أكرم القصاص

التسويق والجمهور.. صناعة النميمة والاستعراض على شبكات التواصل!

الأربعاء، 06 مارس 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من متابعة الأحداث والتفاصيل والقضايا التى تفرض نفسها على عالم التواصل، فإن هناك دائما مفارقة أن تصبح الموضوعات الهامشية أكثر سيطرة من الموضوعات والقضايا المهمة، وتظل هناك تساؤلات عن السبب الذى يجعل موضوعا ما «تريند»، بينما يلقى بآخر إلى خارج الاهتمام مهما كانت أهميته. 
 
يرحل فنان وموسيقار كبير مثل حلمى بكر، فتتحول العناوين الرئيسية إلى خلافات ونميمة وصراعات على مكان الدفن والجثمان، أو اتهامات متبادلة بين زوجته الحالية وأبنائه، وقبلها تسريبات وتصريحات واتهامات تشعل الصراع، وتنتقل الأخبار من الفن إلى الحوادث، وتصبح هذه التفاصيل أكثر انتشارا وإثارة للجدل والمتابعة، تستهلك وقتا وجهدا ومساحات متسعة من الجدل، لدرجة أن الحديث عن الموسيقار توقف وأتاح مساحات للخلافات والقضايا والمحامين والتصريحات والردود، وتحول ابن المرحوم إلى طرف عاد من الخارج ليخوض حربا على مواقع التواصل انتقلت إلى بعض المواقع الصحفية، لتمثل قضية القضايا.
 
هذا مجرد مثال على ما يجرى، والذى يمثل انفجارات مؤقتة سرعان ما تنتهى لتترك مجالا لغيرها من الموضوعات، ويبقى البحث عن تفسير أو سبب أو مسؤول أمرا بلا إجابة ضمن باقى قضايا الخصوصية والنشر على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى، والتى تضع المجتمع أمام وقائع جدلية، تثيرها عمليات النشر والشير، يبررها البعض بتبريرات أخلاقية، ويرفضها البعض لضررها المضاعف على الأفراد والمجتمع، ويطالب البعض بقوانين وتشريعات، بينما الواقع يشير إلى أن التشريعات القائمة كافية، وتحتاج إلى تفعيل، وأن القضية تتطلب نقاشا فى المجتمع الطبيعى والافتراضى وصولا إلى قواعد يمكنها أن تحكم المجتمع المعقد، مع صعوبة التوصل إلى قواعد يمكنها تحديد المسموح والممنوع طالما كان هناك مجتمع مستعد لاستهلاك هذه المواد للتسلية أو للمتابعة، وهى أمور من الصعب التقاط قوانينها التى ترتبط بخوارزميات وأطراف هدفها الربح أو جذب زبائن.
 
وهناك نماذج لنشطاء وبلوجرز يقدمون حياتهم الخاصة مختارين فى فيديوهات للعرض العام، ومنها مشاهد شديدة الخصوصية، بحثا عن مشاهدات، ووصل الأمر بشاب أن يسجل ويوثق بالفيديو اللحظات الأخيرة لاحتضار والده وتفاصيل الوفاة وما بعدها حتى الدفن، وتباهى بأن الفيديو بعد عرضه على تيك توك حقق 1.6 مليون مشاهدة، وأن نسبة المشاهدات دليل على وجود جمهور شاهد الفيديو ودعا لوالده، وهذه فى حد ذاتها قضية جدلية، فيما يتعلق بالمشاهدات فهى تتحقق سواء كان المتفرج رافضا أو موافقا، وبالتالى يربح صاحب الحساب بصرف النظر عما يقدمه من محتوى.  
 
يفتح هذا التوجه الباب للمزيد من الاستعراضات التى تمثل مادة للفرجة والعرض على مواقع التواصل، بصرف النظر عما إذا كانت تنافى الشعور أو المجتمعات، لأن المواد المثيرة والنميمة والمعارك الكلامية والحياة الخاصة والصراعات هى التى تحقق نسب مشاهدة وعوائد لهذه المنصات، وتدعم مجتمع الاستعراض والنميمة.   
 
ويظل السؤال المهم: هل الجمهور الذى يتفرج هو الذى يشجع على شيوع وانتشار هذا النوع من المنتجات، أم أن لعبة التسويق هى التى تضاعف من إقبال الجمهور وتلعب على خبرات تسويقية بهذا الجمهور؟، غالبا بالرغم من صعوبة الإجابة، لكنها دائرة مشتركة، لكن الأهم أن الشركات والمنصات الكبرى مثل فيس بوك وتيك توك، تشجع المنتجات التى يمكنها أن تبقى الجمهور أطول فترة ممكنة، لأنها تدرس أمزجة ورغبات الجمهور، لتصبح خوارزميات تتفاعل وتتشابك لتقيم شبكات قادرة على تسويق النميمة والاستعراض، بل ربما التهجم والتشهير، طالما كان قادرا على صناعة مشاهدات.
 
p
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة