حازم حسين

السياسة ومغالطات المنطق.. حتى لا تُعلق الأحزاب ملابسها على شمّاعات الآخرين

الخميس، 24 أغسطس 2023 06:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا أردت أن تُبشِّر بفكرة فاعتنقها أوّلاً. ليس أفضل لتسويق شىء من أن تكون أول مُستهلكيه، ويكفى لإسقاطه فى عيون الآخرين أن تزدريه بينما تحاول إقناعهم بالشراء. ينطبق ذلك على السياسة، كما فى التجارة والاقتصاد. صحيحٌ أن أمورًا عدّة تتضافر لإعلاء خطاب وإزهاق آخر؛ إلا أن الأيديولوجيا تظل سلعةً يقودها العرض والطلب كبقيّة السلع، وأشدّ ما يضرُّها أن تُطعن من أصحابها. وتستفحل الأزمة كلَّما كان الاعتراف بالتقصير عزيزًا، والاعتصام بالمظلومية تبريرًا روتينيًا لتفويت الفرص وتكرار الأخطاء.. إن لم يقتنع المريض بعلَّته فقد لا يُبادر بالتماس العلاج؛ وإن ظلّ على عادته المُحبَّبة فى قدح السوق وإدانة الزبائن؛ فربما لا تُغادر بضاعته الرفوف ولا تكسر طوق الكساد!
قد يُبالغ المرء فى تقدير قوّته أو يُخطئ قراءة المشهد؛ وهذا لا يعفيه من مسؤولية أفعاله، ولو تعلَّل بأن الدراما اختصمته بأكثر ممّا يستحق. عندما تحرّشت اليابان نموذجًا بأمريكا فى بيرل هاربر؛ ربما تطلَّعت لتمرير الرسالة دون كُلفةٍ، أو إنجاز قفزة على طريق حسم حرب تُأكل أطراف الأرض، وبالتأكيد كانت مدفوعةً، رغم محدودية الجغرافيا والقدرات، بوهمٍ قديم عن السطوة والعافية، لا سيّما أنها هزمت الصين سابقًا واحتلت كوريا عقودًا. نتيجة المغامرة أن الولايات المُتّحدة دخلت الحرب وكانت سببًا فى هزيمة دول المحور، وفعّلت القنبلة الذرية لأوّل مرّة ضد هدفين يابانيين. اليوم تصطف طوكيو وراء واشنطن، وإلى وقت قريب كانت تحت وصايتها العسكرية. الدرس؛ أنك لست مُضطرًّا لاختراع حروب لا تستطيع إدارتها أو إنهاءها، ولا لتعبئة صدرك بخطابٍ يفوق طاقتك. الوعى بالذات يسبق معرفة الآخر، وإيمانك بما تعتقد ليس كافيًا لإعلائه على الآخرين.
 
أهمُّ من ابتداء الحرب أن تعرف كيف تختمها، والسياسة تعويضٌ عن خشونة المعارك باشتباك سلمى. إنك عندما تُهاجم تيَّارًا أو تنتقد مسؤولاً وتسعى لنسف مشروع؛ كأنك تقصف ميناء حيويًّا لدى المُنافس؛ وعليك أن تتوقَّع ردّ الفعل، وأن يظل خطابك مُتّسقًا مع مُمارساتك، وتقبل من الغريم ما سمحت به لنفسك.. ينجلى التناقض عندما ترتكب الخروقات بضميرٍ مرتاح ثم تعيبها على غيرك؛ هنا يتحوَّل الصراعُ لعبةً طفوليّة تتمرَّد على المساواة ومعيارية القانون؛ فتفقد القيم معناها وجدارتها، ويصبح الانحراف دليلَ إدانةٍ مُركّبًا: أوّلاً لأنه خروج على أعراف التكافؤ، وثانيًا يسلب الباقين حرِّياتهم، والأخطر أنه يفرض وصايته على الحيِّز المشترك، ويستقطع منصَّة الادّعاء منفردًا مع إزاحة الجميع لقفص الاتّهام.
 
لو أجرينا ما فات على البيئة الحزبية، والمُعارضة تحديدًا؛ يكون شرطًا لازمًا على من يخوض صراعًا تحت سقف الأيديولوجيا، الانضباط وفق الحدود والمعايير التى يُشهرها ضد خصومه. أن تُطالب بالحرية والديمقراطية فأنت مُلزم بقبولهما، ثم تفعيلهما فى النطاقات القريبة قبل المطالبة بتعميمها على البعيد أو العام. وأن ترسُم خطًّا فاصلاً مع السُّلطة وتقف عكسَها، فلا اختيار أو رفاهية فى احتمال المُعارضة الداخلية، والاحتكام للقبول الرضائى على شرط تداول السلطة فى ضفَّتك. للأسف، لا تجرى الأمور بتلك المثالية الواجبة، فتحتدم الخلافات، وتتفجَّر النزاعات، ويقع شىء من التسلُّط واحتكار القرار والقيادة، ثم لا يكون النقد والرفض مقبولين بأريحيّةٍ، وغالبًا ما يُفضيان إلى إزاحة خشنةٍ للمُختلفين، أو انقسامات تتفتّت فيها الفكرة بين المُستأثرين بملكيتها حصرًا، فيُصبح الحزب أحزابًا والخطاب خطابات، ولا يخلو المشهد من تخوينٍ وتشهير واستعلاء ومُزايدة، ثمّ تكون «نظرية المؤامرة» مهربًا سهلًا ودائمًا من الذنب، أو تحمُّل التبعات.
 
مُؤخَّرًا، نشب خلافٌ بين وجهين من المُعارضة، يختلفان أيديولوجيًّا ويتّفقان على رؤيةٍ يتشاركانها مع قوى تتقاطع فى صيغتين ائتلافيّتين. ألمح الأول لشُبهات تتّصل بأجندات خارجية، وردّ الثانى باتهامه بالفساد وسرقة المال العام، فكان الاحتكام للقانون، وهو حقٌّ مشروع لكل مواطن. تواترت البيانات الحزبية لاحقًا؛ ليُدافع كل فريق عن مُمثِّله ويُعرِّض بالآخرين. بالتزامن، تقدَّمت ناشطةٌ من مشاهير يناير ببلاغ ضد اثنتين من صديقاتها، على خلفية اشتباك لفظىٍّ تطوّر لسبابٍ وبذاءات. بعض مُنتقدى المسار القانونى فى القصة الأولى امتدحوه فى الثانية، وآخرون عكسهم، وفريق ثالث وقف بالمازورة ليقيس حدود الحرية المُقبولة والمرفوضة؛ وكان واضحًا أن القياس محكومٌ بالصداقة والانتماء الحزبى ومدى القرب أو البُعد من كل طرف.
 
الهوى أكثر أمراض السياسة المصرية شيوعًا. كلُّ حزبٍ يُقيّم المواقف ويرسم الانحيازات على قاعدةٍ شخصية و«شِلَليّة» أكثر من الاحتكام لقواعد بيضاء ومبادئ مُجرّدة. سابقًا تورَّط مُذيع شهير فى واقعة انتهاك ضد زميلات بشبكةٍ أوروبية؛ فقرَّر أهل المُعارضة من اليمين واليسار أن ينصروا شريكهم وحليفهم ظالمًا على حساب الضحايا، وتكرَّر الموقف عندما افتُضحت واقعةٌ بمركز حقوقى وحزبٍ «تحت التأسيس»، فجنَّد مُجتمع الحقوقيين، وأغلبهم يتربّحون من تلك القضايا أصلاً، كل جهودهم للطرمخة وقتل القضية، بينما لم يُفوّتوا فرصةً، بالاشتباه أو الادّعاء، لإعلان الحرب على خصومهم فى وقائع أقل فجاجة، ولم يعتذروا عن انحطاطهم لصالح الأصدقاء أو بعدما انكشف تحاملهم على الأعداء.. الزمن كفيلٌ بتظهير الحقائق، وتبقى البُقع المُشينة تُلطِّخ أثواب المُتناقضين؛ لكنَّ الضرر الذى يُصيب التيار وخطابه أكبر من العار الذى يُكلّل الأفراد.
 
أسوأ ما يفعله السياسيّون بأنفسهم أن يستديروا ليقضموا أطرافهم. مهما تحدَّثت عن الصدق والخير والجمال، لن تُقنع جمهورًا يراك تنتهك قِيَمك بدمٍ بارد. فى الذاكرة القريبة، كانت جماعة الإخوان تعبيرًا كاشفًا عن وقاحة التناقض وآثاره. يُمكن القول إنهم أُطيحوا عمليًّا يوم إعلان فوز «مرسى» بالرئاسة، وكل ما جرى بعده كان استكمالاً لمراسيم السقوط؛ ذلك أنهم كذبوا على الناس عندما قالوا إنهم لا يسعون للمُغالبة ثمّ ابتلعوا البرلمان، وحنثوا بالقسم على إخلاء سباق الرئاسة ثمّ غافلوا الجميع وانتزعوها، وأوغلوا فى الانحطاط بتصنُّع التَّوافق، ثم هرولوا لشطب الساحة كُلِّها، وبسط هيمنة المُرشد والقُطبيِّين على السُّلطة والدولة. عاين الجمهور شرخًا عميقًا لا يقبل المُداواة بين القول والفعل، فاتّضح أن الجماعة تكذب وتتجمَّل، ولا تؤمن فعلاً بما تدّعيه؛ لذا فإن أفكارها الساقطة لا تصلح للبقاء.
 
ما فعلوه يُعيد آخرون إنتاجه، والمأساة أنهم كانوا من ضحايا الجماعة سابقًا، ولم يتعلّموا الدرس أو يكتشفوا مَواطِن الخَلل. قبل أسابيع التقى أحد كوادر القوميِّين بقائد ميليشيا إقليمية تتخفّى فى عباءةٍ حزبية مذهبيّة، ومرّت الصورة بين حيادٍ أو امتداح من الرفاق، لكنهم لم يبلعوا له أن يُقابل الرئيس السورى، رغم حيازته حضورًا شرعيًّا فى منظومة العمل العربى، واللقاء مُبرَّر من زاوية التلاقى القومى، فهاجوا وماجوا وأعلنوا حربًا امتدّ غُبارها للتخوين والتسفيه؛ بينما لم يستوقفهم أن رمزًا ليبراليًّا من زبدة تحالفاتهم ضيفٌ دائم على قنوات إخوانية، دون اعتبار لأنهم مُصنّفون على لائحة الإرهاب بقانون البلد، ولا أنهم تورَّطوا فى دمٍ وعُنف وإرهاب ضد أبناء البلد، وعلى أى منطقٍ أخلاقى مُستقيم.. لا مُسوِّغ لاختلاف التقييمات والأحكام فى وقائع مُتطابقة؛ إلا أنها تصدر عن آلةٍ معطوبة، أو لأغراض منقوعة حتى رأسها فى الانتهازية والشُّبهات.
أحد الكوادر الشابة التقى وكيلاً عن الإخوان فى عاصمةٍ عربية، وسمع أصدقاؤه وتجاهلوا، بل قابلوه ولاطفوه وبحثوا معه خطط التنسيق، وعندما سُئل من خارجهم عن اللقاء أنكره، قبل أن يثبُت لاحقًا. ما كان هناك انتقاد على المُقابلة، ولا الكذب، ولا على خداع دائرة الحلفاء والتغرير بهم. لعلَّهم يرون فى ذلك تقيّةً كما يرى الإسلاميّون، أو يعتبرون استغفال الجمهور من حُسن الفِطَن. المُؤسف أن النُّخب استهلكت عنوانًا مُضلِّلاً عن أن السياسة جوهرها المُناورة واستبطان ما لا يُشرِّف إظهاره، حتى صار قانونًا حاكمًا. ربما يحمل تاريخ المُمارسة شيئًا من ذلك لديهم؛ إلا أن الكذب يظل كذبًا، والتلبُّس بانتهاك القيم لا يسقط من الذاكرة ولا تغفره الجماهير. تهاوت شعبية «كلينتون» وحُوكم لأجل الحنث باليمين وليس لعلاقةٍ بفتاة، وغادر بوريس جونسون مجلس العموم ورئاسة الحكومة لقاء التضليل بشأن انتهاك إغلاق كورونا، وكثيرون من السَّاسة والمسؤولين بالعالم انتهت مسيراتهم لتناقضاتٍ أو أغاليط مُتعمَّدة.. بات ذلك فى حُكم العادة لدى وُجهاء السياسة هنا؛ مع إنكارٍ كامل، واستماتة فى التطهُّر وإدمان دور الضحية.
 
عندما يتورَّط شخص فى مُمارسة ويُدمنها، تصبح عادةً وتنتقل فى وعيه من الاستثناء للقاعدة. كأنهم يستعيرون مُغالطات المنطق غير الصُّورى تحت لافتة «المُرافعة الخاصة»؛ إذ يرون أنفسهم مُستهدفين انطلاقًا من أثرهم وصفاء نواياهم، ومن ثمَّ يتعيّن أن يكونوا فوق القواعد ليُواصلوا معاركهم السامية. بتلك الحُجَّة لا يحقّ أن تسأل عن تحالفات ولا تمويلات وصراعات وعلاقات مشبوهة، ولا عن هيمنة وجوهٍ أو بواعث انشقاق، ولا يحقُّ أن تُفسِّر الخمول وانطفاء الشعبية بالقصور الذاتى والعجز الموضوعى عن ملء الساحة وإفراز بدائل مُقنعة، وإلى ذلك يستعيرون أدوات التحريف والانتقائية والمعانى المُلتبسة، فيُعاد تحرير الوقائع والتصريحات بما يرفعهم ويحطُّ من مُنافسيهم، ويقبلون غلطة الصديق ويرفضون الخصم وصوابه، ويغرقون فى شعاراتٍ شعبوية ورسائل رماديّة، تترك بابًا مُواربًا للعودة عن التعهُّدات والتحلُّل من ثوابت الأيديولوجيا والبرامج. ثم يضيفون قدرًا من الأسئلة الملغومة والثنائيات الحادّة؛ لإحراج المُوالين والمحايدين باستخلاصات مُوجَّهة، وبمقابلاتٍ مُختلَقةٍ لا تخلو من ترهيبٍ أو ابتزاز: نحن أو التسلُّط، الحرية أو قبول الواقع، الأزمة أو التغيير. وفى كياناتهم لا حرّية ولا تغيير، ولا شىء غير الغطرسة غالبًا.
 
لا ينطبق ذلك على الجميع قطعًا؛ إلا أنه يتحقّق فى كثير من أبنية المُجتمع المدنى، وبين طيفٍ واسع فى كل المستويات التنظيمية. لا يخلو المشهد من عُقلاء يُحاولون ترشيد الانفلات، وتجسير الفالق بين الخطاب والمُمارسة؛ لكن أصوات العقل تضيع أغلب الوقت بين غوغائية الساعين لمكاسب سهلة وبطولات مجانية. كانت تجربة الحوار الوطنى مُفتتحًا لطريقٍ مُغايرة فى الاشتباك السياسى وترتيب بيئة الصراع مُجدَّدًا، وقد أبدت كثير من الأحزاب ورموز المُعارضة مواقف ناضجة فى تعاطى التجربة والاندماج الجاد معها؛ رغم تلويح البعض بين وقت وآخر بلافتة المُغادرة؛ سعيًا للإحراج أو تلوينًا لمساعى التوافق. الحقيقة أن كثيرين ممّن شاركوا قدموا إسهامات مُقدَّرة، وتركوا بصمةً ملموسة، وعبّروا عن اتساقٍ محمود بين الخطاب والمُمارسة؛ لكن أكثر منهم تحت الأسقف الفكرية والحركيّة نفسها ما يزالون على تناقضهم فى العام والخاص. القفز فوق أثر المُراوغة وانفصال الشعار عن الأداء، يخصم من فُرص الاتصال بالشارع وإقناعه، والمزعج فيه ليس انحلال أدوار الأحزاب ونكوصها عن مهمَّتها الأساسية فى تسييس الجماهير؛ إنما ما يستتر من براهين على احتباس البعض فى أدوار المعارضة، دون دأبٍ فى التجهُّز الجاد للمُنافسة بعافية ذاتيّة، كما لو أن المعارضة تحوّلت لوظيفةٍ وأصبحت هدفًا فى ذاتها؛ ونشأ عن ذلك أنها اتّخذت هيئةً أُصوليّة تُعادى التطوُّر، وتنعزل عن الحياة مُستكينةً للتكلُّس والجمود.
 
الواقع أن الدولة/ السلطة والتنظيم، تحتاج المُعارضة أكثر من حاجة الأخيرة لها. تجسَّدت تلك الغاية بوضوحٍ فى المُبادرة الرئاسية بإطلاق حوار مُوسّع، وفى رغبة لم تعد محلَّ شكٍّ بأننا نتحرَّك نحو فتح المجال العام، وفى تعهُّد الرئيس يإنفاذ المُخرجات، وقبلها الاستجابة لطلب تمديد الإشراف القضائى على الانتخابات. أمَّا الحاجةُ من المُعارضة فأوَّلها أن تعتمد فضيلة المُراجعة، دون تحيُّزٍ أو مُكابرة فى الخطأ، وأن تُعيد تحرير الخطابات والمُمارسات بما يُرشِّد التناقضات، ويُنضج فاعليّةً فكرية وحركيّة قادرة على الإنجاز والإقناع، والأهم تجريد الأفكار والمواقف على أرضيّة معياريّةٍ مُحايدة، تكتسب فيها قِيَم الحرية والديمقراطية والشراكة والكفاءة وتداول السلطة معانيها من ذاتها، لا من قواميس الصداقة وأُخوَّة التحزُّب والتحالفات الظرفية التى تبرز تناقضاتها عند أول امتحانٍ حقيقى، كما لا يجب أن تستكين لشهوة التحوُّل بفعل المعارضة إلى وظيفة مشمولة بادعاء الملائكية ووصم المُغايرين، على حساب فرصة تطوير الرؤى والبرامج وبناء الخبرات والكوادر فى مُختبرات التجارب العملية مع الخصوم قبل الأصدقاء.. إن التناقضات قد تضمن عبورًا سهلاً؛ إنما داخل العائلة والمُنحازين فقط لا مع الجمهور العريض، والمُغالطات قد تصنع وهجًا يخطف البصر؛ لكنها لا تصمد طويلاً حال إخضاعها للعقل والمنطق.. أمّا السياسة السليمة فتبدأ من الاتّساق والنزاهة، وتنتهى عند آخر نُقطةٍ يسكنها التجرُّد والموضوعية، وتُسيّجها شجاعة الرأى وجسارة الإقرار بالمسؤولية ودفع الفواتير، دون تَباكٍ أو مظلومية، ودون تعليق ملابسنا غير النظيفة على شماعات الآخرين.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة