هيثم الحاج على

معهد نجيب محفوظ

الخميس، 13 يوليو 2023 02:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما أرادت الأمة الإنجليزية تخليد ذكرى وليم شكسبير كان أهم ما تم التفكير فيه هو التشجيع على دراسة فنه وما يتعلق به، ولأن العلم هو الخطوة الأهم في بناء الوعي بالتاريخ وجعله جزءا من الحاضر فقد اعتمدت هذه الخطوة على ترسيخ مفهوم العلم بوصفه الباني الأهم للوعي، ولذلك فقد اختارت بريطانيا إنشاء معهد شكسبير الذي تأسس عام 1951، ويقع في ستراتفورد، ويعتبر جزءا من جامعة برمنجهام، ويعتبر من أهم مراكز الدراسات العليا فى مجال الأدب الإنجليزي، حيث إنه مكرس لدراسة كل ما يتعلق بشكسبير وأدب النهضة الإنجليزية.

ولذلك فإن الفكرة ذاتها سرعان ما تقفز إلى الذهن كلما ثارت قضية متعلقة بنجيب محفوظ وذكراه وأعماله، فلا يكفي بالقطع أن نحتفي به عن طريق الاحتفالات التذكارية أو المقالات الاحتفائية أو حتى عن طريق متحف يضم بعضا من مقتنياته ومكتبته، فما جعل لنجيب محفوظ اسمه هو القيم المتضمنة أعماله، والتي تم التعامل معها في صنوف متعددة من الإبداع، ولذلك فإن دراسة هذه الأعمال داخل إطار علمي ومنهجي منظم هي الخطوة الأهم لتخليد اسمه جذرا من جذور الهوية المصرية.

لذلك فقد وجب التفكير في معهد علمي يحمل اسم الرجل ويعنى بدراسة أعماله وما أخذ عنها ومنها وما أنتج حولها من فنون وآداب، فقد كتب نجيب محفوظ الرواية وهي فنه الأهم، لكنه كتب أيضا القصة القصيرة والمسرحية والسيناريو السينمائي، وتم تحويل كثير من كتاباته إلى أعمال سينمائية وإذاعية وتليفزيونية ومسرحية، بما يحفها من موسيقى وديكورات ومعالجات بصرية وسمعية، كما تم ترجمة أعماله إلى عدد كبير من اللغات، وأنتجت أفلام مأخوذة عن أعماله في عدد من اللغات، ووجود معهد علمي يهتم بكل هذا الناتج هو أمر ضروري، وربما يكون المكان الأولى بوجوده فيه هو أكاديمية الفنون المصرية، وبحيث يستوعب مثل هذا المعهد كل التخصصات النقدية والفنية وما يتصل بها من علوم إنسانية مثل التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والسياسة وغيرها من العلوم التي يمكنها أن تساعد في فهم ما كتبه الرجل وما نتج عن كتاباته من عدد لا نهائي من حالات الإبداع المتعددة.

مازلت أحلم إذن بهيئة علمية متكاملة متخصصة في دراسة نجيب محفوظ، وليس من الصعب أن توجد مثل هذه الهيئة التي تدرس وتحلل وتنقد وتنتج وعيا جديدا بإبداع نجيب محفوظ حتى لا يقف الأمر في وقت من الأوقات عند مظاهر هشة للاحتفاء بما أضافه إلى وعينا ووعي الثقافة العربية قاطبة، مظاهر يصيبها يوما بعد يوم ما يجعلها باهتة فنقضي بأنفسنا على كنز من كنوزنا ويصبح ما يعرفه أولادنا من الأجيال التالية عنه أقل القليل.

إن الأمر إذن يتطلب حراكا مؤسسيا يتبلور في داخله جهود كثير من المؤرخين والنقاد لدراسة أعماله، دراسة في كثير من الأحيان جادة وعميقة، لكنها تبقى في إطار الجهود الفردية التي لا بد من تنظيمها داخل إطار أكاديمي كبير.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة