فى ذكرى افتتاح الأوبرا الخديوية..

إسماعيل يفتتح أوبرا القاهرة .. والمصريون تائهون فى صحراء السويس

السبت، 01 نوفمبر 2014 04:16 م
إسماعيل يفتتح أوبرا القاهرة .. والمصريون تائهون فى صحراء السويس لوحة تعبر عن حفل الافتتاح
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما كان أجدادنا يزيحون تلال الرمال التى لا تنتهى فى قناة السويس، حيث يقيمون ويموتون ويدفنون فى أى مكان على جانبى القناة، وربما فى قلب القناة ذاتها، كان الخديو الحالم يفكر كيف سيكون حفل الافتتاح المهيب الذى سيتحدث عنه العالم أجمع، لم يهتم بالتكلفة ولا كيف ستكون خزانة الدولة عاجزة عن السداد وغير قادرة على الصمود.. حيث شعر بخدر من الموسيقى الراقية التى تتسل إلى أذنيه وهو يقف فى شرفة قصره يفكر فى حديث ملوك أوروبا خاصة الأمبراطورة أوجينى عنه وعن إحساسه بالجمال، كان ينتظر بشغف قولها: " لم أر فى حياتى أجمل ولا أروع من هذا الحفل الشرفى العظيم".

وبينما كان الصبر هو كل الذى يملكه المصريون الذين بعدت الشقة بينهم وبين قراهم، يتذكرون جلبهم مربوطين بالحبال ليحفروا هذه الترعة التى ربما كان معظمهم لا يعرف مكانها وهل هى فى مصر أم أنها فى بر الشام.. كان الخديو قد وجد ضالته فى "الأوبرا" الفن الغربى الساحر الذى بالتأكيد سيترك انطباعا قويا لدى السادة الأوربيين ويعكس مدى تحضر الخديو ومدى تحضر مصر التى قاد تقدمها الجد (محمد على) بأساليب علمية وعسكرية.. وسيعرفون أنها أيضا تصلح أن تكون موطنا للفنون الراقية وتصلح أن تكون فرنسا الشرق.. هكذا فكر الخديو ولم يلق نظرة للبعيد حيث (الشعب الحقيقى) الذى لا يجد قوت يومه، وبالتأكيد لم يسمع أنات المعذبين فى حفر القناة.

وبينما نسى أجدادنا الفقراء الطرق المؤدية إلى أكواخهم البسيطة فى قراهم النائية .. كان اختيار الخديو قد وقع على الموسيقى الإيطالى العبقرى (فيردى) الذى وعده بكتابة "أوبرا عايدة" وأنها ستكون أيقونة الاحتفال فى افتتاح الأوبرا المصرية.

وبينما كان أجدادنا يسمعون صوت تنفسهم الخشن جراء العمل أو المرض.. كان الخديو يتخيل كم التصفيق الذى سيصم آذان الموجودين فى حفل الافتتاح.

وعندما خذل "فيردى" الخديو نوعا ما ولم ينته من أوبرا عايدة وتم عزف "معزوفة ريجوليتو".. خذل إسماعيل أجدادنا الفقراء فلم نجد واحدا ممن حفروا القناة مدعوًا إلى حفل الافتتاح.

ومع ذلك عندما كانت المياه المالحة تمر على قبور "المصريين " فى القناة .. كانت تعلو وجه الخديو ابتسامة ما.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة