الذين سلمّوا على عزرائيل

المنتحرون.. تجارب حقيقية لشباب يبحث عن طريق الخلاص بالموت.. وآخرون بدأوها لعبة فانقلبت إلى حقيقة

الجمعة، 07 مايو 2010 03:09 ص
المنتحرون.. تجارب حقيقية لشباب يبحث عن طريق الخلاص بالموت..  وآخرون بدأوها لعبة فانقلبت إلى حقيقة
ناهد إمام ورانيا فزاع وأمل علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ فاطمة أنقذوها ولما عرفوا باغتصابها تمنوا لها الموت.. رامى ضاع بيته وواجه مشاكل فى العمل فقطع شريانه.. إيمان أحبت وسلمت جسدها للجميع ومثلت أنها انتحرت.. وأحمد زادت خلافاته مع أبيه بسبب الثانوية العامة فوجد فى الموت حلا

تشير آخر دراسة صادرة عن مركز المعلومات بمجلس الوزراء إلى أنه تم إنقاذ 50 ألف فتاة وشاب فى المرحلة العمرية من 15 إلى 25 سنة من الموت انتحارا، بينما مات بالفعل 4000 منتحر، ليصل إجمالى الموتى الذين تم إنقاذهم إلى 104 آلاف حالة من جميع الأعمار سنوياً.

وبحسب المركز القومى للسموم فهناك 8500 أنثى، و2500 شاب من سكان القاهرة والجيزة فقط تم نقلهم إلى المركز بعد إصابتهم بتسمم حاد إثر محاولتهم الانتحار بمبيدات حشرية.

وإذا كانت غالبية محاولات الانتحار تتم بالمبيدات، فإن هناك أدوية أخرى تستخدم لهذا الغرض، منها أدوية الربو والصرع والأعصاب، ثم الأسبرين، والانتحار بالمنومات والمخدرات، وأدوية هبوط القلب والضغط والذبحة الصدرية، فضلاً عن الكيروسين والبوتاس.

كما يفضل البعض الانتحار بالقفز من أسطح المنازل وشرفاتها، أو بإلقاء نفسه فى النيل، وصولاً إلى قطع الشرايين، أو الشنق، أو إشعال النار فى الملابس.

والانتحار باختصار هو حالة هروب من الواقع بعد العجز عن إيجاد حل للمشاكل، وهنا يعتقد المرء أنه سيتخلص مما يواجهه بالانتحار، فهل تغيرت وجهتهم بعد إنقاذهم من الموت؟ أم أن الانتحار يبقى حلاً، وحلاً مشروعاً قابلاً للإعادة.

«اليوم السابع» التقت عدداً ممن شرعوا فى الانتحار، وخطوا برغبتهم خطوات نحو الموت، فرأوه رأى العين، ثم عادوا مرة أخرى إلى الحياة، فكانت هذه هى قصصهم معه.

الاغتصاب أهون من الانتحار
فاطمة.. فتاة عشرينية اغتصبها أحد السائقين، أثناء عودتها من عملها ليلاً، فحاولت الانتحار.. تقول فاطمة: «فكرت فى الانتحار لأننى لم أستطع البوح بشىء لعائلتى وقتها، لأنهم لن يتفهموا أننى ضحية، فأنا ابنة عائلة تعيش فى حى شعبى بسيط، وعشت فترة طويلة بنصف حياة، حتى إننى امتنعت عن الذهاب للعمل، وتذوقت مرارة لا أستطيع نسيانها، ولم أجد حلاً سوى الانتحار، فوضعت سم فئران فى العصير، ورأيت الموت بعينى، لكن أهلى أنقذونى، ولما عرفوا إنى اغتصبت تمنوا يسيبونى أموت، وعاملونى بطريقة سيئة، ولأنى شفت الموت بجد، عرفت قيمة الحياة، واتعلمت إنى مفرطش فى حياتى، ولو كرهنى كل الناس».

لم أشعر معه بأننى أنثى
انتحرت سوسن فعلياً لكن القدر أنقذها وندمت على ذلك.. تقول سوسن: «كنت بنت 15 سنة، وأعيش فى قرية بمحافظة القليوبية، وفشلت خطبتى الأولى، وتمت خطبتى ثانية لشاب أحببته جداً وتمنيت الزواج منه، وفجأة ظهر فى القرية رجل يكبرنى بـ 30 عاماً، ويمتلك مطحن دقيق، فتقدم إلى أهلى ووافقوا عليه بالرغم من أنه متزوج بأخرى، ولكن فى اليوم الأول من ليلة العمر لم يستطع أن يدخل بى، ففعلت مثل الآخرين للإعلان عن شرف البنت، وجرحت يدى لكى أظهر بصورة مشرفة أمام أهل قريتى، فقد كنت أخشى أى قول يمس سمعتى.
ومع الوقت علمت أنه مدمن مخدرات.. بعد ذلك أنجبت منه بنتين ولكنى لم أشعر معه أننى أنثى، وكنت أتعرض لضغوط الشباب ولأطماعهم، وأتمنى أن أرضى بوضعى حتى لا أفكر فى أى شىء سوى زوجى وبناتى، وفى مرة ذهبت للكشف عند طبيب فتحرش بى وتهجم علىّ وطلب الزواج منى بعد تطليقى من زوجى، وتعددت علاقاتى بعد ذلك مع آخرين، وكنت أشعر دائماً بالخوف والندم وعدم الرضا عما أقوم به، مما أوجد فى نفسى نوعاً من عدم الاحترام، فأحضرت سكيناً وقطعت شرايينى وظللت أنزف فترة طويلة حتى رأتنى ابنتى، وشعرت أمامها بضآلة حجمى، فأنا لا أستحق أن أكون أمها، وتم نقلى إلى المستشفى وأنقذونى من الموت.

تربيتى على القيم والأخلاق ضيّعتنى
رامى شاب يبلغ من العمر 27 سنة، يرى أن تربيته على القيم والأخلاق هى السبب الرئيسى فى محاولته الانتحار.. يقول رامى: »تربيت مع والدى ووالدتى فى السعودية، فى مجتمع مغلق، ولما خلصت تعليمى فى هندسة الكمبيوتر رجعنا مصر، ومن ساعتها واجهتنى مشاكل لا تنتهى، بدأت بالبيت اللى اشتراه والدى وكنا ساكنين فيه، حيث نصب عليه أحد الأفراد وأخذه منه، ورجعنا لشقتنا القديمة وخسرنا البيت».
لم تكن هذه هى المشكلة الوحيدة التى قابلها رامى، يوضح ذلك بقوله «وجدت الناس بتعاملنى بصورة سيئة فى العمل، ويقومون باستغلالى، وكانت مشكلتى الوحيدة فى الحياة إنى اتربيت زيادة عن اللزوم وأهلى علمونى التمسك بأخلاقياتى فى عصر ماحدش بيحترم فيه حد».
ويضيف «المشاكل زادت أوى ومالقيتش حل، البيت ضاع، وشغلى كله مشاكل، وأنا الأخ الكبير، وإخوتى كلهم بنات، فقطعت شرايينى بسكين، ولكن نجوت بأعجوبة حين رأتنى أمى غرقان فى دمى، وياريتنى ما رجعت، لأن الموت كان الحل الوحيد لمشاكلى».

اخترت المبيد الحشرى علشان ماموتش
على الرغم من أنها تجاوزت العشرين بقليل، إلا أن إيمان مرت بتجربة انتحار كانت شديدة الوقع عليها.. قالت إيمان وهى تقاوم الدموع «أنا بنت زى أى واحدة فى الدنيا، عندى مشاعر وأحاسيس وباحب أعيش، بس غلطتى إنى كنت باحب كل واحد أقابله، وأسلمه نفسى وجسمى من غير تفكير، وكنت باحس بالمتعة وبالتقزز فى الوقت نفسه، ولما أهلى عرفوا خفت من عقابهم وقررت أنتحر بطريقة لا تؤدى لوفاتى، فتناولت كمية قليلة من المبيد الحشرى مما يشعرهم بندمى ويخفّف من عقابهم لى».
لكن يبدو أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن كما توضح إيمان: «الموضوع قلب معايا بجد، وحسيت ساعتها إنى هموت فعلاً، ودى أسوأ تجربة قابلتنى لأنى كنت باهدد بس».

منعونى من كل حاجة فعملت كل حاجة
17 عاماً هى عمر أمل، لكن قسوة والدها جعلتها تفكر فى شىء واحد فقط هو الانتحار.. تقول أمل: «اتربيت فى بيت عيلة، ووالدى كان شديد معانا أوى ولبّسنا الحجاب من رابعة ابتدائى، وكمان كان بيمنعنا من الخروج لوحدنا، وكل حاجة بأمر، وكل شوية يزعق فينا ويضربنا، وأمى ماكنتش بتقدر تتكلم معاه، واتحولت حياتى لجحيم، وقررت إنى أعمل كل حاجة أبويا منعنى منها، هربت للشارع لمدة شهرين، وشربت خمرة وخدت مخدرات وعملت علاقات جنسية مع ولاد، بس لما الفلوس اللى معايا خلصت رجعت البيت تانى، وساعتها أبويا ضربنى، وحلق لى شعرى كله ولبسنى الحجاب تانى، مالقيتش حل قدامى غير الانتحار، شرفى وضيعته، وماحدش ح يرضى يتجوزنى، وماكملتش تعليمى، فبلعت برشام بس للأسف مامتش، الموت كان هيريحنى من كل اللى شوفته».

تحدانى والدى بسبب الثانوية العامة
لم يعتقد أحمد، 16 سنة، يوماً أن تؤدى علاقته السيئة بأبيه إلى الشروع فى الانتحار.. يقول أحمد: «خلافاتى مع والدى جعلتنى أفكر فى الانتحار، كنت وقتها فى الصف الثالث الثانوى وتحدانى بأننى لن أحصل على مجموع عال، أنا كنت متعود على المعاملة دى، وكنت باتحداه لأنه كان بيتحدانى بجد، وكنت بانجح، ولكن المرة دى كانت مختلفة لأنى ماكنتش بذاكر، وحسيت إنى مش هجيب درجات كويسة، فقلت أعمل أى حاجة تخلينى ماحضرش الامتحانات، ومالقيتش غير محاولة الانتحار بطريقة ماتموتنيش، فرحت عند ترابيزة السفرة وخبطت إيدى بقوة من عند الشرايين فى زجاجها، وفعلا انجرحت ونزفت واتعذبت أوى، ساعتها حسيت أد إيه كنت حيوان، لأنى كنت شاطر، ولو ركزت شوية وذاكرت كويس كان ممكن أجيب درجات حلوة، بس أنا فكرت بطريقة غلط خالص تعبتنى أكتر».

الدكتور قال لجوزى إديها قلمين
32 سنة هى عمر سهام.. وسهام فائقة الجمال، وحصلت على بكالوريوس تجارة من بلدتها المنصورة، ثم عاشت فى القاهرة بعد زواجها من جارها المهندس الشاب، إلا أنها ظلت عذراء منذ اليوم الأول لزواجها ولمدة سنتين.. تقول سهام: «بعد مرور سنتين من الجواز، حسيت ببساطة إنى ماستاهلش جوزى لأنه طيب وابن ناس وحنيّن، وكنت أنا السبب فى فشل كل علاقة زوجية يمكن أن تتم بيننا بسبب التشنجات المهبلية التى كانت تأتينى، ولم أكن أعرف أن تعرضى للتحرش وأنا صغيرة من الممكن أن يؤدى بى لذلك، وده اللى عرفته بعد كده من الدكتورة النفسية، كنت باحب جوزى جدا ومش عارفة أعمل إيه، رحنا لدكاترة كتير، وفى آخر مرة قال له الدكتور إديها قلمين يكوموها وهى تتعدل، تلاقيها بتدلع، وعلى الرغم من إن جوزى ماعملش بنصيحته، لكن أنا كنت خايفة يستعمل العنف معايا، فبلعت شريط مضاد حيوى، وبعدها اعترفت لجوزى إنى عملت كده فى نفسى، فاهتم أكتر وبدأنا نسمع عن حاجات اسمها علاج زواجى، وإرشاد نفسى ورحنا لدكتورة نفسية، وكان الشفا والحل على إيديها.

حبيت وأنا متزوجة فبلعت كمية حبوب
شرعت هدى فى الانتحار، وكانت وقتها متزوجة، ولديها ثلاثة أطفال فى مراحل التعليم المختلفة، وكانت تجد إهمالاً شديداً من زوجها.. تقول هدى، 44 سنة: «فى فترة إهمال زوجى لى، كان جارى يراقبنى ويهتم بى حتى أحببته بشدة، وكنت أشعر أن هذا الشخص هو منقذى الوحيد بعد أن دخلت مرحلة الاكتئاب، ولكن عدم الشعور بالرضا جعلنى أقدم على الانتحار، فتناولت الكثير من الأقراص المهدئة، ودخلت فى هبوط حاد وأنقذنى زوجى من الموت، وذهبت بعد ذلك إلى طبيب نفسى كان يقوم بتهوين الأمور علىّ وعدم تأنيب النفس، وبعد شفائى من المرض شعرت أن ما قمت به كان شيئا غبياً، كنت ح أدمر حياة أولادى، وبعد ستة أشهر شفيت تماماً وعادت لى نفسى بعد أن فقدتها فترة طويلة».

انتحرت كده وكده ودلوقتى نفسى أنتحر بجد
استخدمت نرمين الانتحار كوسيلة لتهديد عائلتها لتتزوج من الشخص الذى تحبه، لكنها ندمت على الزواج من هذا الشخص.. تقول نرمين: «كنت باحب واحد وحاسة إنى لو ماتجوزتوش حياتى هتقف، مافكرتش ساعتها فى أى كلام كانوا بيقولوه أهلى من إنه ما ينفعنيش، وكنت لسه صغيرة، وكمان مستواه ماكنش مناسب لمستواى الاجتماعى، وكل ما أفتكر أحس أد إيه أنا كنت متسرعة ومافكرتش صح، والدليل على كده المشاكل اللى أنا فيها لحد دلوقتى معاه».
وتستطرد نرمين قائلة: «وقتها كان عندى 23 سنة، قلت خلاص أنا هآخد مادة سامة فى الأكل ومش هحط كتير علشان ماموتش، وساعتها هما هيحسوا بالخطر لو ماتجوزتش الشخص اللى باحبه، بس اللى حصل حاجة تانية خالص، تعبت أوى وكنت هموت فعلاً، ولسه بعالج معدتى من الالتهاب». وتضيف: «المصيبة بقى فعلا إنى لقيت جوزى بيعاملنى معاملة سيئة خالص، وفهمت ساعتها قيمة كلام أهلى لما كانوا رافضين يجوزونى له، واعترفت لهم بغلطتى لأنى حاولت أنتحر وبغلطتى لأنى اتجوزته، لدرجة إنى عايزه أنتحر دلوقتى، لكن ولادى هما الحاجة الوحيدة اللى مخليانى أتراجع».

لمعلوماتك...
121 حالة انتحار باستخدام سم الفئران وبالتحديد «فوسفيد الزنك» وأظهرت إحصائية مركز سموم عين شمس أن أكثر الأدوات المستخدمة فى حالات الانتحار فى مصر هى المبيدات الحشرية خاصة مبيدات الفوسفات العضوية وهى «البارثون» والمسماة «بوليس النجدة»، وبلغ عدد الحالات التى وصلت منتحرة بهذه المبيدات لمركز السموم العام الماضى 1698 حالة.
104 آلاف محاولة انتحار بين بنات وشباب خلال عام 2009 منهم8500 أنثى و2500 شاب من سكان القاهرة والجيزة نقلوا إلى مركز السموم بمستشفى الدمرداش مصابين بحالات التسمم الحاد إثر محاولتهم الانتحار بالمبيدات الحشرية أو المواد المخدرة خلال 12 شهراً، حسب دراسة من مركز المعلومات بمجلس الوزراء ضمن عدة دراسات عن جرائم الانتحار فى مصر وأسبابها ومسبباتها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة