طه أمين يكتب: طريق المستقبل.. وظبط الزوايا المطلوب

الجمعة، 23 أكتوبر 2015 06:12 م
طه أمين يكتب: طريق المستقبل.. وظبط الزوايا المطلوب وسائل مواصلات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحتاج الشعوب للسير على طريق المستقبل إلى الكثير من التفكير والتدقيق فيما تتخذه من خطط وخطوات نحو المستقبل.. وغنى عن الذكر إن أول مايحتاجه شعب للنهوض والسير على طريق المستقبل هو دفعة من الأمل الذى يمنحه القوة والطاقة لتحديد الهدف، والسير إليه فبدون طاقة الأمل- الذى هو إكسير الحياة - لا يمكن لمخلوق أن يقف على قدميه.. فلابد أن تصدق حلمك كى تحققه.. وذلك يتأتى بالأمل فى الوصول إليه على سبيل التأكد واليقين.

لكن أخوف ما يخشاه العاقل على شعب - يحاول النهوض من عثرته - هو الإسراف فى الأحلام المبنية على قدر كبير من الرغبة فى الهروب من الواقع وليس تغيره.. وأرى أن شعبنا يكاد يسقط فى تلك الهاوية المخادعة.. فبعد خمس سنوات من القلق والتوتر وعدم وضوح الرؤيا.. وبعد زمن من الخلافات والصراعات التى طالت حتى أفراد الأسرة الواحدة.. بعد كل ذلك أصبح المصريون فى حاجة إلى كثير من الهدوء الذى بلغ حد الرغبة فى الهروب من واقع نعلم جميعا مدى تشوهه.. وأصبح الجميع فى حاجة للهروب نحو أوهام العجز المغلفة بمصطلحات مثل: الأمل والتفاؤل.. النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب.. خلع النظارة السوداء.. الثقة المطلقة فى الدولة.. كل ذلك جعل منا فى النهاية مجموعة من المذعورين الذين يخشون أى تفكير أو إنتقاد أو مناقشة أو طرح أسئلة.. لتفقد الجماهير بوصلة ضبط المصطلح.. ليصبح الأمل مرادفاً لإغماض العين عن كل عيب يمكن إصلاحه إذا ماتنبهنا إليه.. ويصبح التشاؤم هو كل محاولة للتنبيه لخطأ يحتاج إلى إصلاح أو مناقشة.. وتصبح المتابعة وطرح التساؤلات نوعا من "ثقل الدم" وربما تصل إلى حد الاتهامات بعدم الثقة فى الدولة.. أو يتمادى المتحدث باتهام صاحب التساؤل بكراهية الوطن والرغبة فى تشويهه أو تعمد نشر الإحباط بين بنيه.

إن هذا التشوش الواضح فى رؤية الكثير من المواطنين المصريين، يجعل الوصول إلى تحديد الهدف المستقبلى أمرا مستحيلاً.. فالخوف والذعر من مجرد طرح الأفكار ومناقشتها لا يحرك عجلة التاريخ قيد أنملة.. بل يزيد الطين بلة بخلق حالة من الشقاق والخلافات والكراهية بعد أن ينقسم المجتمع إلى فريقين: فريق يرى أن الإنتقاد والتساؤل- من داخل دائرة الوطن والحفاظ على الدولة المتماسكة- هو أول الطريق نحو المستقبل.. وفريق آخر يرى أن خير ما نفعله من أجل الوطن هو الصمت عن كل عيب على طريقة (اكفى عالخبر ماجور).. والتصديق الكامل لكل ماتطرحه الدولة من تصورات من منطلق الثقة التى لا تهتز فيها.

إن الأمل فى حد ذاته ليس حالة نفسية تتصاعد حتى الوصول إلى الهيستيريا، وانما هو طريق يسلكه الإنسان بين نقطتين: نقطة انطلاق هى واقع تمت دراسته وتدقيق مفرداته بإيجابياته وسلبياته.. وبين نقطة الوصول إلى المستقبل المحدد الأهداف والمصالح.. فإذا فقد الإنسان إدراك الواقع وتحديد المستقبل، يصبح الأمل بالنسبة له حالة انتشاء يدخلها لينسي آلام الواقع الذى فقد القدرة على إدراك مفرداته، وينسى حقيقة المستقبل الذى يعجز عن الوصول إليه.. إن الطريق للمستقبل يحتاج إلى الكثير من ضبط المصطلحات وتأصيلها، للوصول إلى صيغة متفق عليها للتقدم نحو الأمام بأعين مفتوحة مبصرة.. حتى لا يصبح السائرون فى طريق المستقبل كالسيارة التى تفقد الهدف لأنها تحتاج إلى "ظبط زوايا".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة