ورثة العظماء.. نجل الإعلامى الراحل حلمى البلك فى حوار لـ"اليوم السابع": أحد أصدقاء أبى قدم له فى اختبارات الإذاعة دون علمه وعمله الإذاعى لم يكن بتخطيط مسبق.. ورئاسة الجمهورية اختارته لإذاعة بيان نصر أكتوبر

السبت، 01 يونيو 2024 07:00 م
ورثة العظماء.. نجل الإعلامى الراحل حلمى البلك فى حوار لـ"اليوم السابع": أحد أصدقاء أبى قدم له فى اختبارات الإذاعة دون علمه وعمله الإذاعى لم يكن بتخطيط مسبق.. ورئاسة الجمهورية اختارته لإذاعة بيان نصر أكتوبر محمد حلمى البلك
حوار / أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

<< أبي كان يعشق صوت العرب قبل الالتحاق بالإذاعة وكان يرى في الإذاعي أحمد سعيد المعلم والأستاذ

<< أحمد سعيد كان يرى حلمي البلك نموذج وقدوة واختاره من بين مجموعة كبيرة للغاية من الإذاعيين كي يعتمد عليه في مهمة وطنية

<< إذاعة صنعاء عندما وصل حلمي البلك اليمن قطعت الإرسال وأذاعت خبر وصوله إلى الأراضي اليمنية في سابقة لم تحدث من قبل

<< حلمى البلك كان حلقة وصل مهمة للغاية مع أبناء سيناء بعد نكسة 1967 لكونه من أبناء العريش.. وكان بيته في القاهرة مفتوحا لأبناء سيناء المهجرين

<< والدى كان بالفعل صاحب المهام الصعبة.. ووقع على عاتقه مسؤولية الدفاع عن القضايا الوطنية والقومية والعربية

<< ياسر عرفات طلب لقاء والدي بشكل مباشر وكان معجبا بحلمى البلك منذ برامجه في صوت العرب

 

"من أثقل الأمور على النفس شماتة الأعداء"، كانت أحد أبرز مقولاته، والتي توحي بشخصية لا تعرف الاستسلام، جملة ليست غريبة عن شخصية "ابن سيناء" الذي عرف عنه أنه "رجل المهام الصعبة"، ولما لا، فصورته محفورة في أذهاننا بأنه أول من ألقى بيان انتصار أكتوبر، حيث اختارته القيادة المصرية حينها ليذيع على المصريين هذا الانتصار التاريخي، كما كانت برامجه في أواخر الستينيات تحمل رسائل مشفرة للعمليات البطولية في سيناء من خلال برنامجه "الشعب في سيناء"، اسم محفور بقوة في تاريخ الإذاعة والتليفزيون المصرى إنه الإعلامى الراحل حلمى البلك.

في كافة علامات ماسبيرو التاريخية، ستجد حلمى البلك، جزءا منها، تلميد الإذاعي أحمد سعيد، الذي نشأ وترعرع في صوت العرب، ليبدأ معها تاريخه المهني بمجموعة من البرامج والحلقات التي تعد أحد أهم تراث الإذاعة والتليفزيون المصري، دوره لم يقتصر فقط على المضمون السياسي والعسكري، بل أيضا كان له دورا دينيا واجتماعيا بمجموعة من البرامج التي كانت سببا كبيرا في مواجهة الخطاب المتطرف في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، ليحصل على العديد من التكريمات ليس فقط في بلاده بل أيضا من عدة دول عربية.

حوارنا نجله الإعلامى محمد حلمى البلك، والذي كشف كيف بدأت رحلة والده الإذاعية؟ ولماذا تبناه الإذاعي الكبير أحمد سعيد مؤسس شبكة صوت العرب؟ وكيف كانت نشأته في سيناء سببا كبيرا في اختياره للمهمات الصعبة كتقديم برامج في سيناء وكذلك في اليمن ثم اختياره لإلقاء بيان النصر في حرب أكتوبر، بجانب حلقته الشهيرة خلال تسليم سيناء للمصريين ودوره الكبير في مواجهة الأفكار المتطرفة وكتاباته الدينية والتي حاول أن ينتهى منها إلا أن العمر لم يمهله في ذلك وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالي..

من أول من اكتشف موهبة حلمي البلك؟

لا نستطيع أن نحدد شخص بعينه أنه اكتشف موهبة حلمي البلك، لكن نستطيع القول في المقابل أن كل المحيطين بحلمي البلك منذ الصغر وحتى في فترة شبابه لمسوا ورصدوا حبه وشغفه واهتمامه وتعلقه بكل قوالب وفنون الاذاعة بأشكالها المختلفة.

298150-الإعلامى-محمد-البلك-نجل-الإذاعى-الكبير-حلمى-البلك
الإعلامى محمد البلك نجل الإذاعى الكبيرحلمى البلك

كيف ذلك؟

كان حلمي البلك لديه دائما شغف متابعة نشرات الأخبار ومتابعة التحليلات السياسية المختلفة في إطار القوالب البرامجية، و كان متمكنا جدا من اللغة العربية، وكان أيضا لديه ميول للشعر وقراءة القصائد المختلفة، وفي الحقيقة كل المحيطين بحلمي البلك سواء من أقارب أو من أصدقاء كانوا يرصدون هذا الحب والاهتمام لديه بالقوالب الإذاعية المختلفة.

كيف التحق حلمى البلك بالإذاعة المصرية؟

حب والدى للإذاعة والقوالب الإذاعية دفع أحد الأقارب و كان صديق له في نفس الوقت دفعه بعد أن عرف و سمع بالصدفة أنهم طالبين في الإذاعة المصرية مذيعين ومحررين ومترجمين بالفعل هو الذي قدم للوالد حلمي البلك في هذه المسابقة نيابة عنه وبدون أن يكون هو والدي نفسه على علم بذلك.

ماذا حدث بعد ذلك؟

تم تحديد موعد الاختبار فتواصل هذا  الصديق مع الوالد حلمي البلك وقال له على المسابقة وأنه قدم له فيها بالنيابة عنه وأن عليه أن يتوجه في اليوم المحدد، وبالفعل تقدم الوالد إلى الإذاعة المصرية للاختبار في هذا الأمر ومن ثم تم التحاقه بالإذاعة المصرية، وبالتالي الصدفة هي التي لعبت دور رئيسي وأساسي في التحاق والدي بالإذاعة المصرية.

هذا يعنى أن حلمى البلك لم يكن يخطط للعمل في الإذاعة؟

العمل في الإذاعة لم يكن بتخطيط مسبق من والدي، ولكن رصد كل المحيطين بحلمي البلك شغفه واهتمامه بألوان وقوالب الاذاعة المختلفة هو الذي شجع أحد الاصدقاء أن ينوب عنه ويقدم له في احدى مسابقات الإذاعة المصرية التي دخل فيها والدي ونجح فيها بجدارة كبيرة ومتميزة.

24583-حلمى-البلك-وزوجته
حلمى البلك وزوجته

لماذا كان اختياره لإذاعة صوت العرب ؟

والدي كان يحب بل ويعش إذاعة صوت العرب وكان من أهم وأبرز المتابعين لها قبل التحاقه بها، وكان مؤمنا أن إذاعة صوت العرب لها دور فعال ومؤثر لأنها كانت شريك حقيقي للشعب المصري وللشعوب العربية  كلسان حال هذه الشعوب في نقل قضاياهم وأزماتهم والتحديات اللي كانت بتمر بها المنطقة العربية، وهذا على الجانب الوطني وعلى الجانب القومي كانت إذاعة صوت العرب تقدم دور فعال وملموس في هذا السياق، وعلى مستوى الإذاعيين الذين كانوا يعملون في إذاعة صوت العرب، كان لابد في بداية التحاقهم بالعمل أن يلتحق الإذاعي بقسم الشئون السياسية قبل ما يتم توزيعه على أي قسم آخر، وهذه كانت مدرسة تتفرد بها إذاعة صوت العرب ، وهذا كان رأي حلمي البلك الذي كان يرى في هذه الإذاعة مدرسة متفردة وملامح خاصة بها تجعلها تتفوق عن باقي الاذاعات المختلفة لأن أي إذاعي جديد لابد أن  يلتحق بالمطبخ السياسي وهذا ينعكس على شخصية وأداء وملامح المذيع لأنه يمده بمعلومات غزيرة و تكون شخصيته على المستوى العلمي وعلى المستوى المعرفي وكذلك على المستوى الثقافي.

كيف تعرف على الإذاعي أحمد سعيد مؤسس تلك الاذاعة؟

فيما يتعلق بلقائه بأحمد سعيد الإذاعي المشهور تحديدا في فترة الخمسينيات والستينيات أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فإن حلمي البلك كان يرى أحمد سعيد هو الأستاذ و المعلم، وكان يرى فيه نموذج وقدوة يحتذى به في التقديم الإذاعي والحس الوطني فقد كان مهتما ومهموما بالقضايا المصرية والوطنية والقومية، ومن هنا بدأت هذه العلاقة بين المعلم والتلميذ في وقتها حلمي البلك ولأن حلمي البلك كان مؤمن بالأستاذ فبالتالي بدأ يتعلم منه أشياء كثيرة للغاية وظهرت قواسم مشتركة جمعتهم سويا على المستوى الإنساني هذا من جانب، وكذلك ظهرت قواسم مشتركة أيضا على المستوى المهني وعلى المستوى الثقافي.

كيف كان يرى الإذاعي أحمد سعيد الشاب حلمى البلك حينها؟

مثلما كان حلمي البلك منبهرا بأحمد سعيد كنموذج وقدوة يحتذى به في مجاله، كان أحمد سعيد منبهرا بأحد أبنائه وهو حلمي البلك ومنبهر بأدائه وثباته وإدارته للحوارات السياسية وقراءته لنشرات الأخبار ومنبهرا أيضا بقدرته على تقديم البرامج المنوعة سواء كانت سياسية أو دينية وغيرها، لذلك اختار أحمد سعيد، حلمي البلك من بين مجموعة كبيرة للغاية من الإذاعيين كي يعتمد عليه في مهمة وطنية وقومية عظيمة، وهي دعم ومساندة النضال والكفاح الفلسطيني.

كيف تم ذلك؟

كان بيتم من خلال مجموعة من الحفلات كان يشرف عليها الاذاعي الكبير أحمد سعيد، وكان يشارك فيها فنانين وإذاعيين مصريين وكانوا يجوبون ويطوفون الدول العربية المختلفة وكان عائد هذه الحفلات يعود لدعم النضال الفلسطيني، واختار أحمد سعيد من بين إذاعيين كثر موجودين حينها، حلمي البلك كي يساعده في هذه المهمة الوطنية والقومية من خلال التجهيز لهذه الحفلات والاستعداد لها والإشراف عليها، وكان أحمد سعيد يرى في حلمي البلك الإذاعي النابغة وأنه امتداد له في العلم والثقافة والرؤية ومن هذا المنطلق اعتمد عليه في مهام وطنية وقومية عدة بخلاف مهمة الإشراف والإعداد والتجهيز للحفلات الفنية التي كان يخصص العائد المادي لها لدعم ومساندة نضال وكفاح الشعب الفلسطيني، حيث تم تكليف حلمي البلك بالسفر إلى اليمن وهو ما يترجم حجم الثقة وحجم الانبهار من قبل أحمد سعيد بالإذاعي الكبير حلمي البلك لأنه أوكل له مهمة السفر إلى اليمن وتدريب مجموعة من الإذاعيين في اليمن، خاصة إذاعة صنعاء على وجه الخصوص التي طلبت من حلمي البلك أن يشاركها في تقديم بعض النشرات الإخبارية، وحينها التقى بعدد من أبناء القوات المسلحة المصرية الذين كانوا يشاركون في حرب اليمن لنصرة الثورة اليمنية في ذلك الوقت التي كانت بقيادة عبدالله السلال، وهناك أشياء ملفتة عديدة حدثت مع حلمى البلك خلال سفره لليمن.

ما هي أبرز تلك الأحداث الملفتة؟

إذاعة صنعاء عندما وصل حلمي البلك اليمن قطعت الإرسال وأذاعت خبر وصوله إلى الأراضي اليمنية، ومن المعتاد أن هذه النوعية من الأخبار تكون قاصرة فقط على وصول الزعماء والقادة والرؤساء والملوك، ولكن في سابقة لم تحدث من قبل تقوم إذاعة عربية بإذاعة خبر عن وصول مذيع، وهو ما يعكس مدى اهتمام العرب بالمصريين بشكل عام وتقديسهم بشكل كبير للمذيع المصري الذين رأوه من وجهة نظرهم أنه لا يقل مكانة ولا أهمية أو تقدير عن الزعماء والرؤساء .

من أبرز من دعموا حلمى البلك في ماسبيرو في بداية مشواره؟

من دعم والدي حلمي البلك رحمه الله هي موهبته، فقد كانت هي الداعم له بشكل أساسي وبشكل رئيسي ، لأن فكرة الالتحاق بالإذاعة أو بالتلفزيون في ذلك الوقت كانت مرتبطة بشكل كبير بمجموعة من الضوابط والمعايير والشروط، حيث يجب أن تتوافر في المذيع قدر كبير للغاية من الموهبة والحس الإذاعي في تقديم القوالب والأشكال والأنماط الإذاعية والبرامجية المختلفة وبالتالي الداعم لحلمي البلك كانت موهبته بالدرجة الأولى ولكن أساتذة حلمي البلك في ماسبيرو كثيرون ممن كانوا ملهمين له بشكل كبير وأثروا في تشكيل وجدانه وملامح شخصيته الإذاعية، لذلك كان حلمي البلك دائما ما يذكر فضل أساتذته من الرعيل الأول في الإذاعة عليه بكل الخير، ولكن يبقى الأساس الداعم له في العمل الإذاعي أو العمل الاعلامي هو موهبته.

ما هو دور حلمى البلك الوطني في دعم الجيش بعد نكسة 1967 عبر برنامج "الشعب في سيناء"؟

والدي لم يكن فقط مذيع متميز ومخضرم ومتفوق في مجاله ولكنه كان مقاتل، حيث استطاع والدي أن يغير فكرتي ومفهومي لتعبير أو كلمة مقاتل ، لأن المقاتل كما فهمت منه ليس هو من يرتدي الزي العسكري على جبهة القتال في الحرب أمام جيش أخر فقط، ولكن يمكن لكل شخص منا أن يكون مقاتلا في موقعه ويقدم كل أشكال الدعم والمساندة لبلدنا الحبيبة من خلال إمكانياته ومن خلال قدراته، ولعب حلمي البلك دورا كبيرا للغاية ليس فقط في تقديمه للبرامج ونشرات الأخبار ولكنه كان أيضا حلقة وصل مهمة للغاية مع أبناء سيناء.

88615-تصريح-لحلمى-البلك-لدخول-غزة-عام-1960
تصريح لحلمى البلك لدخول غزة عام 1960

ولماذا تم اختياره هو بالتحديد لهذه المهمة؟

أولا لكونه ابن سيناء والعريش تحديدا هي مسقط رأسه، وثانيا أنه عمل برنامج اسمه "الشعب في سيناء" وكان من أهم وأبرز البرامج التي كانت قريبة للغاية من والدي، وكان يشعر في تقديمه لكل حلقة من حلقات الشعب في سيناء بحالة كبيرة وعظيمة للغاية من الفخر  والاعتزاز والامتنان لأنه يقوم بهذا الدور العظيم ونجح البرنامج نجاحا كبيرا واستمر عشر سنوات بعد نكسة 1967 إلى سنة 1977 عند تحرير سيناء الحبيبة، وكان البرنامج جسرا للتواصل مع أبناء سيناء، وكان حلمي البلك من خلال البرنامج ينفذ دور وطني آخر بخلاف تقديمه لهذا البرنامج .

كيف ذلك؟

كان بيته في القاهرة مفتوحا لأبناء سيناء المهجرين والمحرومين من التواصل مع ذويهم في الأرض المحتلة حينها، وكان أي شخص لديه مظلمة أو مشكلة أو أزمة أو لديه أي عقبة أو يواجه أي مشكلة يطرق باب حلمي البلك، وكان بابه مفتوحا على مدار اليوم لدرجة أننا كنا نستقبل في بيتنا عددا كبيرا للغاية من أهالينا من أبناء سيناء كان يأتون إلينا حتى في ساعات متأخرة من الليل، وكان والدي يسعد جدا بهم وبأنهم يروا فيه الملاذ الآمن أو طوق النجاة لهم وأنهم يلجئون إليه ليعبر عن همومهم ومشاكلهم بسبب العدوان الإسرائيلي والاحتلال .

ما هي أبرز اللحظات السعيدة لحلمى البلك خلال تقديمه برنامج "الشعب في سيناء"؟

الحقيقة في البرنامج كان حلمي البلك يحس بكل كلمه لأنه أولا دائما يعتمد على الصدق والأمانة في عمله بشكل كبير ولأنه هو شخصيا عاش وتعايش مع أبناء سيناء كونه أنه واحد منهم، وكون أنه مصري في المقام الاول فكان مهموما للغاية بقضية الوطن وبأهمية تحرير أرض مصر، وتم اختياره للذهاب إلى سيناء في الوقت الذي كانت فيه القيادة المصرية تتسلم إدارة سيناء من العدوان الاسرائيلي بعد نجاح مفاوضات السلام، وكان شاهدا على عملية التسليم ورصد وسجل قدرة الشعب المصري العظيم المتمثلة في هذه الملحمة البطولية من خلال عمله الإعلامي ، وأهمية برنامج "الشعب في سيناء" أنه كان يحمل عددا من الرسائل المشفرة وسط الرسائل المذاعة كانت صياغتها تتم بالتعاون مع أجهزة الأمن المصرية  لتحمل مجموعة من الكلمات والرموز التي تجعلها ظاهريا تبدو أنها رسائل طمأنة ولكن في الحقيقة كان لها مدلول اخر يؤدي للقيام بالكثير والعديد من العمليات البطولية والفدائية التي كانت تتم داخل سيناء أثناء الاحتلال الإسرائيلي.

ما هي كواليس إذاعته أول بيان للقوات المسلحة في حرب أكتوبر؟ وكيف تم اختياره لإلقاء البيان؟

أنا لا أعي الفترة التي أذاع فيها والدي بيان انتصار أكتوبر لكن والدي رحمه الله عليه كان حريصا للغاية عندما كبرنا أنا وأخوتي وأصبح لدينا قدر من الوعي والإدراك أن يحكي لنا عن بطولات المصريين وبطولات الجيش المصري العظيم والنجاحات التي تحققت وكيف استطاعوا أن يتحدوا الصعاب والمستحيل، وكان والدي حريص دائما أن يغرس فينا قيم الحب والانتماء للوطن ، وأن يؤصل هذه الأفكار والمفاهيم والمشاعر في وجداننا ويجعلنا نشعر بالأجواء الجميلة التي عاصرها وكل الشعب المصري حتى يرسم لنا صورة جميلة للشعب المصري العظيم،  كان يحكي لنا عن كواليس إلقاء بيان النصر بأنه قد جاءت مكالمة تليفونية من رئاسة الجمهورية لوزير الإعلام في ذلك الوقت وطلبوا أن يذيع حلمي البلك بيان النصر وأن ذلك سيكون خلال دقائق معدودة، وبالفعل على الفور استدعى وزير الإعلام بناء على الاتصال من رئاسة الجمهورية، والدي حلمي البلك على الفور وكأنه استدعاء المقاتل لجبهة القتال، وطلب منه قراءة البيان الأول للحرب.

57948-حلمى-البلك-خلال-تغطيته-فى-سيناء-بعد-حرب-1973
حلمى البلك خلال تغطيته فى سيناء بعد حرب 1973

وهل علم والدك أسباب اختياره هو بالتحديد لإلقاء بيان النصر؟

بالتأكيد والدي لم يسألهم لماذا تم اختياره على وجه الخصوص لكن وبشكل بديهي لابد أن ثقتهم فيه وإيمانهم بقدراته الإذاعية وإيمانهم أيضا بأنه كان من المذيعين المهمومين بقضايا الوطن سواء على المستوى المصري أو على المستوى العربي ولكونه أحد أبناء سيناء وأنه اكثر من عايش ولمس عن قرب معاناة أهالي سيناء والظلم والاضطهاد الذي وقع عليهم بسبب الاحتلال الاسرائيلي وعمليات التهجير القسري الذي دفعوا فاتورتها بشكل كبير من دمائهم و أرواحهم ومن أمنهم وسلامتهم واستقرارهم، وبالتالي القيادة السياسية رأت في حلمي البلك النموذج الأقرب للشعب المصري ولأهالي سيناء على وجه الخصوص، ويستطيع نقل فرحة النصر من خلال بيان العبور، وبالفعل تم استدعاء حلمي البلك اللي لبى النداء على الفور ودخل الاستوديو واستعد لإلقاء بيان النصر، وكان والدي عندما يحكي لنا عن ذكرياته في هذه الفترة كان يقول إن القائه لهذا البيان كان من أهم اللحظات التي عاشها في حياته ووصف الأمر بعودة الروح.

لماذا كان يلقب حلمى البلك بالفدائي أو صاحب المهام الصعبة؟

والدى كان بالفعل صاحب المهام الصعبة، حيث كان يقع على عاتقه مسؤولية الدفاع عن القضايا الوطنية والقومية والعربية، وكانت عقيدة حلمي البلك في تقديمه للبرامج الإذاعية والتحليلية والسياسية المختلفة هي الدفاع عن هوية الدول العربية والدفاع عن أمنها وسلامها واستقرارها والدفاع عن حق هذه الشعوب في التحرر من الاستعمار أيا كان شكل هذا الاستعمار ، وأيضا حلمي البلك كان داعم ومساند لحركات التحرر من الاستعمار في عدد من الدول الإفريقية المختلفة وهذا جعله صاحب المهام الصعبة لأن دوره كان متمثل في تغطية الأحداث المتعلقة بالحروب والصراعات وكتابة تعليقات سياسية في هذا الشأن،  وكانت هذه مهمة صعبة جعلت منه مقاتل في مجاله فمثلما  يكون هناك مقاتل في الجبهة يكون هناك مقاتل إعلامي يرصد المخاطر التي يواجها المقاتل ويقوم بمواجهتها بقلمه أو بصوته وفكره، ويصبح الإعلامي والجندي كأنهم اجتمعا على مواجهة العدو على جبهة القتال، وفي وقت الحرب على الإرهاب ومجابهة الفكر المتطرف كان حاضرا وبقوة من خلال برامجه الدينية المستنيرة ولقائه بأصحاب الفكر المتطرف ومناقشتهم وتصحيح أفكارهم من خلال برامجه مثل ندوة للرأي وحوار مع التائبين  وفي الوقت الذي كان الصعيد فيه من المناطق التي يملأها الإرهاب والفكر المتطرف سافر حلمي البلك هناك وواجه  الفكر بالفكر والدين وبالتالي كان يعمل في أجواء مليئة بالمخاطر ومليئة بالتهديدات لأنه صاحب موقف وكلمة حق وينشر الحق أيا كان ويهاجم الباطل ويقوم بالدفاع عن بلده في أي مجال يستطيع أن يساعد فيه.

والدك كان من العريش.. هل كنت تراه يتحدث أحيانا باللهجة البدوية وهل كان حريصا على زيارة عائلته بالعريش؟

والدى دائما كان حريص كل إجازة أن نسافر للعيش، وكان يحب العريش لأنها بلده، وكنا نقول له لا نريد الذهاب للعريش لأننا نعيش في القاهرة، لكن كان لابد أن نذهب معه، وعندما أذهب مع والدى للعريش أجد أنه يتحدث اللهجة العريشية وكنت استغرب من هذا، وعندما يعود إلى مصر يتحدث باللهجة المصرية بشكل طبيعى، فوالدى كان حريص أن نظل مرتبطين بالمجتمع في العريش الذى ولد فيه، وكنا نسافر كل سنة ونمكث في العريش شهرا.

كيف واجه حلمي البلك الإرهاب؟

حلمي البلك كان مؤمن إيمانا شديدا أن دور الإذاعة والتليفزيون ليس فقط في تقديم برامج سياسية أو ترفيهية فقط ولكن أيضا يكون لها دور توعوي هو الأساس و الهدف من وراء بث هذه البرام ، والحقيقة أنه من خلال برامجه لتصحيح الفكر الديني والأفكار المغلوطة لدى الشباب والتي كانت قد انتشرت في ذلك الوقت واجه الفكر المتطرف بالفكر المستنير وواجه التطرف الديني بصحيح الدين من خلال الاستعانة بعلماء الأزهر الشريف في برامجه مثل برنامج ندوة للرأي و حوار مع التأبين وربي زدني علما وغيرها من البرامج التي كانت تهدف إلى تصحيح المفاهيم ومحاربة الإرهاب.

33825-حلمى-البلك-فى-صور-نادرة-له
 حلمى البلك فى صور نادرة له

لماذا اتجه حلمى البلك للكتابات الدينية؟

كان حلمي البلك مهموما للغاية ومنشغلا بقضية وعي الشباب وتنويره وتثقيفه حتى لا يقعون في فخ  الإرهاب وبراثن الجماعات المتطرفة، ولذا كان هدفه تقديم حملات توعوية من خلال البرامج الإذاعية والتليفزيونية المختلفة التي قدمها.

لماذا يعد برنامج "ندوة للرأي" من أشهر برامج حلمى البلك؟

هو بالفعل من أهم هذه برامجه لأنه كان أشبه بجلسة أو حلقة نقاشية مفتوحة بين الشباب وعلماء الدين، وذلك من أجل تحصين الشباب من الضلال وتحصينهم من المعلومات المغلوطة أو المشوهة لأنه للأسف في هذه الفترة كان بعض الشباب لجئوا إلى الفتوى وأصبحوا يتكلمون باسم الدين وهم يجهلون صحيح الدين الإسلامي الحنيف.

ما هي أبرز البرامج الإذاعية والتليفزيونية التى كانت قريبة إلى قلبه؟

والدي قدم العديد من البرامج المختلفة ما بين برامج سياسية وبرامج دينية وبرامج ثقافية وبرامج توعوية لأنه كان يملك من القدرات والإمكانيات ما يؤهله لتقديم القوالب الإذاعية و المضامين المختلفة والمتنوعة وأبرز البرامج التي قدمها في الإذاعة برامج مثل "من حلو الكلام" وكان والدي يجد متعة شديدة للغاية في تقديم هذا البرنامج وكان يرى أن هذا البرنامج بمثابة همزة الوصل بينه وبين المستمعين في التعريف بسيرة السلف الصالح والمواقف الإسلامية المختلفة وكذلك برنامج "حبيب الله" وبرنامج "حتى مطلع الفجر" إلى جانب قراءته للنشرات وكتابة التعليقات السياسية وقراءتها، وبرنامج ندوة للرأي الذي كان يحارب به التطرف والإرهاب وبرنامج "ربي زدني علما" و"في بيوت الله" و"هدى الله"، بالإضافة إلى أنه كان يقدم برامج وسهرات دينية مختلفة مرتبطة بالمناسبات الدينية في شكل حلقات تتعلق مثلا بالهجرة النبوية الشريفة وسهرات رمضانية أو في استقبال الشهر الكريم وسهرات دينية مرتبطة بالأعياد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، وكذلك من البرامج القريبة لقلبه ولم يكن برنامجا دينيا ولكنه كان برنامج مصنف بأنه برنامج شعبي أو برنامج جماهيري، هو برنامج "الرأي العام يسأل" والذي يعتمد على استضافة محافظ من محافظين مصر في كل حلقة وفي المقابل يتم استضافة عدد من الجمهور يعرضون مجموعة من الأسئلة أو الاستفسارات المتعلقة بحياتهم والخدمات التي تقدمها المحافظة  على المحافظ ،  ويقوم المحافظ بالإجابة على الجمهور، وإذا لدى أي أحد من الجمهور في أي محافظة من محافظات مصر مشكلة أو ازمة معينة يطرحها على المحافظ ، ويكون دور المحافظ أن يقدم حل لهذه الأزمة أو تصور للحل.

ما هي أبرز الحوارات التى أجراها حلمى البلك ودائما ما كان سعيدا عندما يتذكرها؟

أهم الحوارات التي أجراها والدي وكان يعتز بها هي الحوارات اللي أجراها مع الجنود والضباط عقب حرب أكتوبر 1973 وكذلك اللقاءات المتتابعة بعد الحرب التي أجراها مع وزير الدفاع في ذلك الوقت المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة ولقاءاته مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي وغيرها من الحوارات السياسية وفي الحوارات الدينية كان له أيضا حوارات كثيره كان أهمها الحوار الذي أجراه مع الشيخ محمد متولي الشعراوي وأيضا مع الدكتور أحمد عمر هاشم.

هناك صورة شهيرة لحلمى البلك مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات .. كيف كانت العلاقة بينهما؟

الحقيقة أن العلاقة بين والدي والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات علاقة طويلة بدأت مع تألق والدي كمذيع في إذاعة صوت العرب وأصبح صوته وتعليقاته السياسية تؤثر في كل المستمعين المصريين والعرب وأحبه من خلالها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وبحكم أن الإذاعة المصرية في ذلك الوقت كان لها تأثير ملموس وفعال في التعبير عن القضايا والهموم والتحديات التي تواجه الوطن العربي بشكل عام وتأكيدا على هذا فإن تأثير الإذاعة لم يكن مقيد فقط في الداخل المصري بل كان هذا التأثير على مستوى المحافظات المصرية وانتقل بشكل سريع و فعال إلى كل الدول العربية، ولأن حلمي البلك كان من أهم وأبرز وأشهر المذيعين المهمومين بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها وعن  نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه وكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هو أحد المستمعين للبرامج التي قدمها حلمي البلك لدعم ونصرة القضية الفلسطينية، فكان ياسر عرفات منبهر به ومنبهر بشخصيته وأدائه وقدرته على التأثير والدفاع عن الحق ضد الباطل الصهيوني، وجمعتهم إحدى المناسبات القومية والوطنية وطلب الرئيس ياسر عرفات أن يقابل حلمي البلك في هذه الجلسة، وتواصل معه بشكل مباشر وشكره وحياه وقدم له التحية والتهنئة على تميزه في تقديم هذه القوالب السياسية وتحديدا الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهذه كانت من الشهادات او الأوسمة التي كان يعتز بها حلمي البلك في مشواره وتاريخه.

92726-حلمى-البلك-وياسر-عرفات
حلمى البلك وياسر عرفات

وما هي حكاية الصورة التي التقطها حلمى البلك مع ياسر عرفات؟

بخصوص الصورة التي بتجمع والدي مع الرئيس ياسر عرفات فقد التقطت في مقر منظمة التحرير الفلسطينية السابق في تونس أثناء حوار أجراه والدي مع الرئيس ياسر عرفات لبرنامج العالم بين يديك للتليفزيون المصري.

من هم أبرز أصدقاء حلمى البلك من الإعلاميين؟

الحقيقة أن والدي الحبيب كان شخصية اجتماعية ومحبوبة على المستوى المهني وعلى المستوى الإنساني، فكان له الكثير من الأصدقاء في المجال الاعلامي وفي المجال غير الإعلامي، وغذا تحدثنا على الصعيد الإعلامي كان والدي صديقا لكل الإعلاميين الكبار في عصره و كان من أبرز أصدقائه المقربين في ذلك الوقت الإذاعي الكبير فؤاد عمر وممدوح الليثي والكاتب الكبير أنيس منصور  والفنان الكبير سعد عبد الوهاب بالإضافة إلى عدد من الإعلاميين العرب ، وقد يستغرب البعض عندما أقول إن والدى كان يعتبر شباب الإعلاميين أصدقائه وأبنائه و كان حريص كل الحرص أن يدعمهم ويساندهم ويقدم لهم المشورة والنصيحة ولم يكن يبخل على أي أحد بعلمه أو معرفته وثقافته وعندما كان يرأس لجان اختبارات أو امتحانات الشباب المتقدمين للإذاعة المصرية، كان يحتويهم ويرفع عنهم أي حرج ويرفع عنهم أي قلق وتوتر ولما كان يلمس أن الشخص المتقدم للاختبار لديه قدر كبير من الموهبة كان يقدم له يد العون والمساندة، كان له أبناء من شباب الإعلاميين احتواهم واستوعبهم وبفضل دعمه لهم أصبحوا الآن نجوم بارزة في المحطات وفي القنوات المصرية والعربية المختلفة.

ما هي أبرز التكريمات التي حصل عليها؟

حصل المرحوم الإعلامي القدير حلمي البلك على العديد من الأوسمة والجوائز وشهادات التقدير ونذكر على سبيل المثال تكريم من محافظة شمال سيناء ودرع القوات المسلحة ودروع محافظات مصر وتكريم خاص من وزارة الداخلية لجهوده البارزة فى محاربة التطرف والإرهاب من خلال برنامجه التليفزيوني ندوة للرأي كما حصل على جوائز وشهادات تقدير من وزير الإعلام المصري حينها ومنحته حكومة الكويت درعاً تقديراً لدورة البارز فى أثناء حرب الخليج كما حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من رئيس جمهورية مصر العربية، والحقيقة أن والدي رحمة الله عليه حصل بالفعل على الكثير والعديد من الجوائز والتكريمات وشهادات التقدير المختلفة. لكن يظل التكريم الأدبي والتكريم المعنوي افضل الامور وأهم التكريمات، فحب الناس لوالدي وتعلقهم بصوته وبأدائه وبنبرته عبر الأثير كان تكريم لوالدي ، كذلك تكريم الرئيس الراحل محمد أنور السادات له باختياره لإلقاء بيان النصر و العبور كان أيضا تكريم لوالدي ، بالإضافة إلى اختيار الإذاعات والتليفزيونات العربية لوالدي في تدريب الكوادر الاذاعية الخاص بهم هو أيضا تكريم لوالدي ويعكس مدى الثقة في قدراته وفي مهنيته وفي امكانياته الاذاعية وقدرته على ايصال المعلومة وتأهيل شباب الإذاعيين والإعلام ، وهناك تكريمات عدة حصل عليها والدي أيضا من رؤساء وملوك الدول العربية من خلال لقائهم به ودعواتهم له لمقابلته، كما حصل أيضا على تكريمات من وزراء الأعلام المختلفين الذين عاصرهم أثناء عمله  الإذاعي و التلفزيوني.

كيف كان يعامل أسرته في المنزل؟

بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل مجهوده وإبداعه وتميزه وتألقه نجح والدي في تحقيق نجاحات عدة على المستوى المهني، إلا أن هذا الأمر لا يعني في المقابل انشغاله عن أسرته الصغيرة وأبنائه الثلاثة بل كان حريصا كل الحرص على خلق أجواء دافئة ننعم بها جميعا فكان أبي هو مصدر الحب والأمان والحماية وهو الدرع الواقي لنا من مخاطر الزمان، فكان يحنوا علينا ولم ينقطع عطاؤه يوما من الأيام، كما شارك والدي العزيز امي السيدة اسمهان البلك التي كانت لها أيضا بصمات مضيئة في عالم الإذاعة، في تحمل المسئوليات والأعباء الحياتية المختلفة من خلال الاستماع لمشاكلنا والعمل على حلها واحتوائها، و بذل كل ما في وسعه لسد احتياجاتنا وتحقيق رغباتنا، وغرس فينا الأمل والطموح وحب العمل وكان لهذا الأمر بالغ الأثر في نفوس ووجدان اخواتي الذين نجحوا في الوصول إلى مكانة مرموقة في المجالات المختلفة، فأخي الأكبر الدكتور عمرو البلك أستاذ جامعي وطبيب أسنان، وأخي الأصغر أحمد البلك يتقلد منصب مدير عام النشرات في قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري، وأنا الابن الأوسط استشعر دائما بانني استلمت الراية من والدي في العمل كمذيع في عدة محطات وقنوات مصرية وعربية.

ما هى أبرز النصائح التي كانت يهتم والدك بتوجيهها لأسرته؟

والدى دائما ما كان يوصينى بألا أهتم ما يقوله الناس، ولا اهتم بمن ينتقدنى وما يقوله وأركز في عملى، وأننى طالما أعمل سأجد من ينتقدنى كى أفشل، فيجب ألا أهتم بهذا الأمر، ودائما يجب أن أثق بنفسى وقدراتى.

هل كان والدك يستطيع الموازنة بين عمله في الإذاعة والتليفزيون وبين حياته مع أسرته؟

والدى رغم مشغولياته في عمله، كان يخصص وقت للجلوس مع أبنائه، رغم أنه كان لديه عمل صباحا في الإذاعة، وأحيانا عمل في التليفزيون مع الإذاعة، وفى الليل كان يقدم نشرات أخبار أحيانا، أو برامج يسجلها، ولكن كان هناك أوقات كثيرة يجلس معنا، ونسافر مع بعضنا ونخرج مع بعضنا.

كيف كان يتعامل والدك مع دعوات العشاء والحفلات بحكم عمله؟

والدى كان لا يحب أن يتقرب إلى المسئولين، رغم أنه كان يأتي له دعوات عشاء كثيرة للغاية، ولكن لم يكن يحضر أغلبها، وقليل ما كان يحضرها، ولم يكن يحب الذهاب إلى الحفلات، فكان يحب أن يجلس في المنزل مع أولاده، فكان عندما يتم سؤاله نتعشى في المنزل أم في الخارج يقول إنه يفضل العشاء في المنزل، وهذا ما جعل أسرتنا متماسكة.

كيف أثر رحيل والدك على الأسرة؟

لقد أوجعنا رحيله جميعا وتأثرنا من لوعة الفراق وألم الفقد، ولكن طيف والدي العزيز و الطاهر كان وما زال معي في كل خطوة أخطوها وفي كل عمل وفي كل موقف، فحبه اخترق وجداننا ، فقد اهدانا سنوات عمره وافنى نفسه ليسعدن، ومن شدة تعلقي بأبي الحبيب عندما رزقني الله بمولود اتفقت مع زوجتي أن يكون اسمه حلمي، ليكمل مسيرة جده ليس فقط في الاسم وانما في الخلق والعلم والعمل، وأدعو الله سبحانه وتعالى ان يكون إبني حلمي خير خلف لخير سلف فالسيرة الطيبة دائما وابدا اطول من العمر وهي الباقية.

ماذا قالت والدتك عن والدك حلمى البلك بعد وفاته؟

والدتى كانت دائما ما تقول إن والدى هو أستاذها، فهما فعليا أقارب أولاد عم، ووالدى أكبر منها بـ 10 سنوات، ووالدتى عملت في الإذاعة بعد أن عمل والدى بالإذاعة، وكلاهما كان يعمل في إذاعة صوت العرب، وكان والدى دائما مديرها، ووالدتى ظلت دائما تتذكر والدى بالخير، وتقول إنه كان أستاذا ولم يأخذ حقه في التقدير.

هل والدك كان لديه عمل يريد إخراجه للنور ولكن منعته الوفاة من ذلك؟

والدى كتب سلسلة "أهل البيت" بشكل كامل، ونشر منها ما يقرب من 3 كتب، وكتبها بشكل كامل، وتمنى أن ينشرها بشكل كامل، لكن غيبه الموت ولم يكمل نشرها، ووالدى كان يحب أن يدرب المذيعين وكان يدرب في كلية الإعلام، وبعد مرضه كان يكتب برنامج "حتى مطلع الفجر"، ويرسله مع والدتى للإذاعة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة