سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 7 فبراير 1975 ..بعد أربعة أيام من رحيلها.. ما سر الظاهرة التى تحمل اسم أم كلثوم.. سؤال يطرحه ويجيب عنه الكاتب أحمد بهجت

الأربعاء، 07 فبراير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 7 فبراير 1975 ..بعد أربعة أيام من رحيلها.. ما سر الظاهرة التى تحمل اسم أم كلثوم.. سؤال يطرحه ويجيب عنه الكاتب أحمد بهجت أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سافر الكاتب الكبير أحمد بهجت مع سيدة الغناء العربى أم كلثوم شهرين متتاليين فى رحلاتها للغناء فى تونس ولبنان والسودان والكويت لصالح المجهود الحربى، بعد هزيمة 5 يونيو 1967، فاقترب منها وشغله سؤال: «ما هو سر الظاهرة التى تحمل اسم أم كلثوم»، وقدم إجابته بعد وفاتها بأربعة أيام فى مقاله «أم كلثوم محاولة تفسيرها كظاهرة» بجريدة الأهرام 7 فبراير، مثل هذا اليوم، 1975.
 
كان «بهجت» كاتبا مرموقا وصاحب رحلة صحفية طويلة، قدم فيها عموده اليومى الشهير بالأهرام «صندوق الدنيا»، ومؤلفات أشهرها «مذكرات صائم، قصص الأنبياء، قميص يوسف، مذكرات زوج، قصص الحيوان فى القرآن»، وكتب سيناريوهات لأفلام أشهرها «أيام السادات»، بالإضافة إلى المسلسل التليفزيونى «ألف ليلة وليلة»، وكتب البرنامج الإذاعى الشهير «كلمتين وبس»، تقديم فؤاد المهندس.
 
«امتلك بهجت لسانا ساخرا وقلبا عاشقا وعقل فيلسوف وذكاء فنان»، بوصف الأهرام فى تعليقها على خبر وفاته فى 11 ديسمبر 2011، ويظهر عقله وقلبه وذكاؤه فى مقاله «أم كلثوم محاولة تفسيرها كظاهرة»، مؤكدا فيه على أنه كان يعرفها كغيره من المصريين معجبا بها، لكن لم يكن يعرف سر إعجابه، ثم جاءته فرصة الاقتراب منها خلال شهرين كاملين، فعرف لماذا يحبها الناس كل هذا الحب.
 
يذكر: «ولدت أم كلثوم فى نهاية القرن التاسع عشر وقبل أن يولد القرن العشرين بعامين اثنين، 1898، وماتت سنة 1975، أى عاشت ما يقرب من 77 عاما، وقيل نقلا عنها أنها بدأت الغناء فى التاسعة من عمرها، وجاءت إلى القاهرة سنة 1921، وبدأت الغناء بشكل منتظم بعد مجيئها للقاهرة بأربعة أعوام، فمعنى هذا أنها غنت بانتظام 50 عاما كاملة، ونصف القرن من الغناء المستمر فى حد ذاته ظاهرة تستحق الدراسة، خاصة أنها عاشت ملكة الغناء الشرقى بلا منازع على العرش، وماتت فى قمة مجدها الفنى رغم كل شىء.
 
يضيف: «بدأت أم كلثوم كمغنية، ثم تحولت إلى ظاهرة فنية، ثم صارت ظاهرة عامة»، ويؤكد: «أسلوبها فى الإبداع الفنى كان محيرا لعديد من النقاد، والإبداع الفنى ليس صوتا عبقريا فحسب، إنما هو عصارة موهبة متعددة الجوانب موصولة العطاء»، ويستشهد بما قاله الشيخ زكريا أحمد بأن «الجملة الموسيقية بأداء الملحن تكون عادة أفضل منها بأداء المغنى أو المغنية، لأن الملحن هو خالق الجملة الموسيقية»، لكن «بهجت» يرى أن هذا القانون الفنى الذى يذكره الشيخ زكريا كان ينكسر عند أم كلثوم، قائلا: «هى تؤدى الجملة الموسيقية أفضل من أداء الملحن لها لمعرفة مواطن القوة فى صوتها، وتتحدى بموهبتها الملحن أن يقدم لها أصعب الألحان ثم تؤدى هذا اللحن بصوتها الذكى أداء متميزا له شخصيته، وصوتها العبقرى وأداؤها الذكى أول درجتين فى صعود نجمها كظاهرة فنية».
 
ينتقل «بهجت» إلى نقطة جديدة وهى «نظرة الشرق إلى الحب على أنه شىء محرم، فى الوقت نفسه الذى تهفو فيه قلوب الملايين إلى الحب، ويمارس فيه الآلاف تجارب الحب، وهذا التناقض بين الفكر والفعل كان يخفف منه أن تغنى لنا أم كلثوم ساعات من الحب، هذا التنفيس عن مشاعرنا الخاصة لا بد أن يلقى صداه فى نفوسنا».
 
ويذكر أن ارتباطها بالفكرة العربية واللغة العربية جعل منها نشيدا مشتركا يذكر الناس بعروبتهم لا اختلاف عليه، وجعل الأذن العربية تستريح معها، يضيف: «حافظت لفترة طويلة على صوت الحب والمحب لما كانا فى الغناء العربى القديم، وحافظت على طابع الأغنية الشرقية بطابعها الذى يقوم على إبراز مظهر الارتجال أو التصرف، والإعادة مع تصرف وهذا ما امتازت به وحدها، وذلك شىء يغبطنا عليه الموسيقيون من الغرب، كانت أم كلثوم سيدة أولى فى هذه المدرسة، والتصرف الفنى والارتجال ليس من إنتاج المغنى وحده فحسب، إنما هو من إنتاج المطرب والسميعة فى آن واحد، لأن التجاوب الروحى الذى يوجد بين الفنان والمستمع هو نفسه التجاوب العملى الذى يتأتى من الطبقة بين الصوت، وما يوجد حوله من أوتار كانت تزيد من ابتكاراتها فى اللحن، وتمزج الكلمة بالنغم بالآهة بالجمهور، فلا يعود ممكنا أن نعرف أين موقع المعنى من موقع الجمهور، ولا من أين نعرف السحر ولا من هو المسحور».
 
يضيف: «استغرقت أم كلثوم فترة طويلة حتى أكدت نفسها كظاهرة فنية ثم تجاوزتها إلى صيرورتها ظاهرة عامة، ظلت تغنى عن الحب حتى ارتبطت فى أذهان الناس بالحب، غنت للأمل والصحراء والليل، ووقفت على الأطلال، وغنت لمقاومة الهزيمة بعد السابع والستين، كما كانت كلماتها عن الوطن جريئة وشجاعة، أحس الناس أنهم يحبون أم كلثوم لشىء أكثر من الغناء، وبعد أن كانت طريق الحب وخطوة المحب، وضعف العاشق ووجد المهجور، صارت بين الرموز رمزا لقدرة الشخصية المصرية على العطاء والتوهج حتى اللحظات الأخيرة».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة