عادل السنهورى

أم كلثوم وحرب أكتوبر.. لماذا لم تغن الست للنصر؟

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2023 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
الفنانة والمطربة الوحيدة التي كانت أحق وأجدر للغناء للعبور العظيم، وانتصارات جيش مصر الباسل في حرب أكتوبر المجيدة هي كوكب الشرق، الست أم كلثوم.
 
الوحيدة التي كان يليق بها أن تحصد ثمار المجهود الضخم والمهول الذي قامت به في مبادرة المجهود الحربي، بعد نكسة 5 يونيو 67، وتذوق حلاوة النصر في يوم  6 أكتوبر 73 من بعد مرارة الهزيمة التي قاومتها ولم تستسلم لها، كما استسلم لها بعض الفنانين والكتاب والمثقفين عموما.
 
بعد النكسة مباشرة قاومت الست آثار الهزيمة، وقررت دعم عبد الناصر بالغناء والمال، وقادت حملة دعم المجهود الحربي لإعادة بناء القوات المسلحة، وجمعت أم كلثوم، وقتها، مبالغ مالية طائلة من إيرادات حفلاتها داخل وخارج مصر، وقدمتها بالكامل لدعم القوات المسلحة والمجهود الحربي، كما قدمت مجموعة من السبائك الذهبية والمصوغات، التي جمعتها من معظم بلدان الوطن العربي لدعم مصر في تلك الظروف الصعبة والعصيبة، وشاركها المصريون الحس الوطني، فدفعوا أضعاف ثمن التذاكر لحضور حفلاتها دعما لمصر.
 
لم تنج فنانة الشعب من حملات وكتابات ظالمة بعد وقوع النكسة، واتهموها بأنها السبب في النكسة، وأن العرب خسروا الحرب بسبب أغاني الحب والغرام والهيام التي كانت "بمثابة أفيون التخدير والتغييب للشعب العربي"، وبسبب تلك الادعاءات والافتراءات عانت أم كلثوم من حالة نفسية صعبة، وأصابها الحزن والاكتئاب والغضب من تحميلها "أسباب الهزيمة"، وقررت الانطواء والعزلة داخل فيلتها الشهيرة في الزمالك- تم بيعها وتحويلها إلى فندق استثماري بعد وفاتها- وقالت مقولتها الشهيرة: "إذا كنت السبب في الهزيمة فأنا على استعداد لاعتزال الفن.. لن يغفل لي جفن وشعب مصر يشعر بالهزيمة".
 
إعلان أم كلثوم الاعتزال أزعج عبد الناصر نفسه، وتدخل بشخصه، واتصل بالست لتتراجع عن قرارها، وتغني من أجل مصر ومن أجل الشعب، فعادت للغناء، وكانت أغنيتها الوطنية الشهيرة من أوائل الأغاني بعد النكسة "سير بإيمان وبروح وضمير.. دوس على كل الصعب وسير" و"أصبح الآن عندي بندقية".. و"إنا فدائيون". ولم تكتف أم كلثوم بالغناء فوهبت صوتها ونفسها كأحد جنود المعركة عمليا، وهي في ذاك الوقت قد بلغت من العمر ما يقرب من 69 عاما – حسب المصادر القريبة-
سافرت إلى محافظات ومدن مصر لتقيم حفلاتها.. كانت أول من تبرعت بمجوهراتها، وجابت قرى ومدن مصر لجمع التبرعات والغناء، وتخصيص إيرادات حفلاتها للمجهود الحربي، ورفعت شعار "الفن من أجل المجهود الحربي".
وسافرت إلى باريس والكويت وأبو ظبي وتونس والسودان والمغرب وليبيا ولبنان، وخصصت كل ما جمعته طوال 4 سنوات من بعد يونيو 67 للمجهود الحربي. 
تحملت عناء الانتقال داخل مصر ومشقة السفر إلى الخارج، رغم ظروفها الصحية. وجمعت أكثر من 3 ملايين دولار، علاوة على التبرعات العينية من المجوهرات والمشغولات الذهبية لسيدات مصر.
وفي عام 1971، قررت إنشاء مشروع كبير يشمل إنشاء مسرح وفندق سياحي، ليضمن توفير مورد ثابت للإنفاق على مشروعات الرعاية الاجتماعية للفقراء، وإنشاء دار لإيواء السيدات اللاتي لا مأوى لهن، ودار للأيتام باسم "دار أم كلثوم للخير".
على الرغم من هذا المجهود الفني والمادي طوال 4 سنوات، من بعد النكسة، وحتى ما قبل انتصار أكتوبر، وانتظارها لجني الثمار بالغناء لحلاوة النصر كما غنت لمرارة الهزيمة. فهي ربما تكون الفنانة الوحيدة التي لم تغن لانتصار أكتوبر.
فلماذا لم تغن الست، وما الظرف القاهر الذي منعها من الفرح والشدو لعبور الهزيمة إلى النصر...؟
بسبب المجهود المهول الذي قامت به طوال 5 سنوات لدعم المجهود الحربي،  فقد أصابها مرض شديد، وتوقفت تماما عن الغناء بأمر الأطباء.. أصيبت أم كلثوم بمرض التهاب الكلى، الذي تمكن منها بشكل كامل، فسافرت إلى لندن لتلقى العلاج.
منعها القدر من الاحتفال الذي سعت وجاهدت لأجله، والتي كانت لا بد أن تعتلي وتزين بصوتها كوكبة الأغاني التي احتفلت بالنصر – حوالي 70 أغنية وفقا لحصر قمت به بشكل شخصي.
كان لديها إصرار للغناء للنصر، رغم مرضها الشديد، وكانت تستعد لغناء أغنيات آخرى مثل "أوقاتي بتحلو".. وعقب يوم 6 أكتوبر وهي في مرحلة العلاج تطلب من الشاعر صالح جودت كتابة أغنية لنصر أكتوبر لتغنيها بعد عودتها من رحلة العلاج، وبعد العودة طلبت من الموسيقار رياض السنباطي تلحينها، استعدادا لغنائها في ذكرى النصر الغالي، لكن المرض والوفاة كان الأسبق من الغناء لانتصارات أكتوبر على المسرح وبين جمهورها للاحتفال معه.
كانت آخر حفلة للست على المسرح يوم 4 يناير 73 وغنت " ليلة حب" كلمات أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبد الوهاب سافرت بعدها للعلاج.
توفيت أم كلثوم قبل أن تغني أغنية النصر وكان عنوانها " قيدوا الشموع" وتقول كلماتها:
قيدوا شموع العيد وغنوا لمصر...
وادعوا لها دايما بالعلا والنصر
 الله يزيدك منزلة يا مصر
 ياللى شبابك من جنود الله
والحرب في قلوبهم صيام وصلاة
 ودمهم عند الشهادة زكاة
 زي اللي عزوا الدين في غزوة بدر
 طول عمرهم أحرار ولاد أحرار
 متسلحين بالعزم والإصرار
 ساعة ما ناداهم منادى التار
قاموا في شهر الصوم وعدوا البحر
وقالوا دا إحنا نموت وتحيا مصر
 يااللى نصرتونا وكسرتو لنا السور
 ياله اعبروا بنا للحياة والنور
 خلوا العدل يطرح أمل وزهور
 والعلم ينقلنا لأجمل عصر
 وتبقى رايتنا أعلى من الأهرام
 ونعيش حياتنا في أمان وسلام.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة