تؤكد الدراسات الحديثة أن الحرب المنظمة لم تنشأ حتى العصر الحجرى الحديث، عندما بدأت بعض مجتمعات الزراعة فى العيش فى مستوطنات دائمة، بينما تشير الأدلة الأثرية إلى أن حروب العصر الحجرى الحديث تطورت من اشتباكات ومذابح صغيرة النطاق إلى صراعات أطول وأكثر تعقيدًا.
وقال لوك جلواكى، الأستاذ المساعد فى الأنثروبولوجيا بجامعة بوسطن الأمريكية، والخبير فى تطور الكائنات الحية "شارك البشر الأوائل فى الحرب بالمعنى الأوسع فقط، وبالنسبة لمعظم تاريخ جنسنا البشرى، كانت الجروب صغيرة المدى جدًا وغير منظمة ولا مركزية"، وفقا لما ذكره موقع هيستورى.
الادوات الحجرية
وأوضح جلواكي، أنه منذ ما يقرب من 12 ألف سنة، ظهرت الزراعة وازدادت الكثافة السكانية حتى فى المناطق التى لا توجد بها محاصيل ومن ثم بدأ التدافع والتنافس على مصادر الطعام.
وأكد علماء الآثار وقوع مذبحة قبل نحو 10 آلاف عام بالقرب من بحيرة توركانا فى كينيا، حيث ظهرت على الضحايا علامات الأيدى المقيدة وجروح السهام والجماجم المكسورة، ووقعت المذبحة بسبب الطعام.
وفى ألمانيا وقعت مذبحة قبل نحو 7000 عام، عندما قام المهاجمون على ما يبدو بتعذيب ضحاياهم جزئيًا عن طريق كسر عظام ساقهم وقد تم الكشف عن مذابح مماثلة من العصر الحجرى الحديث فى أماكن أخرى فى ألمانيا والنمسا، وكذلك فى كرواتيا وفرنسا.
وفى الوقت نفسه قام سكان أريحا، وهي من أقدم المدن في العالم، ببناء أسوار المدينة نحو 8000 قبل الميلاد، على ما يبدو لإبعاد الغزاة.
ومع ذلك فقد اتضح أن بعض المعارك في العصر الحجري الحديث على الأقل ربما كانت أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا، وفقًا للدراسة، التي حللت بقايا الهياكل العظمية لـ 338 فردًا ماتوا في شمال إسبانيا منذ 5400 إلى 5000 عام، في الأصل أن هذه البقايا، التي اكتشفتها جرافة عن طريق الخطأ في عام 1985، تشكل مذبحة أخرى من العصر الحجري الحديث.
وتقول الكاتبة الرئيسية تيريزا فرنانديز كريسبو، عالمة الآثار فى جامعة بلد الوليد فى إسبانيا "نعتقد أن العالم شهد معارك نتيجة صراع إقليمى بين المجموعات"، مضيفة: "المنافسة على الموارد والتعقيد الاجتماعي كان من الممكن أن يكونا مصدرا للتوتر، ومن المحتمل أنهما تصاعدا إلى أعمال عنف مميتة".
وبدأت الأدوات والأسلحة النحاسية تحل محل رؤوس السهام الحجرية ورؤوس الرماح والشفرات والفؤوس في الشرق الأوسط وأماكن أخرى وبحلول الوقت الذي وصل فيه العصر البرونزي حوالي عام 3300 قبل الميلاد، كانت الحضارات المبكرة في بلاد ما بين النهرين وشمال أفريقيا قد طورت جيوشًا كبيرة مع قادة رسميين وسلاسل قيادية ووحدات متميزة وأنظمة إمداد، وكانت هذه الحضارات قادرة على توثيق حملاتها العسكرية.
