د. نعمان جلال

تفاعل الدورين الروسى والأمريكى فى السياسة الشرق أوسطية

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الأمور الملفتة للنظر أن موقف روسيا تقليديا اختلف عن موقف القوى الكبرى الأخرى، فلو استرجعنا التاريخ السياسى للمنطقة نجد القوى الاستعمارية الفرنسية والبريطانية عقدت اتفاق سايكس بيكو لتقسيم المنطقة عام 1916م وأصدرت بريطانيا وعد بلفور عام 1917، وعندما قامت الثورة البلشفية فى روسياعام 1917 فضحت هذا التآمر ونشرت اتفاق سايكس بيكو، مما أصاب العرب بصدمة وهم الذين قاموا بثورتهم العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين ضد الدولة العثمانية، وقد قام الأوربيون بخداعه والاتفاق معا لهذا الغرض والمؤامرة الكبرى التى لعب فيها العميل البريطانى المشهور المسمى لورانس العرب دورا بارزا وكان يتودد للشريف حسين ويرتدى الزى العربى التقليدى .

وبعد ما يقرب من مائة عام تكررت الخطة أو إن شئت القول (المؤامرة) بإعلان إنشاء الشرق الأوسط الكبير أو العريض، واستخدم فى ذلك ثلاث نظريات أكاديمية لتحقيق الغرض الأولى نظرية صدام الحضارات والثانية نظرية الفوضى الخلاقة والثالثة نظرية الديمقراطية وحقوق الإنسان وهى تحديث يلائم القرن الحادى والعشرين، مثلما كانت نظرية نشر الحضارة والمدنية هى المفهوم الحديث فى عصر الاستعمار فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وكلها كما يقول المثل العربى أقوال حق أريد بها باطل، وكانت العصا الجديدة، هى إحياء روح ودور لورانس العرب فى شكل القاعدة وداعش المسماة كذبا وزورا بالدولة الإسلامية والخلافة الإسلامية والإسلام أبعد ما يكون عنها، وجاء دور قيصر روسيا الجديد فلاديمير بوتين ليكشف زيف الحرب الغربية بقيادة الولايات المتحدة ضد الارهاب وضد داعش ؛ ليتدخل فى سوريا عسكريا ويعلن صراحة إن هدفه مساندة الرئيس الاسد ثم يقول أن هدف واشنطن إزاحة الأسد وهدف روسيا مساعدته على دحر الإرهاب، الذى هو المخرج الرئيسى من الأزمة السورية واتهم بوتين الغرب باستخدام لعبة مزدوجة مع الإرهابيين فى سوريا، سبق أن استخدمت واشنطن نظرية الاحتواء المزدوج للعراق وإيران وها هى اليوم تستخدم نفس النظرية مقلوبة وهى الاحتضان المزدوج للعراق وإيران، هل هذه خدعة جديدة سوف تكشف الأيام والسنين حقيقة الحرب على الإرهاب التى أعلنت حربا عالمية عليه من الولايات المتحدة وأوروبا ومضت عليها أكثر من عام ونصف ولم تقض على داعش العملاق الذى أصبح قوة عظمى ويرفع راية الإسلام كذبا وزورا ولا يطلق طلقة واحدة ضد إسرائيل ربيبة الولايات المتحدة والتى هى الممثل الأوروبى والأمريكى لضرب العرب استنادا لحقوق تاريخية مزعومة مثل :الحقوق التاريخية المزعومة من دولة جوار تدعى كذبا وزورا أن البحرين كانت جزءا منها بينماهى كانت تحت الاحتلال والسيطرة وعملت على التوسع ضد الأراضى الخليجية والعربية ومن ذلك احتلال الجزر الإماراتية الثلاث وقبلها الساحل الشرقى للخليج العربى وفى عام 1925 تم احتلال لإقليم عربستان وأخيرا رفع شعارات علنية للسيطرة على العرب الشيعة فى الدول العربية فى حين أنها تضطهد العرب الشيعة على أراضيها فى عربستان، أليس ذلك يمثل قمة التناقض الدولى والإقليمى ؟

لا نقول أن روسيا تفضح مؤامرات الغرب فليست روسيا ملاكا أو مبرأة من الأهداف والأغراض فلها مراميها بإنشاء قواعد عسكرية فى المنطقة العربية والسيطرة على اقتصادات المنطقة وأيضا للوصول للمياه الدافئة فضلا عن التنافس الاستراتيجى على قلب العالم " الشرق الأوسط "تحديدا، تطبيقا لنظريات استراتيجية غربية، وفى مقدمتها نظرية الفريد ماهان حول السيطرة على البحار وإن من يسيطر على البحار يسيطر على العالم، ونظرية ماكندر حول قلب العالم والقائلة إن من يسيطر على القلب يسيطر على العالم، وهما نظريتان استفاد منهما الاستعمار البريطانى والنفوذ الأمريكى فى مرحلة لاحقة والآن جاء دور الروس .

إن السياسة الدولية لا تعرف لغة الأخلاق والقيم وإنما تعرف لغة المصالح، وعندما لايدرك العرب قادة وشعوبا ومثقفين ذلك تقع الكارثة كما هى الآن، ويتم تهميش العرب والسيطرة على مواردهم وعلى قراراتهم السياسية، إنه من سخريات القدر الانقسام السائد فى فلسطين المحتلة ما بين حكومة فى رام الله واخرى فى غزة وبينهما خصام شديد وهو نفس ما حدث بين حكم البعث فى سوريا وحكم البعث فى العراق فالبعث السورى كان حليف لإيران والبعث العراقى كان يحاربها، وكذلك بين دول عديدة فى مشرق العالم العربى وفى مغربه، ونقول للشعوب والقيادات العربية متى تدركون لعبة السياسة الدولية حقيقتها ومتى تغلبون المصلحة الوطنية والقومية على المصالح الشخصية والبقاء فى السلطة مثلما يفعل بشار الاسد حتى لو دمر شعبه كاملا وهو نفس ما تفعله احزاب سياسية دينية حيث أشعلت تلك القوى السياسية المتاسلمة والطامعة للاستيلاء على السلطة حرائق فى أوطانها ونشرت فيها الفساد ،هل كان هذا هو إسلام محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ؟ أم أن هذه فتنة ابتكرها المسلمون المعاصرون المسيسون لتغطية طموحاتهم ودورهم المشبوه منذ نشأة حركاتهم المرتبطة بالإسلام السياسى من قبل أجهزة الاستخبارات الدولية مع بداية القرن الحادى والعشرين بل وقبل ذلك بكثير وهؤلاء هم أكثر الناس جهلا بالإسلام من حيث الفكر والثقافة ولكن سادتهم ومراكز أبحاثهم تبتكر لهم الشعارات الجذابة والخادعة للشعوب الفقيرة والبائسة والمتخلفة والمغلوبة على أمرها ،

ونتساءل متى ستفيق شعوبنا ؟ ومتى يدرك مثقفونا حجم الكارثة التى يساهمون فيها بوعى أو بغير وعى والتى تنساق إليها قوى وقيادات شعبية مسيسة؟ أين نحن من وعى رفاعة رافع الطهطاوى والشيخ الشرقاوى وعمر مكرم والشيخ محمد عبده وطه حسين والعقاد وأحمد لطفى السيد زلويس عوض وسلامة موسى وغيرهم من المفكرين المصريين ومن فكر محمد جابر الأنصارى ذلك الفكر المستنير ،بل من فلسفات ابن رشد وابن خلدون ومن وعى وإدراك الخلفاء الراشدين الأربعة لحجم المؤامرة ضد الإسلام الوليد ولذلك كانوا ضدها يقفون بقوة وصلابة كالبنيان المرصوص وقضوا على الفتنة فى مهدها ولكنها عادة بعد بضع سنين واشعلت شرارة الانقسام الاسلامى حول مفهوم الامامة والخلافة ونحو ذلك وعندما انتهت مدة الخلفاء الراشدين وسيطر فى بلاد الإسلام الحكم العضوض المستبد الذى يعتمد على الطموحات السياسية فى الدولة الأموية ،وقد اقام أبو مسلم الخراسانى الفارسى الدولة العباسية باسم العباسيين نسبة إلى أبناء عمومة النبى عليه الصلاة والسلام والذين كان أول خليفة منهم يسمى أبو عبد الله السفاح من كثرة إراقته للدماء من مختلف الفئات الاسلامية وأول من اضطدهم هم العلويون من شلابىة ابن عمه على بن أبى طالب حتى قال قائلهم:

ياليت ملك بنى أمية دام لنا وياليت ملك بنى العباس ما كان .


وهكذا السياسة لا تعرف الاخ ولا الصديق ولا القريب وتحالف قبائل فارسية مع العباسيين ضد غيرهم من المسلمين وتألق حكمهم ثم انقلبوا على البرامكة فيما عرف بنكبة البرامكة وهكذا كان طلاب السلطة أو أصحاب الدسائس ضد العرب وضد الإسلام السمح المعتدل العقلاني. ومن هنا برزت الحركات المتطرفة فى الاسلام وتعدد الاراء الفقهية وظهر علم الكلام بل إن المعتزلة الذى نتحدث عن حرصهم على إعلاء مكانة العفل عندما اخذ الحليفة المامون العباسى بارائهم ومنحهم سلطات فاضطهدوا مخالفيهم وحكم بالحبس على الفقيه احمد بن حنبل عندما رفض القول بأن القرآن مخلوق .

وللأسف فإن الوعى العربى والإسلامى الان أصبح مغيبا، وأصبح بأسنا بيننا شديدا وأصبحنا رحمة على الأعداء نقمة على الإخوة والاقارب وللعجب العجاب أن يظهر المثل العرب بان الاقارب عقارب، ولعلنا نتذكر تلك الرواية المشهورة الاخوة كارا مازوف للاديب الروسيفيودور دوستويفسكي،أو لعلنا نتذكر أيضا قصة قابيل وهابيل وما فعله الأخ بأخيه

وهكذا قال الشاعر العربى بيت الشعر المشهور :


وظلم ذوى القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.
ونتساءل أين هؤلاء المتأسلمون وأفعالهم البغيضة من تدمير أوطانهم وديارهم وإشعال الحرائق والفتن فى بلادهم وبين شعوبهم وطوائفهم من قول الرسول الكريم كما رواه البخارى ومسلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه " إنهم يقتلون ويشتمون ويروجون الأكاذيب فهل هؤلاء مسلمون ؟ بنص حديث الرسول كلا وألف كلا. ولا حول ولا قوة الا الله العلى العظيم .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة