سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 إبريل 1907.. اللورد كرومر يزور الخديو عباس الثانى مودعا ومهددا: لو أطلقنا رصاصة واحدة ستكون القاضية على العائلة الخديوية

السبت، 27 أبريل 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 إبريل 1907.. اللورد كرومر يزور الخديو عباس الثانى مودعا ومهددا: لو أطلقنا رصاصة واحدة ستكون القاضية على العائلة الخديوية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ذهب اللورد كرومر، معتمد الاحتلال البريطانى لمصر، من 1883 إلى 1907 فى زيارة وداع للخديو عباس حلمى الثانى، بعد أن قررت الحكومة البريطانية إعفاءه من منصبه فى الأول من إبريل 1907، بسبب إدارته السيئة لمذبحة دنشواى، التى صدعت هيبة بريطانيا فى نظر أوروبا كلها، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا رئيس ديوان الخديو عباس الثانى فى الجزء الثالث من مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن».


كان استعفاء اللورد كرومر انتصارا كبيرا للحركة الوطنية التى قادها مصطفى كامل، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى كتابه «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية»، مضيفا:   «تولى منصبه فى مصر منذ سنة 1883، وبقى فيه إلى سنة 1907، أى أنه ظل يشغل هذا المركز مدة أربع وعشرين سنة، كان خلالها الحاكم المطلق لمصر، فلا شك أن إقصاءه عن هذه السلطة بعد هذه المدة الطويلة هو اعتراف بقوة الحركة الوطنية».


بعد قرار إعفاء كرومر، تألفت لجنة يوم 25 إبريل 1907 للاحتفال به، ويذكر «شفيق» أنه فى 27 إبريل، مثل هذا اليوم، 1907، ذهب كرومر إلى الخديو لوداعه، ودار حوار بينهما يكشف غطرسة كرومر ونظرة الاحتلال البريطانى لمصر، حيث قال كرومر للخديو:  «جئت إليك لآخر مرة، وقد لا نتقابل بعد ذلك، فالآن أريد ألا أخفى عليكم شيئا، فأقول بصراحة إن العلاقات الشخصية بينى وبينكم كانت طوال المدة التى أقمتها حسنة».


أبدى الخديو شكره، ثم واصل كرومر كلامه:  «أما العلاقات السياسية فكانت سيئة وخصوصا فى السنوات الأخيرة، فإن سموكم اندفعتم فى تيار اللواء، الصحيفة التى أسسها مصطفى كامل وأصبحت لسان الحزب الوطنى، والمؤيد «صحيفة على يوسف»، وطلب مجلس نيابى، فرد الخديو: «لم أطلب ذلك»، لكن كرومر واصل كلامه بصلف شديد:  «فما نفع هذا المجلس؟ ألم تعلموا أنه يكون ضدكم وأنكم تلعبون بالنار، فعليكم أن تتشجعوا وتخرجوا من المأزق الذى اندفعتم بنفسكم إليه، وتتركوا هذه الأمور لئلا تعرضوا مركز الخديوية للخطر، واعلموا أنه إذا حصل اختلال فى مصر واضطر الحال لاستخدام القوة العسكرية الإنجليزية، وأطلقت رصاصة واحدة، فإنها تكون القاضية على مصر وعلى العائلة الخديوية».


ضرب «كرومر» مثلا فى كلامه ليدلل على قوته وشدته، قائلا للخديو: «كان اعتصاب «اعتصام» سائقى العربات مصبوغا بصبغة سياسية وهذا شىء غير حسن، ولكن لما يعلمه المعتصبون من قوتى وشدتى انتهى الأمر بسلام ولم يستمر الاعتصاب، ولكن بعد خروجى سيرجع، وأن المسيحيين والوطنيين وأغلب المصريين مستاؤون من هذه الأمور»، ثم وجه سؤالا باستعلاء للخديو: «ما الذى دفعك لمقابلة مكتب الطان الذى نشر حديثه معك «حوار أدلى به عباس ونشرت ترجمته صحيفة اللواء»، وبعد أن ذكر سؤاله أضاف: «أما وقد حصل تغيير الآن فى المعتمد «يقصد خليفته»، فإن الفرصة أمامك، فيمكنك تغيير خطتك أولى من أن تكون سببا للضرر بشخصك والخديوية وعائلتك».


انتظر الخديو حتى وصل كرومر إلى نهاية كلامه، ثم رد، قائلا: «إذا كنت تعنى بكلمة عائلتى أولادى، فأنا ولله الحمد عندى ما يكفينى ويكفيهم، أما إذا كان القصد الأمراء الآخرين، فأنت ضيقت عليهم دائرة الانتساب لأسرتى، أعنى الدكريتو «القرار» المحدد لأعضاء العائلة الخديوية، وقد شجعتهم ضدى وعينت منهم أوصياء على أبناء العائلة بدون علمى، ولم أعلمه إلا من الصحف، ومن جهة سياستى فأنا أعلمتكم أننى لا أريد الضرر لبلادى، وأننى أبتعد عما يجلب لها أى ضرر، وفى مدة الـ15 عاما كانت الاستقامة من شعائرى، وكنت أجتهد فى تسهيل مهمتك، وأنا آسف على نسيانك الخدمات التى قمت بها لك، وأستغرب وصول كل إشاعة سيئة ضدى إلى أذنيك، وعدم وصول شىء من المساعى الحميدة التى كنت أقوم بها ».


انتهت المقابلة، وكان الخديو غاضبا مغتاظا مما حدث فيها، وعبر عن ذلك لرجاله، وحسب «شفيق»:   قال لنا الخديو، إن كلامه «كرومر » كان فى نهاية الغلظة، ينم عن نزوع إلى الانتقام والتشفى من خصم لم ينل بغيته منه ويريد تهديده وتهديد مركزه»، ويعلق شفيق، أنه إزاء هذه الغلظة قرر الخديو ألا يرسل مندوبا عن سموه فى حفلة وداع كرومر بالأوبرا.


بعد ثلاثة أيام من هذا اللقاء، وتحديدا فى يوم 30 إبريل، علم شفيق باشا من بطرس غالى باشا ناظر الخارجية، أن كرومر نقل كل ما دار بينه وبين الخديو بالنص إلى مسيو دوفيل بوا، قنصل عام هولندا أقدم القناصل الموجودين فى مصر، وعلم بطرس باشا من كرومر أن الخديو وعد بأن يتبرأ من الحزب الوطنى بزعامة مصطفى كامل، وذلك فى الخطاب الذى سيلقيه يوم استقبال جورست «المعتمد الجديد »، وأنه ألقى عليه نصائح بصفته محبا له بأن يبتعد عن مصطفى كامل وعلى يوسف وأحمد شوقى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة