سفير هولندا بيتر موليما فى أول حوار صحفى: مصر شريك استراتيجي وبوابة دخول أفريقيا.. الاصلاحات الاقتصادية الجريئة ستجذب المزيد من الاستثمارات.. ونتعاون مع القاهرة بشكل مكثف فى ملف غزة وهدفنا تحقيق السلام

** ⁠اتناول الطعمية يوميا .. واتمنى فوز الطواحين بكاس العالم ولو مرة واحدة
 

علاقات سياسية واقتصادية وتجارية، تكشف قوة العلاقة بين مصر وهولندا،  شهدت تطورًا خلال السنوات الأخيرة، ظهر في حجم التبادل التجارى بين البلدين، حيث بلغت  الصادرات من هولندا نهاية عام 2022 إلى  ما يقرب من 2 مليار يورو و1.5 مليار يورو من الواردات،  وارتفعت الاستثمارات الهولندية على الأراضى المصرية إلى المرتبة الثالثة بين الاستثمارات الأجنبية، بإجمالى 4,7 مليار دولار عام 2022 ، موزعة على 752 مشروع.

وعكست الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، توافق الرؤى، حول أهمية مصر كشريك موثوق فيه للاتحاد الأوروبى ودوله الأعضاء، في كافة المجالات، واعتبارها شريكًا استراتيجيًا في الكثير من القضايا، آخرها القضية الفلسطينية، كما  أكد رئيس وزراء مملكة هولندا مارك روته  على أن بلاده تقدر دور مصر على جميع الأصعدة لاحتواء الأزمة في قطاع غزة، مع ضرورة إدخال المزيد من المساعدات والعمل على وقف فورى لإطلاق النار.

حول كل هذا وأكثر، تحدث السفير الهولندي بالقاهرة بيتر موليما ، والذى تسلم عمله بمصر منذ أشهر قليلة،  بعد أن مثل هولندا في رام الله، وعمل كدبلوماسي في وزارة الخارجية الهولندية منذ عام 1986، في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، وباكستان والأمم المتحدة ، فإليكم الحوار:

سفير هولندا 

في البداية قال السفير الهولندي في القاهرة، بيتر موليما، إن مصر بالنسبة لهولندا والاتحاد الأوروبى، شريكًا مهمًا و استراتيجىًا  على مختلف الأصعدة سياسيًا واقتصاديًا، نظرًا لموقعها الاستراتيجي وأهمية قناة السويس، وتاريخها الذي يجذب السياح من كل أنحاء العالم، وتمثل ممرا للوصول إلى بقية أوروبا، وبالتالي فهي تلعب دورًا مهمًا للغاية في هذا الصدد حيث أنها طريق مفتوح لخطوط الإمداد إلى أوروبا، ليس فقط للبضائع، ولكن للغاز والنفط وكل شيء من هذا القبيل، كما أن مصر بوابة لأوروبا والعالم للوصول إلى أفريقيا.

بيتر موليما

وعلى الصعيد السياسي، قال بيتر إن مصر وهولندا يتبادلان باستمرار الزيارات رفيعة المستوى، وكذلك الاتصال الهاتفى  المستمر، حيث يعمل البلدان سويًا على محاولة إيجاد حل لقضية الحرب في غزة، مشيرًا إلى زيارة رئيس وزراء هولندا ووزير الخارجية إلى مصر، مارس الماضى، حيث التقيا الرئيس عبد الفتاح السيسى ووزير الخارجية سامح شكرى،و تم التباحث بشأن تطوير العلاقات الثنائية، ومستجدات الأوضاع الإقليمية، خاصة جهود مصر لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة، وأكدا  على العمل سويًا  لمحاولة إيجاد مخرج من هذا الوضع.

ووصف بيتر الوضع الحالي في غزة بأنه صعب بما فيه الكفاية، مشيدًا بدور مصر وسعيها المستمر لحل الأزمة، كما أن ما يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي  ووزير الخارجية سامح شكري، يتوافق تمامًا مع رؤي الاتحاد الأوروبي، وبالتالي  يتم العمل سويًا على حل الأزمة من أجل غزة و استقرار الوضع الإقليمي.

وأشاد السفير الهولندي بالإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها مصر مؤخراً، والنتائج الإيجابية التي شهدها الاقتصاد المصري، والعمل على حل أزمة العملة الأجنبية وقيود النقد الأجنبي، قائلأ: مصر اتخذت خطوات شجاعة، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تظهر النتائج، بعد أن تشعر الشركات الأوروبية بالثقة في الاستثمار بها،  ونأمل أن تستمر هذه الإصلاحات كما تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتدعم هولندا بالكامل الشراكة الاستراتيجية التي تطورها مصر والاتحاد الأوروبي، من بينها مؤتمر الأعمال لجذب الاستثمارات الأوروبية المنعقد في  نهاية الشهر المقبل،  بمشاركة مميزة من  الشركات الهولندية، حيث يمكنهم الاستثمار في الزراعة والسياحة، وتنمية المناطق الساحلية، مع وجود فرص هائلة للاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر الذى تسعى مصر لأن تكون رائدة فيه.

سفير هولندا وهناء أبو العز

وعلى المستوى الاقتصادي، قال السفير الهولندي:  يتعاون البلدين في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر، حيث تشارك مصر بقوة في القمة العالمية للهيدروجين المنعقد في روتردام هولندا ، و تشارك الشركات المصرية  بالكثير من القطاعات التي تم الاتفاق علي التعاون فيها مسبقًا،  وكذلك يتم التنسيق للعمل في قطاع التنمية الساحلية، بالإضافة إلى الاستثمارات في  مجال الزراعة، خاصة  تطوير الحبوب ، بما يتلاءم مع التغييرات المناخية.

وأشار إلى تعاون مع ميناء روتردام الهولندى، وقناة السويس، لتفعيل ممر تموين السفن بالوقود الأخضر، من سنغافورة إلى روتردام مرورًا بمواني اقتصادية قناة السويس، وحال الانتهاء منه سيصبح الممر الأول من نوعه للتموين الأخضر للسفن بين القارات الثلاثة (آسيا وإفريقيا وأوروبا)، كاستغلال أمثل للموقع الاستراتيجي للمنطقة الاقتصادية وموانئها التابعة على البحرين الأحمر والمتوسط، إلى جانب تبادل الخبرات في تنمية مواني الهيئة، من خلال الشراكة الفنية، في مجالات رقمنة خدمات المواني، فضلًا عن زيادة معدلات التداول بين مواني الهيئة وميناء روتردام، خاصة وأن قناة السويس تسعى لتكون مركز للتنمية المستدامة، بريادتها للهيدروجين الأخضر،  والذى يمثل جزء هام في إنشاء الاقتصاد المستدام.

وتحدث السفير عن  الإقبال المتزايد للسياح الهولنديين على مصر، إضافةً إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي وصل إلى مليارات الدولارات سنويًا، مؤكدًا على أن كل من مصر وهولندا بحاجة ماسة إلى بعضهما البعض، ويسعيان لتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات.

بيتر موليما يتحدث عن السياحة الهولندية فى مصر

وتحدث بيتر عن ارتفاع نسبة السياحة بين البلدين خاصة بعد انتهاء جائحة كوفيد 19، ليصل عدد السياح الهولندين سنويًا إلى مصر 250 ألف سائح، يذهبون في وجهاتهم إلى القاهرة والبحر الأحمر والإسكندرية، خاصة مع انخفاض قيمة العملة، مشيرًا إلى أن مصر أصبحت أكثر إثارة للاهتمام  سواء من الناحية المالية، أو التاريخية  والثقافية. 

 ودعا السفير الهولندي إلى التعاون بين الجامعات المصرية والهولندية في مجالات الزراعية والتكنولوجيا ، بما يخلق تبادلًا للمعرفة، وزيادة فرص العمل في هذه القطاعات.

وعن خطة عمله خلال السنوات الأربعة المقبلة قال بيتر، إن أولوياته الحالية تتمثل في مواصلة العمل سياسيًا لحل الأزمة في غزة، واستمرار العمل في نمو الاستثمارات والتجارة بين البلدين، وكذلك دعم ازدهار القطاع الثقافي والسياحي، من خلال العمل على استقطاب مشاهير ومؤثرين لزيارة مصر بلد التاريخ والحضارة، بشكل يروج للسياحة إليها، خاصة وأن مصر لا تمثلها الأهرامات فقط، بل لديها الكثير من المناطق  الأثرية والتاريخية والعلاجية تستحق الزيارة.

وأشار بيتر إلى  أن الرياضة أحد أهم اللغات التي توحد الشعوب، لذلك  يأمل أن يتم العمل على دمج الشباب من خلال تطوير فريق لكرة القدم خاصة  النسائية،  مشيرًا إلى مشاركته في حدث لكرة القدم النسائية، بالتنسيق مع سفارتى بلجيكا وألمانيا.

وبالنسبة للشباب سيتم العمل على تبادل معرفة وثقافة بين الجامعات المصرية والهولندية وتنظيم مؤتمرات من شأنها ، واستغلال التكنولوجيا  والانترنت في تنظيم لقاءات مشتركة  ودورات تدريبية عبر الفيديو كول،  وستقوم السفارة الهولندية بالقاهرة، باستغلال منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعى، للترويج لهذه الدورات والفرص المتاحة ، لتطوير أنفسهم.

وعبر بيتر عن سعادته بزيارة مدن الإسكندرية والسويس ورفح منذ وصوله إلى مصر، وانبهاره بمدن  سياحية يتهافت عليها السياح، لا تتمثل فقط في تاريخ يزيد عن 3000 عام،  ولكن أيضًا تستطيع الغوص في مياه البحر الأحمر وتجربة أشياء جديدة، والمشاركة في الاحتفالات،  مشيرًا إلى تحمسه لزيارة شرم الشيخ والفيوم، وغيرها من المدن التي سيسعى خلال فترة تواجده في السنوات الأربعة المقبلة زيارتها.

وتحدث بيتر عن المصريين، مشيرًا إلى أنه رغم عدم تحدثه العربية، لكنه تفاجئ بقدرتهم على فهمه وفهم احتياجاته، كما أن معظم العاملين في الأسواق السياحية مثل خان الخليليى يعرفون لغات أجنبية كثيرة أولها الإنجليزية، مشيرًا إلى كرم الشعب المصريين وحسن ضيافتهم، حيث قاموا بدعوته على تناول  الشاي والجلوس على القهوة.

حوار مع السفير الهولندى الجديد بالقاهرة 

وعن الطعام المصرى، قال بيتر: أنا أحب طعام الشرق الأوسط، حيث  عشت في فلسطين والضفة الغربية ومصر كما هو حال العديد من الأماكن المختلفة في الشرق الأوسط حيث جاء الطعام نستمتع به"، قائلأً: أنا منذ وصولى إلى مصر أتناول يوميًا "الطعمية" في وجبة الغداء، كما أن  زوجتى "وقعت في غرام بابا غنوج"، وأفضل شيء في المطاعم المصرية، هو كمية السلطات التي تقدم إليك قبل الوجبات يتشارك فيها الجميع.

وبدا من الحوار شغف السفير الهولندي بكرة القدم، حيث أظهر حزنه الشديد لعدم حصول منتخب هولندا على كأس العالم ولو مرة واحدة رغم وصوله النهائيات 3 مرات، مشيرًا  إلى أن فريقه المفضل ليفربول حيث يتابع الهولندي فيرجيل فان ديك ومحمد صلاح.

وقال بيتر إن أحد أمنياته، أن تحصل هولندا على الكأس ولو مرة واحدة لأنه فريق يستحق ، ونتمنى أن يأتي لاعب يشبه في لياقته  واحترافيته الرياضية يوهان كرويف، ليحصد  الكأس.
وكان منتخب هولندا ظهوره في كأس العالم، خسر نهائي المونديال ثلاث مرات نسخ 1974 أمام ألمانيا الغربية، 1978 ضد الأرجنتين، وأخيرا 2010 أمام إسبانيا.