سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يناير 1863.. الوالى سعيد باشا يستجيب لاستغاثة صديقه «نابليون الثالث» ويرسل كتيبة مصرية إلى المكسيك لمساندة فرنسا فى حربها

الإثنين، 08 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يناير 1863.. الوالى سعيد باشا يستجيب لاستغاثة صديقه «نابليون الثالث» ويرسل كتيبة مصرية إلى المكسيك لمساندة فرنسا فى حربها نابليون الثالث

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان نابليون الثالث امبراطور فرنسا صديقا لسعيد باشا، فأسرع والى مصر بالاستجابة لطلبه، حسب تأكيد الدكتور زين العابدين شمس الدين فى كتابه «مصر فى عهدى عباس وسعيد»، فما هى قصة هذه الحرب، وكيف شارك الجيش المصرى فيها؟
 
كانت جمهورية المكسيك يرأسها المسيو «جوارز»، وقامت فيها فتنة بهدف إسقاطه وانتزاع السلطة منه، ويذكر «شمس الدين»: «صادفت هذه الحركة هوى فى نفس الإمبراطور الفرنسى، وعمل على تعضيدها ليبسط نفوذه على المكسيك ويؤسس بها امبراطورية تحت رعايته، وكانت حجته الأضرار التى لحقت بالأوروبيين من جراء هذه الحرب الأهلية، فقام بمطالبة الحكومة المكسيكية بتعويض عن هذه الأضرار، ولم ينجح الامبراطور فى تأليب إنجلترا على المكسيك، فما كان منه إلا أن أرسل جيشا إليها وبعد أن لحقت الهزيمة بهذا الجيش استنجد بصديقه سعيد باشا».
 
يذكر الأمير «عمر طوسون» فى كتابه «بطولة الأورطة السودانية المصرية فى حرب المكسيك»، أن حكومة المكسيك أساءت معاملة كثير من رعايا فرنسا وإنجلترا وأسبانيا، ونهبت أموالهم على أثر مطالبهم لها بوفاء ما عليها لهم من الديون، فكان ذلك السبب الظاهر لهذه الحرب، ويقال إن الغرض الذى كان يسره نابليون الثالث فى قرارة نفسه ويرمى إليه من وراء هذه الحرب إنما هو تأسيس حكومة ملكية كاثوليكية فى المكسيك، ليضمن بذلك وجود التوازن فى هذه البلاد مع نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية.
 
يضيف طوسون: «عقدت هذه الحكومات الثلاث النية على استخدام القوة المسلحة للحصول على مطالب رعاياها، ووجهت كل منها حملة إلى المكسيك فى سنة 1861، ولكن لم يلبث الخلاف أن دب بين هذه الدول فسحبت إنجلترا وإسبانيا جنودهما من المكسيك فى إبريل 1862، وقامت فرنسا وحدها بأعباء هذه الحرب».
 
يصف «طوسون» طبيعة المكسيك قائلا: «تنقسم إلى جبال ووهاد، ووهادها تسمى الأراضى الحارة وهى واقعة على سواحلها البحرية، ومناخها وبيل تنتشر فيه الحمى الصفراء والدوسنتاريا وإذا قام به الأوروبيون فتكت بهم هذه الأمراض فتكا ذريعا، أما الزنوج فيمتازون بحصانة طبيعية ضد هذين المرضين ولهذا استخدمت فرنسا فيها عساكر منهم جندتهم لهذه الحرب خاصة من مستعمراتها، وخطر بفكر نابليون الثالث أن يرجو سعيد باشا والى مصر فى ذلك الحين أن يمده بآلاى من الجنود السودانيين، فقبل سعيد باشا رجاءه غير أنه لم يرسل سوى أورطة مؤلفة من 453 جنديا بين ضباط وصف ضباط وعسكر، وهذه الأورطة مكونة من أربعة بلوكات من آلاى المشاة التاسع عشر، واشتركت فى حرب المكسيك من عام 1863 إلى عام 1867».
 
وفيما يذكر «طوسون» أن عدد الجنود الذين تم إرسالهم 453 جنديا، يؤكد «شمس الدين نجم»، أنهم 1200، ويضيف طوسون، أنه فى 8 يناير، مثل هذا اليوم، 1863، أقلعت النقالة الفرنسية «لاشين» بالجنود من الإسكندرية مارة بطولون حتى وصلت إلى «فيراكروز» بالمكسيك يوم 23 فبراير، أى أن السفر استغرق 47 يوما، ومات خلاله سبعة جنود، وكانت الحملة بقيادة البكباشى «جبرة الله محمد أفندى» ووكيله اليوزباشى «محمد أفندى الماسى».
 
يضيف «طوسون» أنه جاء فى التقارير الفرنسية عن الحملة، أنها كانت ذات ملابس حسنة وسلاح جيد، وهيئة أنيقة واستعداد عسكرى يثير إعجاب كل من يراها، إلا أن سلاحهم كان يختلف عن أسلحة الجنود الفرنسيين، فنجم عن ذلك متاعب وعراقيل من جهة الذخيرة، فوزعت القيادة الفرنسية عليهم أسلحة فرنسية، وأودعت أسلحتهم فى المخازن ثم أعادتها إليهم عند رجوعهم إلى مصر، كما أن التفاهم معها فى بادئ الأمر كان متعذرا لجهل أفرادها للغة الفرنسية، فدعت الحالة إلى استخدام بعض الجنود الجزائريين الذين كانوا معهم فى حرب المكسيك للترجمة بينهم وبين سائر الجنود الفرنسية.
 
يؤكد «طوسون» أن جنود هذه الأورطة قدموا أعظم الخدمات لشجاعتهم وبراعتهم فى الرماية وضرب النار، وبذلك أمكن التعويل عليهم فى المواقع التى كان الجنود الفرنسية لا تستطيع المقام فيها، فصدوا غارات العصابات، ويذكر «شمس الدين نجم» أن القوات المصرية ظلت بالمكسيك مدة تزيد على أربع سنوات، قتل خلالها قائد الكتيبة، ولم يبق منها سوى بعض الضباط و300 جندى، وعادت إلى فرنسا بعد جلاء الفرنسيين عن المكسيك، واستعرضها الامبراطور الفرنسى بحضور القائد المصرى شاهين باشا الذى كان يزور فرنسا وقتئذ، ووزعت الأوسمة على بعض المميزين من رجالها، ورجعت إلى مصر عام 1867، فاستعرضها الخديو إسماعيل بسراى رأس التين وأمر بترقية عدد منهم.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة