أحمد حسن عوض يكتب: فى محبة صلاح عبد الصبور

الإثنين، 14 أغسطس 2023 02:44 م
أحمد حسن عوض يكتب: فى محبة صلاح عبد الصبور أحمد حسن عوض

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أسرع الأيام ! وما أقسى مرورها الخاطف!
 
أذكر أننى بالأمس القريب نشرت دراسة ضافية بعنوان صلاح عبدالصبور وتأسيس مشهد الشعر المصرى فى مجلة إبداع عام 2006 فى الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل شاعر مصر والوطن العربى الكبير صلاح عبدالصبور وإذا بى أتعجب من مرور السنوات لأجد نفسى منهمكا فى الكتابة عن شاعرنا الكبير فى ذكرى رحيله الثانية والأربعين.
 
والحق أننى أحد دروايش عبدالصبور المنخرطين فى عالمه بكل صيغه الإبداعية المتعددة من شعر غنائى ومسرح شعرى وفكر نقدي، وأدعى أننى قرأت أكثر من تسعين بالمائة مما كتب عنه فى مصر والوطن العربي.
 
وكان لى شرف الحديث عن تجربته الإبداعية الفارقة فى خمسة لقاءات تلفزيونية، وكان لى أيضا شرف الكتابة عن تجليات منجزه الشعرى السامق، مراوحا بين الدراسات المطولة والمقالات القصيرة عن ملامحه الشعرية الثرية وفكره النقدى المنضبط. 
 
وفى تصورى الشخصى أن أهم ملمح يميز شعر صلاح عبدالصبور هو عدم قابليته للنفاد الجمالى أو بمعنى أكثر توضيحا قدرته على الحضور المتجدد فى وجدان قارئه المثقف البصير الذى سيجد ملامح جمالية ورؤى فكرية جديدة كلما أمعن فى قراءة "قصيدة" أو معايشة "مسرحية" أو تأمل "مقالة نقدية" ويعود تفسير تلك الظاهرة فى تقديرى إلى أن صلاح عبدالصبور قد أسس خطابه الإبداعى على وعى عميق بالإنسان ونوازعه البشرية الأزلية الباقية ورصد انفعالاته الأصيلة وعلائقها المتفاعلة مع بنية المجتمع.
 
فى نطاق حضارى له ملامحه العصرية التى تتجادل طوال الوقت مع الإنسان المبدع المنفتح على كل تجليات الحياة الحديثة
وكل تجليات الثقافة الأدبية
فى آن.
لقد عاش عبدالصبور لحظته العصرية بكل صدق وكتبها بكل عمق، فكانت ثمرة تلك المعايشة وذلك التمثل متجسدة فى ابتكاره صيغة إنسانية شديدة الخصوصية وشديدة الانفتاح على العالم الحديث فى الوقت ذاته
خصوصية منفتحه على سياقات الإبداع العالمى  وأصالة ذاتية تتألق فى لغته الأثيرة المتجسدة فى قصيدته المثقفة التى تنهض على منطق "الصدق" وتجافى منطق "الزينة".
 
وتمتد لهجتها الحميمة الهامسة كأنها بساط أليف يصل إلى قلب المتلقى دون افتعال زاعق أو ادعاء متضخم أو تعال أجوف مسيجا أداءه اللغوى الدافئ بوعى نقدى مصاحب يستحضر المتلقي-  قبل شيوع نظريات التلقي- ويرفض التعالم عليه قائلا : "والمتلقى هو الذى يصنع المصطلح الشعرى فى نوع من التراضى الخفى بينه وبين الشاعر"
لم يقع عبدالصبور وهو شاب فى السادسةوالعشرين من عمره' فى فخ التعاظم أو استعراض المعرفة وكان غيره كفيلا بالوقوع فى حبائل الخيلاء والزهو إذا اتيحت له ظروف مشابهة لظروف ظهور ديوانه الأول "الناس فى بلادي" عام ١٩٥٧ الذى أحدث دويا ضخما فى الوسط الأدبى بمصر والعالم العربى وكتب عنه أكثر من عشرة أضعاف وزنه على حد قول عبدالصبور فى حواره مع أمينة صبرى بإذاعة صوت العرب.
 
إن ملامح الابتكار التى أصلها عبدالصبور فى بنية القصيدة الحديثة تظل فى حاجة إلى إعادة تأمل ومازالت هناك مناطق جديدة لم تكتشف بعد فى أرضه الشعرية الخصبة الولود، مازالت تنتظر الأعين البصيرة والذوائق المرهفة التى يغدو  بوسعها أن تحفر تحت طبقاتها الإبداعية ا القصيدة وحتما ستفاجأ بتدفق الينابيع العذبة وتغترف من فيضها المعطاء.
وإذا كان عبدالصبور قد كتب إحدى روائعه الشعرية فى شارل بودلير شاعر فرنسا الكبير فإننى أراها أكثر انطباقا على شاعرنا الكبير و أبلغ تعبير عن تجربته الإبداعية الباذخة التى تنطوى على الإجلال العميق لفن الشعر الذى وهبه عبدالصبور حياته فوهبه الخلود: 
 
شاعر أنت 
والكون نثر 
والنفاق ارتدى أجنحه
وتزيا بزى ملاك جميل 
والطريق طويل 
والتغنى اجتراء على كشف سر









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة