هانى عثمان يكتب..القوى السياسية تغيب عن الشارع فى غرف التحالفات المغلقة.. والتيار الديمقراطى يمنح غطاءً سياسيا لحركات "حرب اللاعنف".. و"الوفد المصرى" و"الجبهة" يدعمان السلطة بـ"الكلام" من أجل "النواب"

الأحد، 28 سبتمبر 2014 03:27 ص
هانى عثمان يكتب..القوى السياسية تغيب عن الشارع فى غرف التحالفات المغلقة.. والتيار الديمقراطى يمنح غطاءً سياسيا لحركات "حرب اللاعنف".. و"الوفد المصرى" و"الجبهة" يدعمان السلطة بـ"الكلام" من أجل "النواب" اجتماع حزبى - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصيب المواطن فى الشارع بحالة أشبه باللامبالاة على الصعيد السياسى، وفقد شهيته، إلا قليلا، فى متابعة تحركات القوى السياسية أو دعمها بأى طريقة، كما فعل فى السنوات الماضية، بعدما أصبح النمط الشخصى للمواطنين البسطاء يندرج حسب تصنيفات أهل علم النفس تحت ما يسمى بالنمط البصرى، الذى يبحث عن الصدق فيما يرى أكثر من بحثه عنه فيما يسمع، أصبح أكثر وعيا ودراية بقضيته وهى رؤية واقعه يتغير، ولا يميل كما كان إلى الخطب الرنانة والكلمات الحماسية التى لا تغنى ولا تشفى، "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب".

المشهد السياسى أصبح أكثر تعقيدا مما كان عليه خلال السنوات القليلة الماضية، بانقسام القوى الوطنية على نفسها لتمثل أربعة معسكرات، أو خنادق- إذا جاز التعبير- الأول تقبع فيه السلطة محتمية بدعم الشارع لها وعدم اعتراضه على قرارتها وتلبية ندائها كما حدث عندما تم رفع الأسعار أو خروج المليارات من "تحت البلاطة" لشراء شهادات الاستثمار فى مشروع قناة السويس الجديدة، هذا الشارع ينتظر صابرا على ما يعانيه من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، يأمل ويطمح فى غد أفضل ووطن أكثر تقدما وتحضرا.

ومعسكر آخر يقبع فى تحالف "التيار المدنى الديمقراطى" الذى يتواجد بداخلة حمدين صباحى المرشح الرئاسى السابق، يبحث عن حراك فى الشارع فى إطار اتباع كل الوسائل السلمية المتاحة، مانحا الغطاء السياسى لبعض الحركات التى تتبع سياسات ما يسمى بحرب اللاعنف من خلال تدشين الحملات المستمرة لتغيير الواقع بطريقة تجعلها اقرب للمواطن البسيط، لسحب سجادة رضاه عن السلطة دون أن يشعر لتحقق هدفها- المشروع حتى الآن- بتحقيق الأغلبية فى البرلمان القادم، وذلك يحدث من خلال نزول أعضائها إلى العشوائيات فى صورة حملات وندوات توعية وتثقيفية وخدمية بأقل الإمكانات، وتجسد هذا المعسكر فى أقوى صورة له مؤخرا وهى معركة الأمعاء الخاوية التى طالبت بالإفراج عن كل المسجونين فى قضايا الرأى وتعديل قانون التظاهر، وفى صورة أخرى تجسد فى حملتى "بورتو الشعب" و"الحرية للجدعان".

وفى المشهد السياسى حاليا فصيل آخر، يحاول التودد إلى الشارع على استحياء متمسحا فى السلطة- إن جاز التعبير- هو الفصيل الذى يبحث عن الاستعداد القوى ووضع التكتيكات والتنسيق فيما بينه أو مع الفصائل الأخرى إذا تلاقت المصالح من أجل شىء واحد فقط، هو حصد أغلبية البرلمان القادم، راصدا لمعركته الانتخابية الملايين من الجنيهات، منظما بعض الندوات هنا أو هناك، مستعينا فى معركته بكل ما هو متاح أمامه حتى وصل به الحال إلى انتقاء أفضل العناصر التى يمكن أن تستعيد وعيها فى الشارع من أعضاء الحزب الوطنى المنحل، مبررا ذلك أن هؤلاء لا يواجهون تهما تمنعهم من مواصلة عملهم السياسى، متجسدا فى صورة تحالفين انتخابين هما "الوفد المصرى" و"ائتلاف الجبهة المصرية"، حيث لا يشغل هؤلاء أى شىء فى المرحلة الحالية إلا التنسيق للانتخابات البرلمانية والظهور فى صورة الداعم المستمر للسلطة الحالية، ولا ترى أعينهم أى خطأ يقع منها، علما بأن الدعم بـ"الكلام" وليس بتقديم الخدمات للمواطنين أو إقامة المشروعات أو غيره.

والفصيل الرابع فى المشهد السياسى الداخلى حاليا هو تيار اليمين الدينى الذى يتزعمه حزب النور السلفى، يقبع هادئا فى خندقه، منفذا تكتيكا أكثر وعيا مما يتبعه أهل المال الذين يعتمدون على الأموال والعصبيات على طريقة النظام القديم، حزب النور ومن يتعاون معهم بتنسيق غير معلن يتواجد بقوة فى المحافظات والقرى والنجوع، مستغلا الفراغ الذى أحدثه غياب جماعة الإخوان "المحظورة" عن المشهد، متلمسا مكانها، خاصة أنه لا يطلق التصريحات الحماسية بأنه يبحث عن أغلبية البرلمان القادم بل البحث عن عدد مرضى من المقاعد، غير منشغلا بمحاولات البعض استدراجه لمعارك كلامية قد تفقده رصيدا مما جناه فى الشارع الذى يحاول التقرب منه فى ظروف غاية الصعوبة فى ظل حالة الرفض الموجودة بين المواطنين البسطاء لمحاولة إدخال الدين فى السياسة، بعدما ذاقوا الأمرين على يد الإخوان الذين تلاشوا فى المجتمع ظاهريا، لأن العقل يؤكد أن لهم مرشحيهم فى الانتخابات القادمة، وإن كانوا غير معلنين للعامة عن انتمائهم كما كانوا يفعلون فى الماضى، فهم يجيدون التنكر فى أكثر من صورة.

وفى النهاية كلمة.. المواطن فى الشارع ليس ساذجا كما يتصوره البعض، وأصبح قادرا على انتقاء الأفضل بعدما عانى الأمرين فى السنوات الأخيرة من جوع وفقر وغياب الأمن، لكن العيب كل العيب أن يتم استغلال وضعه المذرى لتحقيق مكاسب سياسية، لذا يمكن الجزم أن الشارع يعلم كل العلم بما يدور فى غرف السياسيين المغلقة ويدرك جيدا أن المعركة على كسب رضاه وتايده، لكن الأساليب والطرق مختلفة، وهذا ما يحتم على القوى السياسية أن تعمل من أجله لتكسب ثقته، وعلى الجميع اتباع المصارحة والمكاشفة لنكون فى خندق واحد ورجال معسكر واحد يهدف إلى مصر الجديدة، التى تحارب الإرهاب وتبنى مجدها بيد قوية ورجال أوفياء لوطنهم








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة