مارينا فارس تكتب: حصة فى أولى ابتدائى

الأحد، 14 ديسمبر 2014 04:07 م
مارينا فارس تكتب: حصة فى أولى ابتدائى فصل أول ابتدائى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاودتنى ذكرى مدرستى، لم يمض وقت طويل، منذ أربعة أعوام فقط، كنت أطير وراء أفكارى من نافذة الفصل التى تنفتح على سماء زرقاء واسعة جدا تكفى لأزرعها بالأحلام.

لولعى بالكتب، أول ما جال بخاطرى عند الدخول إلى المدرسة هى المكتبة. الآن يمكنننى أن أقضى وقتا أطول، أغرق فى محتويات المكتبة، فأنا الآن مدرسة، حتى وإن كنت تحت التدريب لكن أصبح بوسعى بعض الحرية للتجول فى المدرسة.. يمكننى المكوث فى المكتبة دون أن يلسعنى صوت الجرس ويجعلنى أترك الكتاب من يدى وأركض إلى فصلى.. كانت مكتبة مدرستى جميلة رغم صغرها.. استعرت منها كتابًا ليوسف إدريس الذى أدمنت قصصه القصيرة فيما بعد، على قدر روعتها كانت مهملة، لم يعبأ بها الكثير من الطلاب، كانت أكبر متعة بالنسبة لى أن أجلس فى المكتبة بين رائحة الكتب، حتى ولو لم اقرأ كتابًا فرؤية رفوف الكتب تسعدنى.

تجولت فى الفناء، تذكرت فناء مدرستى، كنت آراه آخر الدنيا، كان قلبى يرفرف من التعب حين كنت أقطعه ركضا، لكننى اكتشفت الآن أنه لم يكن واسعًا إلى هذا الحد.

كنت صغيرة لكن كانت أحلامى كبيرة، أكبر من فناء المدرسة، ذلك الممر كنت آراه ممتدا إلى ما لانهاية كان السور يفوق قامتى، كنت أحلم أن يزداد طولى يومًا ما بضعة سنتيمترات كى أستطيع أن أنظر إلى الفناء الممتلئ معظم الوقت بأولاد يركلون الكرة بجنون.

حصة فى الصف الأول الابتدائى فعلت بى الكثير.. انقسم الفصل إلى نصفين البنات حولى أما البنين فلا يكفون عن الصراخ وركل بعضهم البعض، شاركتهم ألعابهم وأغنياتهم، فشعرت أنى عدت مثلهم حين كانت أصابعى تكفى لعد سنوات عمرى، أحيا فى ذلك العالم الذى يعترف بالأحلام كعملة نقدية، ويعتبر الغيوم وسيلة مواصلات، فخورة بحقيبتى الصغيرة وقلمى الرصاصن حين تعلمت أن أكتب الرقم داخل المربع الصغير، وأعد السطور التسعة فى دفترى الملون، كنت أحلم أن أكتب بقلم حبر أزرق مثل الكبار، لأكتب أشياء لا تقوى ممحاة على إزالتها، كنت أعتقد أن أكبر حادث مؤسف بالنسبة لى هو أنى أنسى جدول الضرب الذى أفشل فى حفظه حتى الآن.

رغم حبى لمدرستى إلا أن بابها المغلق كان يزعجنى.. كنت أحب المدرسة لكنى كنت أكره بابها المغلق. أكره أن أغلق باب الأسئلة، وأحبس آرائى وأفكارى.. الآن وأنا على وشك الانخراط فى العمل كمدرسة، أخشى أن أصنع أبوابا أخرى لعقول هؤلاء الأطفال. أن أغلق نوافذ الفصل حتى لا يهرب خيالهم بعيدًا عن السبورة وأزرع عقولهم فى سطور الكتاب المدرسى !!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة