سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 يناير 1944.. وفاة الأمير عمر طوسون «كبير سلالة الوالى سعيد باشا» الذى غرد خارج السرب فترك 40 كتابا وتاريخا وطنيا جعل الإسكندرية كلها تخرج لوداعه

الجمعة، 26 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 يناير 1944.. وفاة الأمير عمر طوسون «كبير سلالة الوالى سعيد باشا» الذى غرد خارج السرب فترك 40 كتابا وتاريخا وطنيا جعل الإسكندرية كلها تخرج لوداعه عمر طوسون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توفى الأمير عمر طوسون فى الإسكندرية يوم 26 يناير، مثل هذا اليوم، 1944 فودعه الناس فى جنازة لم تشهدها من قبل حتى ذلك الوقت، حسبما يذكر الدكتور محمد صبرى الدالى، فى كتابه «الأمير عمر طوسون»، وينقل عما أوردته الصحف عن الجنازة قائلة: «خرجت الإسكندرية كلها، لا فرق بين صغير وكبير، أو مصرى وأجنبي، وكانت الرقعة التى أوصى بأن يمر بها موكب جنازته، وهى ميدان محطة الإسكندرية وما يحيط به، والجانب الأول من شارع النبى دانيال وما يتفرع عنه، لا موضع فيها لقدم، أما السطوح والمرتفعات وحتى الأشجار فكانت مغطاة بخلائق لا يحصيها العدد».
 
توفى «طوسون» بعد فترة مرض بدأت عام 1940، ويذكر «فهمى قللينى» فى كتابه «الأمير عمر طوسون، حياته، آثاره، أعماله» أنه ترك وصية نصت على» أن يحمل جثمانه الطاهر من سراياه بباكوس فى رمل الإسكندرية إلى مدافن النبى دانيال على السيارة مباشرة بدون تشييع رسمى لها، ثم يكتفى فى العزاء على ما يعمل ويجرى عقب الدفن مباشرة مع منع إقامة الأخمسة، والأربعين، وحفلات التأبين وإقامة معالم الحداد، وذلك بارتداء الملابس السوداء، والكرافتات السوداء أو حتى المناديل المجللة بالسواد».
 
كان الحزن على فقدانه لأنه «أمير غرد غالبا خارج السرب» بتعبير صبرى الدالى، فهو المولود فى 8 سبتمبر 1872 لمحمد طوسون ابن الوالى سعيد باشا، وتوفى والده وابنه عمر ابنا لأربع سنوات فقط، فعاش طفولة يتيمة وربما غير سعيدة، ثم تلقى تعليمه الأول داخل قصر والده بالإسكندرية على يد معلمين خصوصيين ومختارين فدرس مبادئ العلوم واللغتين العربية والفرنسية، ثم أوفدته الأسرة إلى سويسرا، حيث انكب على الاغتراف من مناهل المعرفة، ودرس فى كبرى جامعاتها دراسة مستفيضة، ثم خرج منها متوجا بتيجان الفوز والنجاح حائزا على الشهادات الدالة على نجابته.
 
يأتى وصف عمر طوسون بأنه «أمير غرد خارج السرب» من كونه ابنا للأسرة العلوية، لكنه « تناسى حياة الأمراء الناعمة، فتفاعل مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية التى شهدتها مصر بعد الاحتلال البريطانى عام 1882، وكان أحد أهم أنصار الوحدة بين مصر والسودان ، وأعطى لهذه القضية الكثير من وقته وأمواله وعلاقاته الاجتماعية والسياسية، حسب تأكيد «صبرى الدالى»، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى فى حياة عمر طوسون الوطنية بدأت مع بدايات القرن العشرين، مضيفا: «كان من مؤيدى سياسة مصطفى كامل ومحمد فريد، أى مؤيدا لسياسة الحزب الوطنى القائلة بضرورة جلاء الإنجليز عن مصر، وبقدر ما إن مواقفه فى هذه الفترة أدت لتعرضه لبعض المضايقات السياسية مثل منعه من العودة من فرنسا عند نشوب الحرب العالمية الأولى، فإنها أيضا أبعدته عن أن يصل إلى حكم مصر بعد عزل الخديو عباس الثانى عام 1914، وكذلك بعد وفاة السلطان حسين كامل عام 1917».
 
يذكر «الدالى» أن المرحلة الثانية فى التفاعل الوطنى لعمر طوسون بدأت عند قرب نهاية الحرب العالمية الأولى، وتمثلت فى الأساس فى دعوته لتكوين وفد مصرى للذهاب إلى مؤتمر الصلح فى «فرساي» للمطالبة باستقلال مصر مع سودانها، ومع أنه كان صاحب الفكرة فإن سعد زغلول وصحيه وبالتعاون إلى حد كبير أوقليل مع السلطان فؤاد بل والإنجليز أبعدوه عن رئاسة «الوفد المصرى»، وعندما قبل بمجرد المشاركة فقط فإنه أبعد عنها أيضا»، وبالرغم من ذلك فإنه أصر على المشاركة الإيجابية فى مصر بما يؤيد المطالب الوطنية، وفى عام 1930 رفض الدستور الذى صنعه إسماعيل صدقى باشا المتحالف مع الملك فؤاد.
 
تعد مساهمة عمر طوسون فى الكتابة أحد أهم ما ترك من تراث يخلده، ويذكر صبرى الدالى: «لم تكن الكتابة من الأمور المعهودة بالنسبة للأمراء، ورغم ذلك فإن كتابات طوسون أصبحت من أهم الأمور التى اشتهر بها، لقد ترك قرابة الأربعين عنوانا (بين كتب ومذكرات ومقالات) ، تناولت العديد من المجالات والحقول، من بعض القضايا فى تاريخ مصر القديم (الفرعونى والقبطى والإسلامى) إلى بعض القضايا فى تاريخها الحديث وجغرافيتها، وكذلك بعض قضايا تاريخ جيشها فى عهد محمد على، ومن تاريخ النيل وفروعه إلى تاريخ الإسكندرية، ومن الاهتمام بقضايا اقتصادية قديمة ومعاصرة، إلى الكتابة عن بعض تجاربه السياسية، ومن الكتابة عن وحدة مصر والسودان إلى الكتابة عن بعض القضايا فى تاريخ بلاد العرب».
 
يضيف الدالى: «لم يتوان طوسون عن الاهتمام بالشأن الثقافى العام بالمشاركة فيه، لا سيما وأنه كان من الأمراء الذين يجيدون القراءة والكتابة باللغة العربية، لقد كان عضوا فى العديد من الجمعيات العلمية والثقافية فى عصره، وقدم المساعدات للكثير منها، واهتم بنشر الثقافة ومساعدة العاملين فى أنشطتها، كما شارك بفاعلية فى ندوات الجمعية الجغرافية والمجمع العلمى المصرى وغيرهما».
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة