ورغم الأغانى الوطنية الجديدة التى يتم طرحها كل عام فى ذكرى انتصارات أكتوبر والتى يكتبها ويلحنها ويغنيها شباب الجيل الحالى إلا أن هناك مجموعة من الأغنيات الوطنية القديمة التى عاش عليها أجيال كثيرة وغناها كبار المطربين ويعتبر إذاعتها وعرضها على القنوات جزء أصيل من مراسم احتفال المصريين بانتصارات أكتوبر، وكأن هناك سرا ما فى الكلمات التى كتبها شعراء الزمن الجميل مثل بليغ حمدى وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم فمن غير هؤلاء يستطيع أن يصيغ مشاعر المصريين ويعبر عن فرحهم بلحظة النصر التى جاءت بعد سنوات طويلة من الانتظار.
ومن بين هذه الأغانى التى تم كتابتها وتلحينها وتسجيلها بعد ساعات قليلة من عبور الجنود لخط بارليف ورفع العلم المصرى على سيناء أغنية "على الربابة بغنى" التى غنتها المطربة الجميلة وردة حيث لم يستطع الموسيقار بليغ حمدى الانتظار لوقت طويل فبمجرد سماع خبر انتصار الجيش المصرى فى معركته مع الجيش الإسرائيلى سارع للذهاب إلى مبنى التليفزيون فى نفس اليوم 6 أكتوبر وكانت معه وردة والشاعر عبد الرحيم منصور ونظرا لحالة التوتر التابعة للحرب قام أمن التليفزيون بمنعهم من الدخول بحجة عدم وجود تصاريح بذلك وعندما علم رئيس الإذاعة وقتها محمد محمود شعبان أمر الأمن بالسماح لوردة وبليغ ومعهم الشاعر عبد الرحيم منصور بالدخول وقام الثلاثة بتسجيل الأغنية وإذاعتها فجر اليوم التالى.
ويعد العندليب عبد الحليم حافظ أكثر المطربين الذين قدموا أغانى وطنية عن انتصار حرب أكتوبر ومنها أغنية "خلى السلاح صاحى" كلمات الشاعر أحمد شفيق كامل والتى يتم عرضها وإذاعتها فى ذكرى أكتوبر حتى يومنا هذا، وفى عام 1975 بمناسبة إعادة الملاحة فى قناة السويس والذى يعد نتيجة من نتائج انتصار أكتوبر قدم العندليب أغنية "المركبة عدت" ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب وكلمات الشاعر مصطفى الضمرانى، وحسب ما ذكر فى إحدى الروايات عن محمد عبد الوهاب قال إن الرئيس الراحل محمد أنور السادات طلب منه تقديم أغنية خاصة تعبر عن فرحة الشعب بعودة الملاحة فى قناة السويس بعد تعطلها لسنوات، وطلب منه أن يلحنها ويغنيها عبد الحليم حتى يجتمع اثنان من العمالقة فى أغنية واحدة تعبر عن حدث وطنى مهم، ووقتها تم اختيار كلمات "المركبة عدت" من بين ٢٠ نصا.
وتغنى عدد كبير من المطربين والفنانين فى ذلك الوقت بكلمات تعبر عن فرحة النصر من بينهم السندريلا سعاد حسنى التى قالت "دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين.. دولا الورد الحر البلدى" والتى غناها الشيخ إمام عيسى وكتبها الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.
ولم تجد المطربة شريفة فاضل كلمات تعبر عن حزنها على فقدان ابنها الشهيد فى حرب أكتوبر وفرحتها بالانتصار سوى كلمات أغنية "أم البطل" التى كتبتها الشاعرة نبيلة قنديل وتقول كلماتها "ابنى حبيبى يا نور عينى بيضربوا بيك المثل..كل الحبايب بتهنينى طبعا ما أنا أم البطل" وتحمل هذه الأغنية قصة إنسانية جميلة حيث طلبت شريفة فاضل من صديقتها نبيلة قنديل كتابة كلمات تعبر عن حزنها وتهديها لأم كل شهيد واختارت نبيلة أن تكتب كلمات أغنية "أم البطل" داخل غرفة الشهيد ابن المطربة شريفة فاضل حيث قالت فى أحد الحوارات التليفزيونية "دخلت نبيلة غرفة ابنى الشهيد، لعدة دقائق، ثم خرجت وفى يدها ورقة بكلمات الأغنية، التى هزتنى بشدة، وشعرت بأنها تعبر عنى بالفعل، وكان زوج نبيلة قنديل، الملحن على إسماعيل، حاضرا معنا، فأخذ الكلمات وتوجه لمنزله، وعاد اليوم التالى بلحن شديد الإتقان، لم أطلب تعديل جملة موسيقية، وفى اليوم الثالث كنت بماسبيرو لتسجيلها، فرحب «بابا شارو»، رئيس الإذاعة وقتها، بالأغنية وأمر بدخولى الأستوديو فورا.
