مصر وتركيا يعيدان تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجى للارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة.. الخطوة تضع إطارا مؤسسيا بين البلدين.. وتدفع نحو التنسيق فى مختلف القضايا.. وزيارة أردوغان تعزز الإجماع الإقليمى حول غزة

الأربعاء، 14 فبراير 2024 06:00 م
مصر وتركيا يعيدان تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجى للارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة.. الخطوة تضع إطارا مؤسسيا بين البلدين.. وتدفع نحو التنسيق فى مختلف القضايا.. وزيارة أردوغان تعزز الإجماع الإقليمى حول غزة الرئيس السيسى ونظيره التركي يعيدان اجتماعات المجلس الاستراتيجى للعلاقات بين البلدين
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حالة من الزخم تحظى بها الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، ليس فقط لكونها الأولى من نوعها، منذ أكثر من عقد من الزمان، أو على خلفية تدشينها لفصل جديد في تاريخ العلاقات بين البلدين، ولكن أيضا بسبب توقيت الزيارة، والذي تزامن مع العديد من الأحداث، ربما أبزرها العدوان على قطاع غزة، وما آل إليه من تداعيات كبيرة، على المستوى الإنساني، بالإضافة إلى المحاولات المستميتة من قبل إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية، والتي تحظى بمركزيتها الإقليمية، في منطقة الشرق الأوسط، عبر تصدير الفوضى للإقليم بأسره عبر دعوات مشبوهة، أبرزها تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وبالتالي تجريد الدولة المنشودة من شعبها.
 
ولعل توقيت زيارة أردوغان للقاهرة، يمثل في جوهره أهمية بالغة، خاصة مع إعادة تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وهو ما يعكس رغبة مشتركة من الجانبين للارتقاء بمستوى العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية، في ضوء إدراكهما للأهمية الكبيرة والتأثير الكبير الذي تحظيان به، ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما أيضا على المستوى الدولي، في ضوء مكانة مصر الكبيرة، والثقة الكبيرة في قدراتها الدبلوماسية، وهو ما بدا بجلاء منذ لحظة العدوان على غزة، عبر تغيير العديد من دول المعسكر الغربي، لمواقفها تجاه الاحتلال، والتحول من حالة التعاطف معه إلى الإدانة، مع بدء الحديث داخل أروقة السلطة في عدة دول موالية للدولة العبرية عن أهمية الاعتراف بدولة فلسطين، بينما تبقى تركيا لاعبا مؤثرا، بحكم عضويتها في حلف الناتو، بالإضافة إلى علاقاتها القوية مع العديد من القوى الكبرى.
 
وفي الواقع، تبدو أهمية زيارة أردوغان للقاهرة، فيما يتعلق بأزمة غزة، تعزيزا للنهج المصري القائم على تحقيق إجماع إقليمي، حول ثوابت القضية الفلسطينية، وفي القلب منها العدوان على القطاع، يقوم في الأساس على وقف إطلاق النار، وتمرير المساعدات الإنسانية، وحشد ضغط دولي على الاحتلال الإسرائيلي للاستجابة إلى نداء العقل، تمهيدا لمفاوضات الحل النهائي المرتبطة بالقضية على أساس الشرعية الدولية والقائمة على حل الدولتين.
 
إعادة تشكيل المجلس، يمثل خطوة عملاقة، لا ترتبط فقط بتعزيز العلاقات بين البلدين، وإنما أيضا بوضعها في إطار مؤسسي، من شأنه التنسيق في مختلف القضايا، سواء المرتبطة بالعلاقات الثنائية، أو فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، والمواقف منها، وبالتالي المساهمة بصورة كبيرة في تعزيز الجبهة الإقليمية، في مواجهة العديد من التحديات العالمية، بينما يمكنه في الوقت نفسه احتواء أي خلافات تطرأ بين الجانبين، إن وجدت، في المستقبل، بحيث يمكن احتوائها بما يراعي المصالح الاستراتيجية، وبالتالي عدم السماح لتفاقمها إلى حد الصراع، خاصة وأن الصراعات بين القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط ساهمت بصورة كبيرة في تأجيج الفوضى، خلال العقد الماضي، بينما تراجعت الأولويات المشتركة على حسابها.
 
ولعل إعادة تشكيل المجلس بمثابة لبنة جديدة، في إطار تعظيم المصالح المشتركة، بين مصر وتركيا، وهو ما يمثل امتدادا للنهج المصري القائم على تعزيز العلاقات بين القوى الإقليمية، عبر دبلوماسية "بناء الشراكة"، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا للعديد من الخطوات التي سبق وأن اتخذتها خلال عشرة سنوات ماضية، ساهمت بصورة كبيرة في حزمة من المصالحات، ساهمت في تعزيز قدر كبير من الاستقرار الإقليمي بعد سنوات الفوضى.
 
ويعد توقيت الخطوة المصرية التركية، نموذجيا، في ظل الأزمات الإقليمية المتواترة، سواء المرتبطة ببقايا الربيع العربي، على غرار السودان وليبيا، أو تلك التي نجمت عن أزمة غزة، في ضوء محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتصدير الفوضى إلى دول المنطقة، عبر توسيع نطاق المعركة التي يخوضها جغرافيا، وإطالة أمدها زمنيا، حيث يمثل استلهاما صريحا لدروس الماضي القريب، عبر تشكيل حائط صد إقليمي أمام محاولات إشعال فتن جديدة بالشرق الأوسط، من شأنها تأجيج الأزمات.
 
بينما يبقى الأمر مثاليا، فيما يتعلق بمصالح البلدين، على المستوى الثنائى، عبر تعزيز التعاون، وزيادة حجم التبادل التجاري، ناهيك عن جذب الاستثمارات، في ضوء أزمة اقتصادية عالمية ولدت من رحم أوضاع جيوسياسية مختلة، لا تقتصر في واقع الأمر على منطقة الشرق الأوسط، أو الأوضاع في غزة، والتي ترتبط مباشرة بالأمن القومي المصري، وإنما بزغت في مناطق تمثل عمقا استراتيجيا مهما لتركيا، على غرار أوكرانيا، والتي تشهد صراعا مع روسيا، منذ عامين، ليترك تداعيات كبيرة على قطاعات اقتصادية حيوية، يمكنها التأثير عليها بصورة مباشرة، وهو ما يتطلب العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين، في إطار تنويع التحالفات الدولية، وهو ما يتواكب مع طبيعة المرحلة الدولية والتي تشهد مخاضا، جراء ظهور قوى مؤثرة من شأنها مزاحمة عرش واشنطن على قمة النظام الدولي، بالإضافة إلى تصاعد دور القوى الإقليمية المؤثرة في مختلف مناطق العالم، وقدرتها على تقديم رؤى مقبولة دوليا، على غرار مصر، والتي تمكنت من فرض رؤيتها على العالم، في العديد من الملفات المرتبطة بأزمة غزة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة