أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

ذكرياتى مع صلاح الدين حافظ

الإثنين، 17 نوفمبر 2008 07:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أصدق أن صلاح الدين حافظ قد رحل، وهو الذى علمنا التحدى .. حتى فى الموت. "أن تحرص على الموت توهب لك الحياة". هكذا كانت كلمته التى كان يوصينا بها ، فى بداية التحاقنا ببلاط صاحبة الجلالة، عندما احتضننا صلاح حافظ أنا ومجموعة من زملائى سنة 1999 للعمل فى الطبعة الدولية للأهرام، التى كان رحمه الله مشرفاً عليها.

كان صلاح الدين حافظ الإنسان أبقى من صلاح الدين حافظ الكاتب المعروف، الذى تمنع مقالاته ,فتزيد متاعب قلبه الرهيف أسى فوق أسى .. وقد ترك شهادته كاملة فى كتابه " أحزان حرية الصحافة"ذلك الكتاب الوثيقة، الذى يعد شهادة على عصر من تكميم حرية الصحافة وتقييد حرية الكتاب.

لم نشعر إطلاقا بالرهبة، نحن شباب الصحفيين أمام قامة بحجم صلاح الدين حافظ، وقد رأيناه ,تواضعا يمشى على قدمين ومرآة لنفس وروح طيبتين، ولعينين تشعان دفئاً، رغم قسوة المرض وعذاباته.

كان الرجل يعلم ويوجه على طريقة محمد حسنين هيكل "دع المستقبل يمضى واكتف بالتوجيه".

وقد تركنا المعلم نكتب بحرية ونتنفس حرية وأمدنا بأرشيفه الخاص وعلاقاته العربية الحميمة، وكان يتركنا نذهب بالصفحات إلى المطبعة القديمة بالرصاص فى الطابق الأرضى بالمبنى القديم, ويترك لنا الدعوات التى تأتيه من الشرق والغرب لنذهب مكانه، وكان يمدنا بشتى أنواع الكتب, التى ترسلها له دور النشر والمؤلفون فى مصر والعالم العربى، فى وقت كان يرفض فيه زملاؤه والأقل مكانة منه، مجرد مد يد المساعدة لنا..عن طريقه عرفنا معنى أن الصحفى بلا مصادر هو جسد بلا روح, وأن الالتزام بالموعد واحترام الوقت مثل شرف الإنسان .. وأن مظهر الصحفى جزء من شخصيته وواجهة للصحيفة التى يمثلها.

كنا ندون كل شاردة وواردة فى مدرسة صلاح الدين حافظ .. الذى أعطانا الثقة فى أنفسنا، وعلمنا معنى العزة فى غير كبر, والثبات على المبدأ دون تطرف فى المواقف أو تصلب فى الأفكار.

كانت غرفة صلاح الدين حافظ فى الطابق الخامس بمبنى الأهرام القديم .. نموذجا للتواضع .. يشبه إلى حد كبير مكتب الراحل العظيم عبد الوهاب مطاوع فى بساطته وضيق مساحته .. ورغم أن التدخين كان يضايق الرجل ويزيد من متاعبه الصحية، إلا أن أخلاقه الدمثة وطبيعته الخجولة ، كانت تمنعه من لفت انتباه الآخرين، حتى إذا جاء ذلك على حساب صحته وجسده العليل.

إن مواقف صلاح الدين حافظ لا تنسى .. وهو الذى كان ينفق من جيبه الخاص على شباب الصحفيين, عندما كانت تتوقف الأهرام عن صرف مكافآتهم، وكان دائم التشجيع لنا بالنشر وبالسفر إلى الخارج لحضور المؤتمرات، أو للحصول على منح التدريب الصحفية, بل كان يزكينا للعمل فى الصحف العربية ولدى وكالة الأهرام للصحافة، من أجل مساعدتنا مالياً وتشجيعنا على مواصلة طريق المهنة الشاق المحمل بالمتاعب والعواصف.

وأتذكر كيف كان الرجل يجلس معنا فى حجرة الإنترنت ليتعلم معنا مبادئ الصحافة الإلكترونية، وقد دخل فى عامه السبعين .. ليعلمنا أن العلم لا يرتبط بعمر أو بمركز .. وكان يردد أن المستقبل للصحافة الإلكترونية, وليس للمطبوعة التى أصبحت مهنة فى طريقها للانقراض، بفعل العولمة والتقدم التكنولوجى الرهيب ..

رحم الله صلاح الدين حافظ إنساناً رائعاً وعقلاً مبدعاً ومعلماً لأجيال لا تزال وفية لذكراه، وعارفة بفضله .. والأمل لا يزال فى تلاميذه ومحبيه وجموع قرائه فى مصر والعالم العربى .. أن يواصل نهجه فى الدفاع عن حرية الصحافة والصحفيين ..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة