موسم الرشاوى الانتخابية.. السماسرة يحشدون الأصوات والأسعار تبدأ من 50 جنيها فى السيدة زينب.. وتصل إلى 200 جنيه فى الدقى.. المرشحون يستقطبون البسطاء مقابل استخراج "بطاقة"

الإثنين، 12 أكتوبر 2015 10:12 ص
موسم الرشاوى الانتخابية.. السماسرة يحشدون الأصوات والأسعار تبدأ من 50 جنيها فى السيدة زينب.. وتصل إلى 200 جنيه فى الدقى.. المرشحون يستقطبون البسطاء مقابل استخراج "بطاقة" الرشاوى الانتخابية - أرشيفية
كتبت صفاء عاشور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتزامن موسم الدعاية الانتخابية، مع ظهور الرشاوى وشراء الأصوات، التى تهدف إلى توسيع القاعدة الشعبية، والحشد وراء مرشح بعينه، فى مخالفة لقرارات اللجنة العليا للانتخابات، التى أكدت تعرض المرشح الذى يسعى لتقديم الرشاوى لشراء الأصوات، إلى عقوبة تصل إلى السجن لثلاث سنوات، أو غرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه، وهو الأمر الذى يتجاهله عشرات المرشحين، مقابل حلم الفوز بمقعد بالبرلمان.

وتختلف قيمة الرشاوى من دائرة لأخرى، ومن مرشح لأخر، فلا تقتصر فقط على عرض مبلغ مادى مقابل شراء الأصوات، بل تمتد لتشمل وعودا، بتغير احوال المنطقة، وهى وعود غالبا ما يتم نسيانها، أو إنكارها، بمجرد فوز المرشح بمقعده، يضاف إلى ما سبق، استغلال الدعاية الدينية، ورشوة الناخب بالاقتراب من الجنة، فى حالة انتخاب مرشح بعينة.

"اليوم السابع" تجولت بـ5 مناطق، هى السيدة زينب وعزبة علام والمساكن الاقتصادية بحلوان والصف واطفيح، ورصدت مظاهر الرشاوى الانتخابية، وشراء الأصوات، التى تبدأ بالتلاعب بأحلام البسطاء واستغلال الدين فى الدعاية، وتصل إلى 50 جنيها، مقابل الصوت الواحد وقد ترتفع فى عدد من المناطق لتصل إلى 200 جنيه.

تخفيضات السماسرة


ظلت دائرة السيدة زينب خلال السنوات التى سبقت قيام ثورة 25 من يناير، حكرا على أحد رموز الحزب الوطنى، ونظام الرئيس السابق، محمد حسنى مبارك، وهو الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، الذى كان دائما ما يفوز بمقعد الفئات بالدائرة دون منازع، ورغم ذلك، كان سماسرة الانتخابات يستغلون فترة الانتخابات البرلمانية، للاتفاق على شراء الأصوات، خاصة بعد قيام الثورة.

وتشهد الدائرة خلال الانتخابات البرلمانية الحالية تنافس ما يقرب من 13 مرشحا، تختلف اتجاهاتهم السياسية، ولا يتمتع أى منهم بالشعبية الغامرة للنائب الدكتور سرور، نائب الدائرة السابق، من هنا نشط سماسرة الأصوات من جديد، وسعوا للوصول إلى أنصار المرشحين، وإقناعهم بإمضاء توكيلات، لجمع أكبر عدد ممكن من الأصوات، مقابل عمولة متفق عليها.

فى أحد الشوارع الداخلية بمنطقة السيدة زينب، التقت محررة اليوم السابع "بأم سلمى"، أحد سماسرة الأصوات بالمنطقة، والتى وعدت بجمع 50 صوتا كدفعة أولى، من منطقة تل العقارب، إحدى المناطق العشوائية بالدائرة، والتى تصنف وفقا لجهاز تنمية العشوائيات كمنطقة خطرة، يستوجب إزالتها، حفاظا على أرواح السكان.

تقول "أم سلمى" أن أهالى تلك المنطقة "غلابة"، ويمكن أن يرضوا ببيع أصواتهم مقابل 50 جنيها، وهو مبلغ عادة ما يمثل عبئا ماديا على المرشح، خاصة أن تسعيرة الصوت فى دوائر أخرى زادت عن ذلك المبلغ بكثر، إلا أنها ستكتفى بالالتزام بتعريفة شراء الصوت تلك، التى تعود للانتخابات السابقة، وذلك كسرا لمنافسة السماسرة الآخرين، ومراعاة لحال المرشحين.

لم يختلف الحال كثيرا بالنسبة لأهالى منطقة عزبة "أولاد علام"، التابعة لدائرة الدقى، إحدى دوائر المرحلة الأولى من الانتخابات، والتى تعد منطقة عشوائية وسط الحى الراقى، وكثيرا ما يلجأ اليها المرشحون، لشراء أصوات أهالى المنطقة، بمبالغ تصل إلى 200 جنيه للصوت الواحد، كما أكدت أم محمد، أحد قاطنى المنطقة.

ويمكن التمييز بين نوعين من أهالى عزبة أبو سلام، أولهما أهالى المنطقة، الذين توارثوا منازلهم عن أجدادهم، وهؤلاء فى الغالب يرفضون الرشاوى، ويمكن جذبهم عن طريق الاستعانة بأحد شيوخ المنطقة، ممن يتمتعون بسمعة جيدة، كما يؤكد الحج سلامة عبد اللطيف، عضو المجلس المحلى السابق.

هناك أيضا طبقة من النازحين من محافظات الصعيد، لجئوا إلى المنطقة للعيش بها، بسبب طبيعتها العشوائية، وعدم طرح العديد من الأسئلة من قبل أصحاب المنازل، وهؤلاء يجد فيهم سماسرة الانتخابات، فرصة لضمهم إلى كتلة الأصوات الخاصة لأى مرشح، مقابل 200 جنيه للصوت الواحد، وهو سعر مرتفع نسبيا، مقارنة بالدوائر الأخرى، وربما يرجع ذلك إلى قلة المناطق العشوائية بدائرة الدقى، وزيادة أعداد الأصوات بعزبة علام، والتى تصل إلى ألف صوت.

وقد تم رصد نوعين آخرين من الرشاوى الانتخابية بالعزبة، بجانب شراء الأصوات، تمثلا فى تجديد البطاقات لأهالى المنطقة، أو استخراجها بشكل كامل، وذلك بالاستعانة بمكتب استخراج البطاقات، التابع لأحد النوادى الشهيرة، بمنطقة الدقى، والمخصص فى الأساس لاستخراج بطاقات الهوية الخاصة برواد النادى.

التلاعب بالأحلام


أمر آخر يستخدمه المرشحون للتلاعب بأحلام البسطاء من أهالى عزبة علام، وهو إغراق الأهالى بوعود، خاصة بتوفير شقق بالمحافظة لهم كبديل عن شققهم التى صدر لها قرار إزالة بعد أحداث زلزال عام 92، أى منذ ما يقرب من 23 عاما، ومازال عدد من الأهالى، يحتفظون بأوراق رسمية، تؤكد أحقية حصولهم على إحدى شقق المحافظة، منذ ذلك الحين.

وفى منطقة المساكن الاقتصادية بحلوان، كان هناك نوع آخر من الرشاوى، يتمثل فى الدعاية الدينية بالمساجد، فالمنطقة التى كانت فيما سبق رمز للنضال العمالى، تحولت إلى مناطق عشوائية، تسودها البطالة، وعدم وجود فرص عمل لأجيال الشباب، جنبا إلى جنب، مع التطرف الدينى، الذى تسلل إلى أهالى المنطقة، بسبب الخدمات التى وفرها تيار الإسلامى السياسى لسنوات مضت لأهالى الدائرة، فى ظل غياب خدمات حكومية شبيهة.

المساجد والمراكز الطبية التابعة لها، إضافة إلى الجمعيات الخيرية، كانت تستغل خلال الانتخابات الماضية، للدعاية لمرشحى الانتخابات البرلمانية، ممن ينتمون إلى تيار الإسلام السياسى، ورغم سيطرة وزارتى التضامن والأوقاف، على الاوضاع بتلك الأماكن، وتعين مسئولين تابعين لهما، إلا أن جماعات الإسلام السياسى بتلك الأماكن، مازالت تعمل على توجيه رأى أهالى الدائرة.

دعاية دينية


خلال الانتخابات البرلمانية التى تلت قيام الثورة المصرية، استغل تيار الإسلام السياسى، الاهالى بتلك المنطقة، لحشدهم فى اتوبيسات تتبعهم، لضمان تصويت الجماعى لهم، كما أكد لنا أحد الأهالى، حيث كانت العربات تنقل الناخب إلى أماكن الاقتراع، وخلال الطريق كان انصار المرشحين الإسلاميين، يرددون الاناشيد الدينية، لإشعال حماسة الأهالى، ودفعهم للتصويت لصالح مرشحهم.

وفى دائرة الصف، التابعة لمحافظة الجيزة، يسيطر النظام القبلى، على العديد من قرى الدائرة، حيث العائلات، توجه أفرادها للتصويت لصالح مرشح بعينة، أو تقوم بالدفع بأحد أفرادها فى السباق البرلمانى، وتعمل على دفع أبناء العائلة، للدعاية والتصويت له، وكلما كانت العائلة تتمتع بنفوذ قوى، كلما تشجع الأهالى على التصويت لهم.

ومع ذلك نجد أن بعض القرى بدائرة الصف، لا تتمتع بسطوة ايا من العائلات الشهيرة، حيث يسكن تلك المناطق العرب، الذين تقترب حياتهم من البداوة، ويمتازون بتسيير الأمور فيما بينهم، بالنظام العرفى، بعيدا عن القوانين العامة، وأكبر مثال على ذلك منطقة عرب أبو مساعد، التى يرفض أهلها التصويت لمرشح، وإن تمتع بتزكية إحدى العائلات له، إذ أنهم عادة ما ينتظرون من المرشح وعودا مادية قبل الفوز بالمقعد وبعده، وخاصة أن تلك المناطق تعانى من البطالة والعمالة غير المنتظمة، ولجوء عدد غير قليل منهم للإعمال غير المشروعة، كورش بير السلم لتصنيع الاسلحة البدائية وغيرها.

النظام العائلى يفرض سيطرته بشكل واضح أيضا، فى قرى مركز إطفيح، التى تعد بداية الطريق إلى صعيد مصر، من حيث العادات والتقاليد، وانتشار الثأر لأجيال متتالية، الأمر الذى يدفع الأهالى إلى انتخاب المرشح المنتمى لأكثر العائلات نفوذا، آملين فى الحد من تلك الظاهرة المسيطرة على حياة الناس.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة