ذكرى تولى طه حسين وزارة المعارف.. حكاية مجانية التعليم

الجمعة، 12 يناير 2024 06:00 م
ذكرى تولى طه حسين وزارة المعارف.. حكاية مجانية التعليم طه حسين
كتب عبد الرحمن حبيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحل اليوم ذكرى تعيين طه حسين وزيرا للمعارف ففى 12 يناير من عام 1950 صار عميد الأدب العربي وزيرًا للمعارف فما الذى جرى بعدها؟

يقول محمد حسن فالزيات في كتاب ما بعد الأيام:"في قاعة مجلس النواب صباح يوم 16 يناير 1950، رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا يلقي خطاب العرش ويصل إلى الفقرة الخاصة بالتعليم، وقد أعدها طه حسين، فيعلن باسم الملك أن حكومته ترى «أن خير الوسائل لرفع مستوى الشعب وتمكينه من الحياة الخصبة المنتجة التي تنفعه وتنفع الناس، وتحفظ على المواطن مكانته بين الأمم المتحضرة الراقية، إنما هو تعليم أبنائه، وتثقيف نفوسهم، وتزكية عقولهم، وتهذيب أخلاقهم، وتزويدهم بكل الوسائل التي تتيح لهم الجهاد المنتج في سبيل الرقي والتقدم؛ ولذلك فهي لن تبخل بأي جهد لنشر التعليم وتيسيره، والتوسع في مجانية التعليم حتى تصل به إلى المجانية الشاملة، تحقيقًا لتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون تفريق، وقد قررت فعلًا مجانية التعليم الابتدائي والثانوي والفني منذ اليوم".

وفي مقهى بحي السيدة زينب بالقاهرة يستمع رواد المقهى في سكون إلى خطاب العرش، فيتعالى ضجيجهم وهتافهم عند سماع هذه الفقرة.

يقول عامل لزميله: «لا أنسى أبدًا يوم كنت أقف مع زملائي في المدرسة الابتدائية في طابور الصباح، ونزل الناظر إلى حوش المدرسة، وبعد التعظيم والتفتيش، قرأ ضابط المدرسة كشفًا فيه أسماء عشرين تلميذًا، أنا واحد منهم، وأعلن الناظر أن آباءنا لم يدفعوا المصروفات، وصرخ بالبواب ففتح البوابة على مصراعيها، وصرخ فينا نحن العشرين فخرجنا إلى الطريق وتفرقنا غارقين في الخجل إلى بيوتنا، وكنت بعد ذلك أتجنب المرور أمام المدرسة، ولم أفتح من يومها كتابًا، ونسيت كل ما كنت تعلمته وأصبحت من الأميين".

ويرد زميله بعد صمت قصير: «الحمد لله! الآن أولادنا لن تُفتح لهم البوابات للخروج إلى الشوارع ولن ينضموا إلى جيش الأميين!"

وفي مبنى وزارة المعارف يزدحم الفناء بوفود تتوالى، تحضر لتهنئة الوزير، والوزير قد انتدب موظفًا جهير الصوت، ليشكرهم عنه ويرجوهم الانصراف. ويصل وفد الاتحاد العام للتعليم الحر، الذي كان قد أقام حفلًا لتكريم طه حسين وهو خارج الوزارة في صيف العام الماضي، فيأذن الوزير بدخول بعض مندوبيهم بعد إلحاحهم في طلب مقابلته، ويقول لهم: "أنتم مهتمون بمستقبلكم، وبمستقبل التعليم الحر، ولكم الحق في هذا الاهتمام".

"أنا شخصيًّا تعلمت في معهد حر كريم هو الأزهر الشريف، وتخرجت في معهد حر آخر وهو الجامعة المصرية القديمة، وقمت بالتدريس متطوعًا في مدارس حرة وهي مدارس الجمعية الخيرية الإسلامية والمدارس الإعدادية التي كان المرحوم الشيخ عبد العزيز جاويش ينشئها، ثم إنني قمت بالتعليم في الجامعة المصرية حين كانت حرة لا تخضع للحكومة ولا تتصل بها، وأنا أنظر إلى المدارس الحرة في مصر فأرى الذين يعلِّمون فيها مصريين، والذين يتعلمون فيها مصريين، ويجب ألا يكون هناك فرق بينهم وبين زملائهم في التعليم الأميري في الحق وفي الواجب أيضًا. هذه هي نظرتي، فأرجو أن يطمئنكم ذلك وأن تنصرفوا لأقوم أنا أيضًا بما عليَّ من الواجبات"

وينصرف المندوبون وتعلو عند خروجهم الهتافات للوزير.

الوزير يقول لمدير مكتبه: «أريد مذكرة عن حالة مدارس التعليم الحر في كل البلاد، لا أريد أن تكون لدينا طبقات مختلفة من المدارس، بعضها يصلح وبعضها لا يصلح.

وأريد مذكرة عن إنشاء نقابة للمعلمين تضمهم جميعًا وترعى شئونهم جميعًا، وتحمل عنهم الأعباء لينصرفوا إلى إتقان مهنتهم، فإن أساس التعليم الصالح هو الأستاذ الصالح".

ومدير المكتب يرد: «طلبتم وكلاء الوزارة لتبحثوا معهم الاستعدادات التي يجب اتخاذها بعد إعلان مجانية التعليم» ويأذن الوزير لهم في الدخول".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة