"البناء" الحل لأزمة غزة.. قمة القاهرة للسلام وضعت الأساس.. سياسيًا عبر دحض محاولات تصفية القضية.. وإنسانيا بالتأكيد على مرور المساعدات.. ومؤتمر باريس والقمة العربية بالرياض ثمرتا الحشد المصرى إقليميًا ودوليا

السبت، 11 نوفمبر 2023 01:33 م
"البناء" الحل لأزمة غزة.. قمة القاهرة للسلام وضعت الأساس.. سياسيًا عبر دحض محاولات تصفية القضية.. وإنسانيا بالتأكيد على مرور المساعدات.. ومؤتمر باريس والقمة العربية بالرياض ثمرتا الحشد المصرى إقليميًا ودوليا قمة القاهرة للسلام
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في الوقت الذي اندلعت فيه نيران الحرب في قطاع غزة، في السابع من أكتوبر الماضي، في أعقاب "طوفان الأقصى"، اعتمدت الدولة المصرية سبيل "البناء"، في حل الأزمة، لتنطلق منها إلى خطوات ناجعة، لإنهاء القضية برمتها، وهو ما بدا في التحرك السريع، نحو الدعوة لعقد قمة "القاهرة للسلام" على أراضيها، والتي لاقت استجابة عالمية، تزامنا مع عدوان مزدوج من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يحمل في أحد جوانبه، طابعا عسكريا انتقاميا، في غزة، يتجلي بوضوح في القصف المتواتر، الذي طال المدنيين ومنشآتهم، سواء المساكن أو المستشفيات أو دور العبادة، بينما حمل في طياته بعدا آخر، لا يبدو معلنا، يتجسد في تقويض حل الدولتين، والذي يمثل أساس الشرعية الدولية، عبر دعوات مشبوهة، على غرار تهجير سكان القطاع من بلادهم.

وهنا تجلى الهدف الرئيسي للدولة المصرية، من الخطوات التي قامت بها، منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان على غزة، في عمليات متزامنة من "البناء"، أولها بناء التوافق الدولي حول ثوابت القضية الفلسطينية، والتي تعد أحد الأولويات المركزية للدبلوماسية المصرية، منذ عقود طويلة من الزمن، عبر دحض دعوات إسرائيل المشبوهة، وعلى رأسها التهجير، بينما سعت في مسار آخر إلى "بناء" توافق" إنساني عالمي، يقوم على الضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل السماح بمرور المساعدات الإنسانية، في حين كان المسار الثالث قائما على "بناء" توافق" حول أولوية التهدئة، وإجبار الدولة العبرية على التوقف عن قصف المنشآت المدنية، وحتى الوصول إلى تهدئة، تمهيدا لوقف إطلاق النار.

علمية "البناء" التي تبنتها الدولة المصرية، منذ بداية الأزمة، أثمرت عن تحقيق التوافق، بين الأطراف المتنافرة، وهو ما يبدو في المواقف الغربية، والمعروفة بانحيازها لإسرائيل، حيث تمكنت الدبلوماسية المصرية، من الوصول إلى أرضية مشتركة، ساهمت في تغيير الخطاب، فيما يتعلق بالدعوات المتواترة للتهدئة، مرورا برفض التهجير، والتأكيد على حل الدولتين، وصولا إلى الضغط من أجل تمرير المساعدات الإنسانية.

التفاعل الدولي مع الدبلوماسية المصرية تجلى في أبهى صوره، في العديد من المشاهد، ربما أبرزها اجتماعات مجلس الأمن الدولي، والانتقادات التي كالها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، للقصف الإسرائيلي، ليضع حكومات العالم أمام مسؤولية إنسانية أمام شعوبهم، إلى الحد الذي أثار غضب الدولة العبرية التي طالب مسؤوليها باستقالته، في انعكاس لحالة الحرج الدولي التي تعانيه جراء التحول الكبير في مواقف الغرب، من الدعم غير المحدود، تحت ذريعة "الدفاع عن النفس"، إلى الإدانة في ظل الانتهاكات الإنسانية الوحشية، التي تمارسها قوات الاحتلال، بحق المدنيين، الذين قتلوا بالألاف، ومعظمهم من النساء والأطفال.

التغيير الكبير في المواقف الدولية، ربما بدا في زيارات العديد من المسؤولين الدوليين إلى القاهرة، وتعهداتهم بمزيد من المساعدات لغزة، وهو ما يمثل انتصارا مهما للدبلوماسية المصرية، لصالح سكان القطاع العزل، على حساب الاحتلال الذي يبذل قصارى جهده لحصارهم بالقنابل والتهديد التي وصلت إلى حد استخدام السلاح النووي ضدهم، بالإضافة سلاح التجويع، على غرار ما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال لقاءه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإرسال المساعدات إلى مطار العريش، تمهيدا لدخولها إلى القطاع، وكذلك المستشار الألماني أولاف شولتس والذي أكد احتياج أهل غزة للماء والغذاء والدواء، ولا ينبغي أن يبقوا وحدهم، داعيا إلى الدفع بمزيد من المساعدات.

جانب آخر من التفاعل الدولي مع الدبلوماسية المصرية، وتحديدا قمة "القاهرة للسلام" يتجلى في انعقاد مؤتمرات وقمم دولية، تهدف في الأساس إلى استكمال ما تحقق على أرض مصر، ربما أبرزها مؤتمر المساعدات الإنسانية الذي عقدته باريس، من جانب، والقمة العربية، في الرياض من جانب آخر، فالأولى تمثل ضغطا متزايدا على إسرائيل، عبر توجيه المزيد من المساعدات الدولية لسكان غزة، رغم رفض الاحتلال، بينما تبقى الثانية بمثابة حشدا إقليميا جديدا يضفى المزيد من الزخم للحق الفلسطيني، في تأسيس دولة مستقلة ذات سيادة، على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ناهيك عن حشد المزيد من الضغط الدولي، فيما يتعلق بالوصول إلى حالة التهدئة، ووقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى ملف المساعدات.

وهنا يمكن القول بأن الدبلوماسية المصرية، انتهجت دورا يعتمد آلية "البناء" في التعامل مع أزمة غزة، عبر بناء توافقات، سمحت بتضييق هوة الخلاف بين أعضاء المجتمع الدولي، لتضع "أساسا" للحل، يمكن البناء عليه في مختلف الملفات المرتبطة بالأزمة، عبر الأحداث المتتابعة، وعلى رأسها القمة العربية الطارئة في الرياض، والتي تقدم فرصة لتقديم التأييد الإقليمي للحق الفلسطيني، يساهم في مزيد من الضغط الدولي على إسرائيل.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة