أسرار سوق "الغلابة" داخل الشوادر والمجمعات الاستهلاكية

الإثنين، 14 أكتوبر 2013 02:40 م
أسرار سوق "الغلابة" داخل الشوادر والمجمعات الاستهلاكية شوادر اللحمة
كتبت إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بـ45 جنيها للكندوز.. 38 جنيها للضأن.. بخط واضح تواجهك على شوادر اللحوم المتناثرة فى الشوارع المكتظة بالباحثين عن "كيلو لحمة" بأسعار مخفضة، لا يحتاج صاحب الشادر للترويج أو المناقشة أمام طلبات الزبائن اللذين انجذبوا للسعر دون السؤال عن سر الأسعار المنخفضة بشكل ملحوظ أمام الأسعار المتعارف عليها للحوم فى محلات الجزارة والمذبح التى لا تتماشى مع إمكانيات "الغلابة" اللذين وجدوا لأنفسهم سوقاً أخرى "للحمة الرخيصة" مجهولة المصدر، لم ينظر أحدهم لنوعها أو مصدرها، ولم يدقق أحد الزبائن فى ختم الحكومة الذى اختفت معالمه على اللحوم ذات الأسعار المنخفضة التى لم تترك مجالاً للنقاش عن جودتها أو صلاحيتها للأكل، وبقى الجانب الأهم هو "كيلو لحمة على قد الأيد واللى يحصل يحصل".

هكذا هو حال سوق اللحوم منخفضة الأسعار التى تفسح مجالاً للحديث عن سر انخفاض أسعارها فى ظل ارتفاع أسعار كيلو اللحم فى الأسواق العادية، ليتجاوز الـ75 جنيها فى أفضل الأحيان، بينما لا تتجاوز الـ55 جنيها فى شوادر اللحوم وأكشاك المجمعات الاستهلاكية، فضلاً عن أسواق اللحوم المجمدة التى تنخفض أسعارها إلى 25 جنيها فى بعض الأحيان، وبداية البحث كانت بين أعمدة الشوادر المنصوبة فى الشوارع معلنة عن كيلو لحمة بأسعار مخفضة للغلابة، بداية من 38 جنيها، وحتى 65 جنيها للكيلو تستطيع توفير أكلة لحمة مع دخول عيد الأضحى كما يؤكد "محمد عباس" صاحب أحد الشوادر المتناثرة بمنطقة أبو الريش بالسيدة زينب، على جدران الشادر علق اللافتات الجاذبة للزبون معلنة عن تحطيم أسعار السوق، 45 جنيها لكيلو اللحم الكندور و38 جنيها للضأن، هى التسعيرة التى علقها "محمد" على واجهة الشادر مستعداً لمزيد من الفصال للانتهاء من الكمية التى خصصها للعيد، ويقول "محمد"، "اللحمة مالهاش تسعيرة، الجزارين هما اللى بيحددوا سعر اللحمة، غالباً بتبقى اللحمة الرخيصة من عجل كبير فى السن، وطبعاً ده بتبقى لحمته مش زى اللحمة الصغيرة وبتاخد وقت فى السوا".

عن أسباب انخفاض أسعار اللحوم فى الشوادر يشرح "عباس" قائلاً: الشوادر تختلف عن محلات الجزارة، "الجزار ده سوق وليه زبونه، أما الشادر فهو سبوبة فى المواسم بينزل السوق بكمية معينة وبيبقى همه يخلصها، وعارف هو بيبيع لمين، زبون الشادر هو الزبون الغلبان اللى بيدور على سعر حنين، غير محل الجزار اللى زبونه معتمد عليه".

خلف سر انخفاض الأسعار فى أسواق اللحوم تستقر مجموعة من التفاصيل الهامة التى يكشف عنها الدكتور "عادل موسى" طبيب بيطرى ومدير مجازر محافظة كفر الشيخ سابقاً، محللاً سر انخفاض أسعار اللحوم إلى عدة أسباب، يبدأها بما يعرف بالـ"ذبح الاضطرارى" داخل المجازر بموجب قانون تفتيش اللحوم الذى يقضى بذبح الحيوان المصاب خوفاً من نفوقه.

تفاصيل الذبح "الاضطرارى" والذبح "البرانى" يشرحها "موسى" قائلاً: الذبح الاضطرارى هو ذبح الحيوان المصاب قبل نفوقه، وهو ما يعرضها بأسعار منخفضة جداً فى السوق تحت ختم "العوارض" باللون الأزرق بعد تقديم أسباب ذبحها اضطراريا وتحرير محضر، ثم ختمها بختم العوارض.

يكمل"موسى": الذبح الاضطرارى بالنسبة لبعض التجار والجزارين يمثل جانبا كبيرا من تجارة اللحوم التى يختص بها فئة معينة من التجار التى تتداول اللحوم المذبوحة اضطرارياً كسلعة أرخص، يتم تزوير أختامها فى بعض الأحيان بأختام مشابهة لا تلفت نظر المستهلك، وهو ما يتم مراقبته من قبل الهيئة العامة للطب البيطرى لتقنين تداولها فى القنوات الرسمية.

نوع آخر من اللحوم منخفضة السعر هى اللحوم المذبوحة "خارج السلخانة" وهو النوع الأكثر خطراً، نظراً لعدم معرفة مصدره، وعدم التأكد من أختام الدولة المطبوعة عليه، وهو ما يجعله من أكثر أنواع اللحوم خطراً على المستهلك كما يؤكد الدكتور "مصطفى عبد المنعم" رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطرى سابقاً، الذى يؤكد على ضرورة ابتعاد المستهلك عن لحوم الذبح البرانى حتى مع انخفاض أسعارها، نظراً لتقليد الأختام الخاصة بها لتشبه اللحوم البلدى ذات الختم الأحمر دون التأكد من هويتها، وهى اللحوم التى يحذر من خطورتها على المستهلك نظراً لعدم معرفة مصدرها، وترك الأمر للجزارين بذبحها خارج السلخانة وتسعيرها دون محاذير أو قواعد.

كما حذر "عبد المنعم" من خطورة اللحوم المجمدة مجهولة الهوية على المستهلك الذى يقوم بشرائها دون التأكد من مصدرها وقال اللحوم المجمدة غالباً ما تحمل خطورة على المستهلك فى حالة عدم فحصها، وقبل التأكد من مصدرها وحصولها على الختم الحكومى.

جانب آخر من سر اللحوم منخفضة الأسعار هو أكشاك المجمعات الاستهلاكية التى تترك علامات استفهام على أسعارها المنخفضة ولحومها المستوردة غالباً، فى أحد الأكشاك التى حملت شعار "نيو ماركت" التابع لشركة "الأهرام" للمجمعات الاستهلاكية، وقف "صلاح قاسم" جزار الكشك بين الثلاجة والزبائن فى محاولة للانتهاء من الطلبات، بجانبه علقت اللافتة التى تحمل الأسعار التى لم يتجاوز أحدها الـ50 جنيهاً للكيلو الواحد.

بتردد بدأ فى الإجابة على سر انخفاض أسعار اللحوم فى أكشاك المجمعات التى أرجعها فى البداية "لدعم الحكومة" قبل أن يتحدث بشكل أكثر تفصيلاً عن سر المهنة التى يزاولها منذ سنوات قائلاً: اللحمة اللى بتيجى الأكشاك مستوردة من برا معظمها من السودان وأثيوبيا والبرازيل.

وعن الأنواع الثلاثة وصلاحيتها يكمل "صلاح": "كل الأنواع اللى بتيجى مستوردة بتيجى صاحية وتدبح فى المجازر المصرية، البرازيلى من الأنواع المعقولة والمطلوبة، أما العجول السودانى معظمها ما تنفعش".

بصوت منخفض يكمل منتبهاً لمن حوله: "اللحمة السودانى بتبقى غامقة، والعجول اللى بتيجى عجوزة جدا ولحمها مش حلو فى الأكل، ده غير العلف اللى بتاكله العجول دى غير اللحوم البلدى وكيلو اللحمة بيتباع معاه 100 جرام دهن، عشان كده أسعارها رخيصة بس على أد أيد الزبون، والغلابة مش عايزين أكتر من كده.

الدكتورة "سعاد الخولى" رئيسة الهيئة العامة للطب البيطرى بالقاهرة، تناولت قضية اللحوم منخفضة الأسعار قائلة، بعض اللحوم منخفضة الأسعار والمطروحة فى الأسواق ترجع لدعم الحكومة داخل أكشاك الجمعيات على اللحوم المستوردة من البرازيل والسودان، وتؤكد على وجود لجان مراقبة للكشف على المجازر، كما تؤكد على توفير لجان الكشف على الحيوانات المستوردة عند وصولها إلى مصر بعد أخذ عينات منها للتأكد من سلامتها، ثم ذبحها داخل المجازر المصرية وطرحها فى المجمعات الاستهلاكية بأسعار منخفضة.

أما عن لحوم الذبح الاضطرارى تقول "الخولى": قوانين الذبح الاضطراري متعارف عليها فى اللائحة، وتتم بعد إصابة الحيوان بارتفاع في درجة الحرارة وذبحه بعد إعدام الجزء المصاب، وهو ما يجعلها أقل سعراً من اللحوم العادية، كما أكدت على عدم وجود تسعيرة محددة يفرضها قانون المجازر الذى يترك التسعيرة للجزارين وهو ما يتسبب فى تفاوت الأسعار للسوق، بينما أرجعت عدم الإقبال على سوق اللحوم هذا العام للظروف السياسية التى تمر بها مصر والتى أثرت على سوق اللحوم.

















مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة