مى حامد

التعليم الفنى ركيزة أساسية للنهوض القومى

الأربعاء، 22 نوفمبر 2023 07:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل عالم يموج بالاضطرابات والأزمات والتغيرات، بما يحمل فى طياته آثاراً سلبية على كافة دول العالم، إثر حالة السيولة العالمية وتداعيات العولمة، وهو ما كشفته العديد من الأزمات الأخيرة كجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وهى الأزمات التى امتدت تداعياتها خصوصاً الاقتصادية والاجتماعية لتؤثر على جميع دول العالم، تعاظمت الحاجة إلى الاهتمام بكافة أوجه التنمية ودعم الاقتصاد القومي، بما يخلق من جانب تنمية اقتصادية مستدامة، ومن جانب آخر مناعة ضد أى متغيرات أو تهديدات للاقتصاد القومي.
 
لسنوات عانى التعليم الفنى من بعض الإشكاليات التى لم تقتصر على بعض الإهمال الحكومى له، وإنما امتدت لتشمل الثقافة الشعبية السائدة، بأن هذا النمط من التعليم يعبر عن نوع من الفشل، ما أدى إلى الإحجام عن انخراط أبنائنا فى هذا المستوى التعليمى المهم، أو على أقل تقدير عدم الاستفادة منه، وتكمن المفارقة هنا أن التعليم الفنى فى كافة دول العالم يحظى بأهمية كبيرة على المستويين الحكومى والشعبي، ويُنظر إليه على أنه نمط من أنماط التعليم الوظيفى الذى يساهم بشكل كبير فى دعم جهود التنمية الاقتصادية، من خلال خلق أجيال متدربة وماهرة فى العديد من الحرف والصناعات، ويُلبى احتياجات سوق العمل المختلفة، بما يدفع إجمالاً باتجاه دعم القدرات التنافسية للاقتصاد القومي، والحفاظ على معدلات متقدمة من النمو الاقتصادي.
 
المفارقة الثانية هنا بخصوص التعليم الفنى والثقافة الشعبية السائدة بخصوصه، هى أن المواطن يُقر فعلياً بوجود أزمة بطالة خصوصاً فى إطار الوظائف التقليدية، إلا أن الثقافة الشعبية السائدة تدفع قطاعات عريضة إلى إبعاد أبنائها عن التعليم الفني، على الرغم من كون هذا النمط التعليمى المهم يوفر لهم فرصاً أكبر فى التوظيف من تلك التى يوفرها التعليم العالي، فى ضوء ارتباطه الكبير والمتشعب بسوق العمل، لكنها الثقافة الشعبية.
 
بنظرة مركزة على طبيعة وخصائص التعليم الفني، سوف نُدرك الأهمية العظيمة لهذا النمط من التعليم، إذ أن التعليم الفنى يضم فى جعبته العديد من أنواع المدارس بين الصناعى والتجارى والفندقى والزراعي، ويستوعب ما يزيد على الـ 2 مليون طالب، ويحوى فى طياته ما يزيد على 220 تخصصاً فنياً مهماً، وهى اعتبارات تعكس أهمية التعليم الفنى فيما يتعلق بدعم التنمية الاقتصادية الشاملة، فضلاً عن كونه أحد الأدوات الرئيسية لمواجهة أزمة البطالة والتخفيف من معدلاتها وحدتها.
الحقيقة أن الدولة المصرية وفى إطار الجهود الرامية إلى بناء "الجمهورية الجديدة" تبنت سياسات فاعلة ومتعددة الأوجه فيما يتعلق بالاهتمام بالتعليم الفنى ودعم أوجه الارتقاء به والاستفادة منه، خصوصاً منذ العام 2018 والذى وُضعت فيه استراتيجية تطوير التعليم الفني، والتى تم على هامشها إنشاء "الهيئة المصرية لضمان الجودة والاعتماد فى التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهني"، كهيئة مستقلة، تهدف للارتقاء بجودة مؤسسات وبرامج هذه المنظومة، بدعم من شركاء التنمية، بما يتلاءم مع النموذج الدولى للاعتماد ومتطلبات سوق العمل، ويخدم أهداف التنمية، فضلاً عن جهود أخرى على مستوى الاهتمام بالبنى التحتية الخاصة بمنظومة التعليم الفنى وإنشاء المدارس التطبيقية المتخصصة، وكذا جهود فى نفس الإطار لتطوير المناهج الخاصة بالمنظومة.
 
لم تعد مسألة جعل التعليم الفنى أولوية على المستوى الحكومى والشعبى من قبيل الرفاهية، بل باتت ضرورة ملحة، خصوصاً فى ضوء ما يتيحه الاهتمام بهذا النمط من التعليم من استفادة من العنصر البشرى الكبير الذى تتميز به الدولة المصرية، بما يتيح مواجهة أزمة البطالة، ودعم جهود التنمية الشاملة، لكن ذلك يقتضى التعامل العاجل مع بعض التحديات، ومنها الثقافة الشعبية الرائجة، والتى يمكن مواجهتها وتقليل حدتها عبر بعض الامتيازات الملموسة التى يتم تقديمها للتعليم الفني، كذلك يوجد أزمات أخرى من قبيل ضعف القدرات والإمكانيات الخاصة بمدارس التعليم الفني، وقلة عدد المعلمين،فضلاً عن إشكالات خاصة بضرورة ربط التعليم الفنى بسوق العمل،  وعلى قدر تعاظم التحديات التى تواجه التعليم الفني، على قدر الاستفادة التى ستتحقق من جراء الاهتمام بهذا النمط التعليمى المهم، إذ أن المرجو هو أن يكون التعليم الفنى بحق أحد الركائز التنموية الأساسية للجمهورية الجديدة.
 
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة