القاهرة لحقوق الإنسان: ممارسات أمريكا تسببت فى النمو المتسارع للإرهاب

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015 09:21 م
القاهرة لحقوق الإنسان:  ممارسات أمريكا تسببت فى النمو المتسارع للإرهاب حادث فرنسا الإرهابى
كتب محيى الدين سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعا مركز حقوقى مصرى دول القارة الأوروبية إلى تجنب تكرار الاستراتيجية الخاطئة التى اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ ١٤ عامًا فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر ، محذرا من أن تلك الاستراتيجية سبق وأن تسببت فى النمو المتسارع للإرهاب وقوى التطرف العنيف "ليس فقط بسبب تماسها الجغرافى مع أكثر مناطق العالم خصوبة للإرهاب، وإنما بسبب تواطؤها –المتواصل– مع الأسباب الرئيسية التى أدت إلى نشأة وتوطن وتمدد الارهاب بجوار حدودها البرية والبحرية".

وقال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فى بيان، أصدره اليوم، تحت عنوان " خطاب إلى عقل فرنسا"، إن بشاعة الهجوم الإرهابى الذى وقع يوم الجمعة 13 نوفمبر الجارى واستهدف باريس –أبرز منارات العقل والثقافة والتنوير فى العالم على مدار التاريخ– ونتج عنه سقوط نحو ٥٠٠ قتيل وجريح، هو أدعى إلى ألا تفقد "باريس" عقلها، وتعود لتتبنى ما رفضته علنًا من الولايات المتحدة الأمريكية قبل ١٤ عامًا، أى الرد بـ "الحرب" من أجل إشباع غليل الانتقام لدماء الضحايا الأبرياء ، لافتا إلى أن التاريخ أثبت أن "باريس" كانت على صواب و"واشنطن" كانت على خطأ.

وتابع أن ميلاد "داعش" هو أحد أخطر النتائج التى ترتبت على قرار الرئيس الأمريكى السابق "بشن الحرب" وغزو العراق ، مشيرا إلى أن أقل تكريم لدماء الضحايا الفرنسيين وغيرهم، الذين سقطوا ويسقطون كل يوم فى أماكن شتى من العالم، هو بذل المزيد من الجهد لوضع استراتيجية تدرك أسباب الفشل المتواصل، وتؤمن الظروف المناسبة لوضع نهاية للإرهاب، لا المساهمة فى المزيد من تمدده، وربما توطنه فى أوروبا .

ولفت إلى أنه فى هذا السياق، فإن فرنسا تحتاج إلى مراجعة السياسات والممارسات التى تؤدى بشكل متزايد إلى تنمية تربة خصبة مواتية للتطرف ولتجنيد المقاتلين والأنصار للتنظيمات الإرهابية بين مواطنيها المسلمين، حتى صارت فرنسا أكبر مورد –من خارج العالم العربي– للمقاتلين الأجانب فى سوريا ، وتابع أن فرنسا عليها أيضا أن تطور سياسات وممارسات تساعد على إدماج مواطنيها المسلمين وتتصدى لتهميشهم، دون أن تضحى فى سبيل ذلك بقيمها العلمانية، أو مواجهتها للتطرف الدينى " وهو ما قد يساعد على قطع الطريق على إنشاء أول فرع "لداعش" فى أوروبا، إلا أنه لن يكفى بالطبع للقضاء على التنظيم الأم " .
وأوضح المركز أن عنف وتوحش "داعش" –الذى قد يبدو خارقًا للبديهة الإنسانية– هو ثمرة طبيعية لتفاعل متواصل على مدار عدة عقود، بين معاناة ملايين الضحايا من المنتمين لأغلبيات وأقليات دينية وعرقية فى العالم العربى، ووحشية نظم صدام حسين والأسدين، الأب والأبن، ثم نورى المالكى وحكومات عربية أخرى وثمرة تفاعل أيضًا بين خطاب علمانى فاشى استئصالى تبنته أحزاب البعث الحاكمة، وخطاب آخر وهابى تكفيرى لا تزال تبثه مؤسسات دينية حكومية –يوميًا– فى دول عربية أخرى تزعم مكافحة الإرهاب ، إلى جانب أنه ثمرة عقود متواصلة من القهر المنهجي، لم يتورع خلالها عدد كبير من الدول العربية عن اللجوء لوسائل العقاب والقتل الفردية والجماعية، بما فى ذلك استخدام الغازات الكيماوية القاتلة وإلقاء البراميل المتفجرة من الجو على المدنيين، فضلًا عن التعذيب الوحشى حتى الموت، واغتصاب النساء والرجال، فضلًا عن تنفيذ عمليات تحقيق تحت التعذيب بالوكالة عن الحكومة الأمريكية ، لافتا إلى أن كل تلك الممارسات جرت وسط تواطؤ دولى انتهازى قصير النظر، رجح المكاسب الآنية قصيرة العمر مع نظم صدام حسين والأسدين والقذافى وزين العابدين ومبارك وغيرهم –مثل خوض حروب بالوكالة، وشراء صفقات سلاح باهظة الثمن دون حاجة لها، لأنظمة تستخدمها فى قمع شعوبها– على حساب استراتيجية بعيدة المدى والنظر، تساعد هذه المنطقة المنكوبة الملاصقة لأوروبا على التحول إلى منطقة بناء ورخاء واستقرار مستدام بسواعد شعوبها.

ورأى المركز أن الموجات المتلاحقة لملايين اللاجئين التى تدق أبواب أوروبا، والقوافل البحرية للمهاجرين غير الشرعيين التى تغزو سواحلها، والهجمات الارهابية التى تضرب عواصمها، هى ثمرة منطقية أيضًا لسياسة أوروبية بائسة وقصيرة النظر ، لافتا إلى أن أغلبية دول إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية تعرضت لاستعمار أوروبى لا يقل قسوة عما تعرضت له الدول العربية ، لافتا إلى أن الحقبة الاستعمارية انتهت فى العالم كله، إلا أنها لا تزال باقية فى فلسطين.

واستطرد : ولد القانون الدولى الإنسانى وقانون حقوق الإنسان فى أوروبا، ولكنهما دُفنا تحت أنظارها فى فلسطين ودول عربية أخرى ، و قانون الغابة هو القانون السائد الآن فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أيدى حكومات عربية سابقة وحالية وإسرائيل والقاعدة وأخيرًا وليس أخرًا "داعش" ، مشددا على أن أمن الأفراد والجماعات والشعوب له أهمية قصوى فى كل الأوقات فى كل دول العالم " ولكن اختزال الوسائل فى الأمنى والعسكرى منها فقط، لن يؤدى سوى إلى النتائج نفسها التى ترتبت على استراتيجية ما بعد ١١ سبتمبر، من تمدد للإرهاب وتوحشه بصورة أفظع" ، مضيفا أن الآثار المترتبة على خيانة القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان لحساب سيادة قانون الغاب فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتواصل الفشل السياسى والاقتصادى فى عدد كبير من دولها، وتفشى الفساد والجهل والكراهية وهيمنة التطرف الدينى العنيف، لم ولن تنحصر آثاره بالحدود الجغرافية للمنطقة .
وقال المركز فى بيانه إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تبنت موقفًا إيجابيًا جريئًا إزاء أزمة اللاجئين السوريين فى أوروبا، ولكنه جاء كخطوة منعزلة بلا أفق ، مشددا على أنه " ليس مطلوبًا من أوروبا "استضافة" شعوب المنطقة، وإنما أن تطور استراتيجية شاملة تجمع بين معالجة الجذور الأساسية المشتركة لأزمة اللاجئين الحالية والارهاب والفشل الاقتصادى والسياسي، وبين التمسك بالقيم الأوروبية ، بما يؤدى إلى وقف تحول العالم العربى إلى منطقة طاردة لشعوبها أفرادًا وجماعات، ومُصدرة للتطرف السياسى والدينى والإرهاب .
وطالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الأمم المتحدة بأن تقوم بمراجعة جذرية لآليات عملها، بما يكفل إنفاذ قراراتها وتوصيات هيئاتها المعنية بحقوق الإنسان على جميع الدول دون استثناء، وبما يعيد الاعتبار لمكانتها الأخلاقية فى العالم ، مشددا على أن " ازدهار الإرهاب والقوانين القمعية فى العالم العربى هو مرادف لانهيار المكانة الأخلاقية للأمم المتحدة والقانون الدولى فى هذه المنطقة والعالم" .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة