الثقافة على طاولة الحوار الوطنى..الأثريين المصريين: حماية الهوية واجب قومى

الخميس، 11 مايو 2023 10:49 ص
الثقافة على طاولة الحوار الوطنى..الأثريين المصريين: حماية الهوية واجب قومى أيمن وزيرى
أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتابع الشعب المصرى باهتمام كبير ما يدور فى الحوار الوطنى الذى يجمع كل أطياف المجتمع لبناء مستقبل أفضل، والسير نحو الجمهورية الجديدة، ووضع الحوار الوطنى الملف الثقافى على رأس الملفات التى سيتم مناقشتها، بهدف دعم الصناعة الثقافية وعمل المؤسسات والسياسيات الثقافية نحو فعالية وعدالة، وفى إطار ذلك تواصلنا مع الدكتور أيمن وزيرى أستاذ الآثار والحضارة المصرية ورئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآثار بجامعة الفيوم والمُمثِّل العام لمؤسسي اتحاد الأثريين المصريين إقليمياً ودولياً ونائب رئيس الاتحاد.
 
وقال الدكتور أيمن وزيري: من المتعارف عليه أن مفهوم الهوية القومية قد نشأ وتجلى مع مفهوم الهوية الوطنية تقريباً منذ نهاية القرن الثامن عشر وظل مستمراً في دلالاته ومتطوراً في حيثياته حتى وقتنا الراهن، وربما كان ذلك متواتراً مع مظاهر ودلالات وحيثيات تأميم التعليم والتعلم ومظاهر الحياة العامة مقترناً مع تأميم إنتماءات الدول وحيثيات الولاءات السياسية، ولقد بدأ المعنيون بذلك سواء أكانوا علماء أو مثقفين أو شعراء في التأكيد على دلالات ومظاهر الثقافة القومية فحاولوا إصلاح ما يُمكن إصلاحه في التداخلات والتأثيرات التي حدثت في اللغات الأم كما حاولوا التعمق في مدى قومية الزمن الماضي ومدى وجود الماضي القومي والوطني. 
 
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الهوية القومية والوطنية بمثابة مرآة تعكس بنية المجتمع ومدى تطلعاته السياسية وحيثياته الاجتماعية ومناظيره الاقتصادية، كما تدل على مدى جود مظاهر التجانس الثقافي الذي يبدو مُتمثلاً في الشعور بمظاهر الفخر والشرف بثقافة الفرد وجنسيته وخلفيته المشتركة فيما يتمثل في الجنس والعرق والدين واللغة مع أبناء الشعب الواحد بصفةٍ خاصةٍ ومع أجناس الشعوب المختلفة بالتبعية.  
 
وتابع ممثل اتحاد الإثريين المصريين، إن حماية الهوية الوطنية والدفاع والحفاظ على الهوية القومية هو واجب قومي ودور وطني قويم لمقاومة أي محاولات لتشويه أو محو أو تغيير الهوية الوطنية والانتماءات القومية والتي يجب التصدي لها في حال التعرض للتهديدات والتأثيرات والمؤثرات سواء الخارجية أو الداخلية كذلك وبنفس المستوى، فيجب علينا الحفاظ على الهوية الوطنية والدفاه عن الهوية القومية من أي تداخلات في الثقافة ودلالات الهويات والانتماءات داخل الوطن الواحد، والتي ربما تحدث بطرق مختلفة منها مثلاً الهجرات المتتالية ووجود العمالة الوافدة بما قد يؤدي عدم الحفاظ على ملامح ومقومات الهوية القومية في أي بلد كانت وعلى حدٍ سواء إلى طمس معالمها ومحو ذكراها وذاكرتها واندثارها. 
 
وأوضح، إن الشق الأكثر خطورة يتمثل في الحفاظ على الهوية القومية والانتماءات الوطنية في ظل وجود الأزمات والكوارث والحروب، نظراً لأن الهوية القومية والانتماءات الوطنية تبدو متغيرة وتتأثر بمدى تغير الظروف والأوضاع المحيطة بها وبما يعكس دلالات وحيثيات الحقب التاريخية التي تمر بها الأمة من عدمه، لذا فلابد أن يتم دعم وتوضيح والتأكيد على المقومات والعناصر المشتركة بين مجموعات معينة من الناس والتي ربما قد تكون كافية والتي يُمكن حشدها أيضاً لمواجهة أي عدوان متوقع أو مُحتمل، كما يجب الاستعانة بالرموز الوطنية التي تعكس واقع المجتمع ومدى وتطلعاته ودلالات إحتياجاته، والتي من اليسير استخدامها ودمجها في الثقافة الشائعة بين أفراد المجتمع الواحد، ولكن يجب الأخذ في الإعتبار أن  الرموز الوطنية تخضع أيضاً للتغيرات الطارئة والتغييرات المستمرة مواكبة لمدى التطور الاجتماعي والنمو الاقتصادي والوضع السياسي للمجتمع.  
 
واستكمل حديثه قائلا: ولنا أن نتسائل عن كيفية الحفاظ على الهوية القومية في ظل توالي الهجمات الشرسة على التراث الحضاري المصري بصفةٍ عامةٍ والآثار المصرية وعلم المصريات بصفةٍ خاصةٍ منذ القدم فمثلاً حينما اتجه صيادوا الكنوز إلى مصر طمعاً في تحقيق الشهرة ورغبةً في الثراء؛ فقاموا بنبش وتخريب ونهب المواقع الأثرية دونما حياء، كما اختاروا ما راق لهم دون النظر إلى أهمية الموقع ودون النظر إلى أهمية التسجيل والتوثيق لما تم العثور عليه ودونما أدنى اعتبار للقيمة التاريخية والأثرية والحضارية والثقافية أيضاً.
 
واستطرد : ولقد تم التعارف على ذلك فيما يُعرف بنظام القسمة الذي خرجت من خلاله أغلى الكنوز المصرية إلى خارج البلاد، حيث عُرِفت الفترة ما بين القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر بفترة صيد الكنوز، أي فترة التنقيب العشوائي في أماكن مُتفرقة في غيبة المنهجية العلمية مما أدى لضياع الكثير من الوثائق التي كانت كفيلة بأن تسد الكثير من الثغرات الكامنة في التاريخ والحضارة المصري القديم. ولقد حدث ذلك في ظل غيبة الوعي بالتراث والحضارة المصرية القديمة ولقد اقترن مع غياب الوعي تلك الهجمة الشرسة على تراث مصر والمصريين فقد سال لعابُ العديد من الهواة والمغامرين، واستمرت عملية استنزاف مُنظمة لآثار مصر والتي إكتظت بها متاحف أوروبا وأمريكا وقصور أصحاب المجموعات الخاصة من الأثرياء في داخل مصر وخارجها، والتي تزخر بأعز ما كانت تمتلكه مصر من إرث حضاري وتراث قومي. ولقد ظل النزيف مُستمراً من غير هوادة في ظل تلك الظروف، بالإضافة إلى الاحتلال الأجنبي الذي يسَّر أمر تسريب تراث مصر في ظل السلطة والسلطان، والذي كان في ظل قيادة وريادة الأثريين الأجانب للعمل الأثري حيث كانت بعثات التنقيب عن الآثار أجنبية سواء أكانت جامعات أو متاحف، وكانت تؤدي عملها في غياب شبه تام للقوانين المنظمة لذلك، وفي حقيقة القول لقد كانت هناك مراسيم تسمح لتلك البعثات من الحصول على بعض ما تعثر عليه من آثار في ظل النظام المعروف والمُسمى آنذاك بــنظام القسمة، أي قسمة الآثار بين مصر صاحبة التراث وبين البعثات الأجنبية التي تبحث عن هذا التراث. ومن خلال نظام القسمة خرج الكثير من القطع الأثرية الفريدة، بالإضافة إلى كم هائل من الإهداءات من قبل حكام مصر آنذاك إلى ملوك ورؤساء بعض الدول الأوروبية وبعض الوجهاء من أثرياء القوم، فضلاً عن النهب المُستمر من خلال عصابات ومافيا محلية ودولية، ولقد صاحب الاهتمام بالاكتشافات الأثرية بعض الاهتمام الأكاديمي والنشر العلمي حينما اتسعت دائرة دراسة علم المصريات في دول العالم. 
 
 كما استعرض ما جرى عقب بعد ثورة يوليو عام 1952م، فأضاف:  فقد انتقلت قيادة العمل الأثري لعلماء الآثار المصريين للمرة الأولى، وذلك بصدور قرار تعيين "مصطفى عامر" كأول رئيس مصري لمصلحة الآثار، وكان ذلك يوم 14 يناير 1953م، وهو اليوم الذي خصصه الآثاريون المصريون عيداً لهم، حيث يحتفلون به كل عام. ومع إنشاء الجامعات في مصر، وتولي المصريين أمر إدارة العمل الأثري، بدأ اهتمام المصريين بدراسة الآثار خارج البلاد ثم في داخل البلاد مرحلة تالية وأصبح هؤلاء بمثابة نواة العمل الأثري الميداني والأكاديمي. ولقد صاحب عملية الكشف الأثري أيضاً عملية تخصيص بعض المنشآت التاريخية لوضع الآثار المكتشفة، ثم تبع ذلك إنشاء المتاحف الفعلية، وكان من أقدمها المتحف اليوناني والروماني بالإسكندرية، ثم المتحف المصري في القاهرة، ثم المتحف الإسلامي، والمتحف القبطي. وبعد قيام ثورة يوليو 1952م ، وحينما تخلصت مصر من الاحتلال الإنجليزي، وفي إطار الطفرة الوطنية وتعميق جذور الانتماء بدأت الرغبة تسري في النفوس للتعرف على تراث الأجداد ومن ثَّم الحفاظ عليه، ولكن بعد ضياع واندثار كم هائل من ذلك التراث يصعب علينا تعويضه. 
 
وناشد الدكتور أيمن وزيري الهيئات والمؤسسات المعنية بالعمل جاهداً لاسترجاع الآثار المسروقة التي خرجت من مصر نتيجة التنقيب العشوائى، والتي تميزت بها فترة القرنين السابع عشر والثامن عشر، والتي شهدت أكبر وأشد الهجمات والسرقات للآثار في ظل غياب الوعي والمنهجية العلمية، وهي المرحلة التي عُرفت بمرحلة أو فترة "صيد الكنوز الأثرية"، كما نناشد بالحفاظ على الهوية القومية التي تحظى باهتمام كبيرٍ وجليٍ واضح للعيان كما تشغل مكانة عظيمة بين أبناء الشعب الواحد، والهوية القومية تترسخ من خلال المسؤولية التي تقع على كاهل جميع مقومات الدولة ومؤسساستها وهيئاتها وأفرادها، الذين لابد أن يتكاتفون ويسعون دائمًا للحفاظ على الهوية وحمايتها وصون عرضها المُغتصب، ويُمكن لذلك أن يتحقق من خلال الاهتمام بالأجيال الحالية والمُستقبلية بتوفير أقصى درجات التعليم والتعلم وزيادة الوعي بالحضارة والتراث القومي والذي لابد أن تضعه المجتمعات بتنوع واختلاف مستوياتها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في أول أولوياتها وأكثرها تحقيقاً وتحققاً، وذلك لأنها مقومات أساسية لمدى تقدم الحضارات وتطورها بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتكمن أهمية التعليم والتعلم والوعي الحضاري بالتراث في الحفاظ على الهوية القومية، حيث إن المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات التربوية والتعليمية بمثابة البيت الثاني للطلاب والدارسين فيقضون فيهم أكثر من نصف يوم يومياً، لذا ومن هذا المنطلق، فلابد أن تكون البداية من الدور الأساسي الذي تلعبه المدرسة وحتى الجامعة في حياة الطالب والدارس، والذي يتوجب تكريسه لتعميق وتحقيق الحس القومي والهوية الوطنية، والذي لابد أن تكون بدايته من النشيد الوطني ثم الزي الوطني والوعي بالتراث وتعضيد الأخلاق والحكم والأمثال وغرسها في نفوس الطلاب والدارسين لدعم غرائز حب الوطن والحفاظ على الهوية الوطنية والقومية. 
وعن أهم المباديء والمفاهيم التي تحقق الحفاظ على الهوية القومية قال الدكتور أيمن وزيرى: هو ما يتمثل في الحفاظ على التراث الثقافي والموروث الشعبي خاصة في ظل تطور وتنامي التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي، ومنذ أن ظهر مصطلح الثقافة العالمية وفي ظل  الإنفتاح على الثقافات الأجنبية والتداخل معها فقد صار من الصعوبة تحديد هوية الفرد الوطنية نظراً لتحقق دلالات الإنسلاخ من العادات والتقاليد والقيم الموروثة، لذا فيتوجب دعم الإرث الثقافي والموروث الشعبي للوطن والحفاظ عليه من أي تأثيرات أو مؤثرات خارجية، ويجدر بنا إحياء الجانب الثقافي بما يتمثل في الأدب والآداب والثقافة والإرث والموروث والتقاليد الموروثة والحكم والأمثال والأقوال المأثورة المعنية بذلك مما يحتاج إليه الجيل الناشئ للتعرف عليه وغرسه في النفوس فضلاً عن تشجيع ودعم مختلف النشاطات الثقافية الهادفة والتي تُعضد مفاهيم ودلالات الهوية القومية في المجتمع الواحد ومؤسساته والمجتمعات المختلفة ومؤسساتها. 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة