شريف الشوباشي: هيكل كان متواضعا وعلاقتى به طيبة.. والطهطاوي أبو التنوير

قال الكاتب والمفكر شريف الشوباشى، إنّه كانت هناك فجوة بين القدماء والمحدثين، أو الكبار والشباب، وهذا الأمر طبيعة بشرية، مشيرًا إلى أن الفجوة الآن بين الكبار والشباب فى مصر كبيرة جدا مقارنة بالماضى. 

وأضاف "الشوباشي"، خلال حواره مع الإعلامى محمد الباز مقدم برنامج "الشاهد"، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن هذه الفجوة موجودة على مستويات متعددة، أوضحها المستوى اللغوى، موضحًا: "أغلب الشباب فى الطبقة المتوسطة العليا يتحدثون بلغة أجنبية، وفى الخليج، يتحدث كل الشباب بلغة أجنبية". 

وتابع الكاتب والمفكر: "هناك فجوة كبيرة بين الشباب الذى يتحدث بلغة أجنبية والكبار الذين يتحدثون باللغة العربية، كما أن الصغار ولدوا وفى أفواههم ملعقة ذهب، فقد تربوا على النت، أما أنا، فعندما كنت صغيرا كان الراديو الضخم تكنولوجيا متقدمة وكنا ممنوعين من لمسه، أما الصغار، فإن النت أصبح متوفرا لديهم ويمكنهم الحصول على أى معلومة، ما أحدث فجوة معرفية بين الشباب والكبار".

وقال شريف الشوباشى، أن هناك فجوة استشرافية بين الشباب والكبار، حيث أن استشراف العالم يكون إما من خلال أفق ضيق أو أفق محدود أو أفق منفتح على العالم. 

وأضاف "الشوباشي"، : "الشباب يعرف أشياءً كثيرة لا نعرفها نحن الكبار، أما بالنسبة إلى تأثير اتساع الفجوة بين الشباب والكبار على المجتمع، فإن هذا السؤال ليس صعبا فى الطرح، ولكن الصعب هو الإجابة عليه". 

وتابع الكاتب والمفكر: "الانفتاح على العالم الغربى قد يفتح الباب أمام التغريب وفقدان الهوية والابتعاد عن الأصالة وقيمنا الراسخة وقيم الدين الحقيقية، هذا الانفتاح يحدث عن طريق اللات الأجنبية، وتحديدا اللغة الإنجليزية". 

وواصل: "فى شبابى، كانت الطبقات الراقية تتحدث اللغة الفرنسية، ولكن الآن معظم الشباب يتحدثون اللغة الإنجليزية"، مشيرًا إلى أن رفاعة الطهطاوى أول من أدرك هذه الفكرة، فقد انبهر بفرنسا، وقال أن هناك قيم فى مصر والعالم العربى يجب الحفاظ عليها، عدا ذلك، يجب أن نأخذ من الغرب لأنه متقدم على العالم العربى بمراحل.

وأوضح الشوباشى، أن من يحتك بحضارة وثقافة الغرب يكون له ردتى فعل، الأولى الانبهار والرغبة العارمة فى التقليد، مشددًا على أن الاستسلام للانبهار والتقليد الأعمى للغرب يتسبب فى تفكك المجتمع. 

وأضاف "الشوباشي"، : "رد الفعل الثانى هو أن هؤلاء كفار وأعداء الدين ويضمرون للإسلام عداءً سافرا وهدفهم الوحيد تحطيم العالم الإسلامى والقضاء على الإسلام تماما وتركيع المسلمين والشعوب التى تدور فى فلك منطقة الشرق الأوسط". 

وتابع الكاتب والمفكر: "أرى أن ردتى الفعل هاتين خاطئتين يقع فيهما ما لا يقل عن 80% من الناس، فقد عشت أكثر من نصف حياتى العملية فى باريس، وكل المصريين الذين كانوا يأتون من هناك كنت أطلع على ردود فعلهم، ورصد هذا الأمر من خلال تجربتى لأنى التقيت كل الناس".

ولفت إلى أن رفاعة الطهطاوى أبو التنوير فى مصر والعالم العربى، مشيرًا إلى أن اطلع على خطاب بخط يده لم يخطئ فيه خطأ واحدا فى اللغة الفرنسية رغم أنه كان أزهريا معمما.

وأضاف، أن طول الجواب كان صفحة كاملة فيها 30 سطرا، مشيرًا إلى أنه قرأ جملتين باللغة الفرنسية للزعيم مصطفى كامل لم يكن فيهما أى خطأ فى اللغة الفرنسية. 

وتابع الكاتب والمفكر: "النهضة المصرية الحقيقية بدأت برفاعة رافع الطهطاوى فى ثلاثينيات وخمسينيات القرن التاسع عشر، ولكن جاك بيرك المفكر الفرنسى الشهير قال لى أن الجماعات الرجعية فى العالم العربى مشكلة كبيرة لأنها تجهض النهضة التى بدأت بفضل رفاعة الطهطاوى وحسن العطار ومحمد على باشا".

تابع: "فكرى أباظة وأحمد بهاء الدين وصالح جودت وأمينة السعيد كانوا عمالقة الصحافة فى مصر، فالكاتب الكبير فكرى أباظة كان يتواصل معى بشكل شبه يومى للسؤال عن تفاصيل الموضوعات التى يعمل عليها دون أى إحراج، رغم أننى كنت فى بداياتى بالعمل الصحفي".

وأضاف الشوباشى،: "كانت علاقتى أيضا طيبة للغاية مع الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، فقد ترك مكتب جريدة الأهرام فى فبراير 1974، وأنا توليت هذا المكتب عام 1985، وحين التقينا فى باريس كان انطباعى الأول عنه هو اعتزازه الكبير وثقته بنفسه بشكل مطلق، وكان أيضا متواضعا للغاية".

وواصل: "اكتشفت ذلك حين أرسل لى الأستاذ محمد حسنين هيكل أحد مقالاته للاطلاع عليه وإبداء رأيى المهنى به، وكنت محرجا للغاية عن كيفية إبداء رأيى فى الأستاذ هيكل، فهؤلاء الكتاب والصحفيين الكبار كان لديهم تواضع علمى ومعرفى ومهني".