتولَّتْ أمُّ البنينَ بِلُبِّي
وهذا الأقوال فى أم البنين كانت دوافع قوية لدى الوليد، للتخلص من هذا الرجل الذى ملأ الدنيا بها شعراً، وقد أحسَّ وضَّاحٌ بما يحيط به من خطر؛ فراح يبتغى السبل لإرضاء الخليفة، وقد وعدتْه أم البنين أن تَرْفِدَه عنده، وتقوِّى أمره؛ فمدحه الوضاح بعدة قصائد، ولكن هذه القصائد لم تشفع له، ودبر الوليد لقتله، وقيل أنه دفنه حياً، فى حفرة حفرها له فى قصره.

بشار ابن برد


بشار بن برد، الذى احترف الهجاء منذ صباه المبكر، وذاع صيته بهجائه الذى كان يؤرق ويتعب من يتوعدهم به، ولم يكن يخشى -فى هجائه- شخصية كبيرة فى الدولة، حتى ولو كان الخليفة ذاته؛ فقد هجا العباس بن محمد أخا الخليفة المنصور، وهجا الخليفة المهدى نفسه، ووزيره يعقوب بن داود.

وكان الهجاء يمثل الخطوة التالية؛ بعد أن يمدح فيخيب أمله ولا يعطى، فكان هجاؤه رجوعاً عن المدح.
وقد مدح الخليفة المهدى فلم يعطه شيئاً؛ فقال يهجوه: خَليفةٌ يَزْنى بعمّاتِهِ/ يَلْعَبُ بالدّبُّوقِ والصَّولجَانْ
ووصل هذا الشعر إلى المهدى عن طريق وزيره يعقوب، فكاد ينشق غيظًا، ثم قصد البصرة، وقبض على بشار، وأمر بضربه بالسوط حتى الموت، فأخذ إلى سفينة، وضرب سبعين سوطاً حتى مات، فألقوا به فى الماء، فحمله الماء فأخرجه إلى دجلة، فأخذ فأتى به أهله فدفنوه.

حماد عجرد


حَمَّادُ عَجْرَد، واحداً من كبار هَجَّائى عصره وامتلأ شعره بالألفاظ المستنكرة التى يأباها الذوق وتَمُجُّهَا الآذان؛ حتى بدا بشار أمامه شاعراً مهذَّباً، عفيف اللفظ.
وقُتل بسبب تشبيبه بامرأة تسمى زينب بنت سليمان.
زَيْنَبُ، ماذَنْبِي؟ ومَاذا الذَّى/ غَضِبْتُمْ فيِه وَلَمْ تُغْضَبُوا؟!/ وَاللهِ، ما أَعْرِفُ لِى عِنْدَكُمْ/ ذَنْباً! فَفِيمَ الهَجْرُ يا زَيْنَبُ؟!/ إن كنت قد أغضبتكم ضلة / فاستعتبونى إننى أعتب

فلما بلغ هذا الشعر مسامع محمد بن سليمان -أخو زينب- نَذَر دمَه، وأصر على قتله وظل ابن سليمان يطلب حماداً، وحماد ينتقل من مكان إلى مكان يبحث عن مأوى وملاذ؛ حتى أدركه ابن سليمان فى منطقة الأهواز، فأرسل مولى له فقتله.

كعب الأشقرى


كعب الأشقرى كان خطيباً وشاعراً، من أصحاب المهلب بن أبى صفرة، وقد مدحه، ومدح أبناءه، ورافقهم فى حروبهم مع الأزارقة، وقد أوفده المهلب إلى الحجاج مبشراً بانتصاره على الأزارقة، فأنشده من مدائحه فيهم قوله:

لولا المهلَّبُ ما زُرْنا بلادَهم/ ما دامتِ الأرضُ فيها الماءُ والشجرُ
فضحك الحجاج، وقال إنك لمنصف يا كعب، المهلب كان أعلم بك حيث بعثك.
واستمر ولاء كعب للمهلب وأبنائه من بعده، وكانوا لا يسمحون للشعراء بهجائه، ولما عزل يزيد بن المهلب عن خرسان ووليها قتيبة بن مسلم؛ مدحه كعب ونال من يزيد، وثلبه وهجاه، ولما بلغه أن يزيد قد وليها مرة أخرى؛ هرب الى عُمانَ، وأقام بها مدة، ثم كرهها، فكتب إلى يزيد بن المهلب معتذراً، ولكن يزيد لم يسامحه، ولم يصْفُ له، وداهنَه حتى رجع خرسان، وتخير له قاتلاً من قرابته؛ هو ابن أخيه الذى كانت بينهما عداوة وتباعد، وهجاه كعب بقوله:
إنَّ السَّوَادَ الذى سَرْبَلْتَ تعرِفُهُ ميراثُ جدِّكَ عن آبائِه النُّوبِ
أشبهتَ خالَكَ خالَ اللؤمِ مؤتسياً بهديه سالكاً فى شرِّ أسلوبِ
وهكذا أغرى يزيد بن المهلب هذا الفتى بالمال، فقتل عمه الذى هجاه بلسانه.


موضوعات متعلقة..


- غضب فى الأوساط الثقافية بعد حكم السعودية بإعدام الشاعر الفلسطينى أشرف فياض لاتهامه بالإساءة للذات الإلهية.. الشاعر: أكتب من أجل الإنسان والاتهامات غير صحيحة..ومثقفون يدينون الرياض ويطالبون بتحريره













مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة