سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 إبريل 1963.. طه حسين وزوجته فى الطريق إلى حفل تأبين أستاذه أحمد لطفى السيد ويتذكران نصف القرن من الصداقة مع الفقيد

الأحد، 21 أبريل 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 إبريل 1963.. طه حسين وزوجته فى الطريق إلى حفل تأبين أستاذه أحمد لطفى السيد ويتذكران نصف القرن من الصداقة مع الفقيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ركب عميد الأدب العربى، الدكتور طه حسين، السيارة وبجواره زوجته سوزان متجهين إلى مجمع اللغة العربية، يوم 21 أبريل، مثل هذا اليوم، 1963، لحضور حفل تأبين أستاذه وصديقه أحمد لطفى السيد، الذى توفى يوم 5 مارس 1963، وكان رئيسا للمجمع وطه نائبه، حسبما يذكر الدكتور محمد حسن الزيات فى كتابه «ما بعد الأيام».


فى الطريق استدعى طه ذكرياته مع الفقيد، الذى ولد فى يوم 15 يناير 1872، وكان يكبر طه بـ17 عاما، «مواليد 14 نوفمبر 1889»، حيث جمعتهما معركة استقلال الجامعة المصرية، حين قرر وزير المعارف، حلمى عيسى باشا، إعفاء «طه» من عمادة كلية الآداب ونقله إلى وزارة المعارف، يوم 3 مارس 1932، فاستقال لطفى السيد من منصبه مديرا للجامعة احتجاجا يوم 9 مارس 1932.


يذكر «طه» فى سيرته «الأيام» أنه أثناء تردده على مكتب أحمد لطفى السيد بجريدة الجريدة، عرف كثيرون من الشيوخ والشباب منهم محمد حسين هيكل، ومحمود عزمى، والسيد كامل، وكامل البندارى، وأتراب لهم كثيرون، ويضيف أنه:   «عرف بفضله لونا من المعرفة لم يكن يقدر أنه سيتاح له فى يوم من الأيام، فقد لقى عنده ذات يوم تلك الفتاة التى كان الناس يتحدثون عنها فيكثرون الحديث، لا لأنها كانت جميلة فاتنة، ولا لأنها كانت جذابة خلابة، ولكن لأنها كانت طامحة ملحة فى الطموح، ظفرت لأول مرة بالشهادة الثانوية، وكانت أول فتاة ظفرت بها، وهى نبوية موسى».


فى السيارة اجتر طه وزوجته ذكرياتهما معا مع لطفى السيد، ويذكرها محمد حسن الزيات، زوج أمينة ابنة طه حسين ووزير خارجية مصر أثناء حرب أكتوبر 1973، قال طه لزوجته: «عرفته وأنا فى سن 18، هى إذن صداقة دامت أكثر من نصف القرن».. ترد «سوزان»: «وعرفته أنا معك منذ حضورنا إلى مصر، مدة تجاوزت الأربعين عاما، وتبدو لى الآن أكثر من ذلك. إن عمر الصداقة لا يقاس بمرور السنين».


يكشف «طه»: «هو الذى حدثنى لأول مرة عن أوروبا، هو الذى ذكر لى أسماء لم أكن قد سمعت بها من قبل، فولتير، جان جاك روسو، ديدرو، مونتسكيو»، ترد «سوزان»: «ومع ذلك كان مصريا صميما»، وتسأل «طه»: «تذكر لهجته؟ يرد: نعم كان يحب أن يحتفظ بلهجة إقليم الشرقية، ويتبارى فى ذلك مع صديقنا الأستاذ مصطفى عبدالرازق، أستاذ الفلسفة الإسلامية وشيخ الأزهر، وتوفى 15 فبراير 1947 ومعى، ونحن نتحدث بلهجتنا الصعيدية»، تقول «سوزان»: «كانا أخوين بالنسبة لك، يرد طه: كان لطفى أبا وأخا، كان يحدثنا عن السياسة المصرية والعالمية فى غير تكلف، منه سمعت ألفاظ الديمقراطية والارستقراطية، وحكم الفرد وحكم الجماعة وآراء الفلاسفة، وكنا نقرأ فى مقالاته أن الأمة فوق كل مقام ».


تلتقط «سوزان» الكلمة الأخيرة ، وتسأل:   «فوق كل مقام، ألم يكن ذلك حديثا شديد الجرأة فى تلك الأيام؟، فيجيب طه: نعم، كان يقول إن الحكام ليسوا فى حقيقة الأمر إلا خداما أجراء للشعب، يخدمونه ويأخذون منه أجرهم، وتسأل «سوزان»: «ألم تذكر لى أن صاحبك أبوالعلاء المعرى قال شيئا مثل هذا؟ يرد: نعم، قال أبوالعلاء عن بعض الحكام الجائرين: «ظلموا الرعية واستجازوا كيدها/ وعدوا مصالحها وهم أجراؤها»، على أن لطفى السيد هو نفسه الذى حببنى إلى أبوالعلاء، وأسعدنى جدا رضاؤه عن الرسالة التى كتبتها عن أبوالعلاء، وقدمتها للحصول على الدكتوراه من مصر، ترد «سوزان»: كذلك أذكر أنك لم تقدم رسالتك عن ابن خلدون إلى جامعة السوربون، إلا بعد أن أرسلتها من باريس إليه فى القاهرة فقرأها واستحسنها».


وصلا الاثنان إلى المجمع، ووفقا لـ«الزيات»: «ألقى طه كلمة وأنهاها قائلا: فقدت كثيرا من الأحباء الأعزاء على، فوجدت ما يجد الإنسان من اللوعة والأسى، ولكنى لم أجد قط مثل ما أجد الآن، بعد أن فقدت هذا الأب الرحيم والصديق الحميم، ولم يخطئ الشاعر القديم حين قال: ليس على طول الحياة ندم/ ومن وراء المرء ما يعلم/ يموت والد، ويخلف مولود/ وكل ذى أب ييتم».


يذكر «الزيات»، أن الأعضاء انصرفوا وبقى «طه» فقال له الدكتور إبراهيم بيومى مدكور:  «كان عسيرا علينا حبس الدموع، هذا لطفى باشا قد تركنا، الله المسؤول أن يبارك لنا فى عمرك»، ويضيف «الزيات»: «بعد 5 أشهر، وفى فندق صغير فى قرية كولى ايزاركو بإيطاليا، سبتمبر 1963، يقرأ سكرتير طه حسين عليه البريد والصحف المصرية خبر قرار رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر بتعيينه رئيسا لمجمع اللغة العربية، فيعلق «طه»: يرحم الله لطفى السيد، ما أظن خسارة المجمع بوفاته يمكن أن تعوض، على أن العمل ينبغى أن يستمر ».










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة