سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 12 يناير 1990.. تشييع جنازة إحسان عبدالقدوس.. الروائى الذى لم يرحب به «اليسار واليمين» ورضى عنه قراؤه

الخميس، 12 يناير 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 12 يناير 1990.. تشييع جنازة إحسان عبدالقدوس.. الروائى الذى لم يرحب به «اليسار واليمين» ورضى عنه قراؤه إحسان عبدالقدوس
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شرد الكاتب الصحفى والروائى إحسان عبدالقدوس للحظات ثم فاجأ زوجته ومديرة أعماله بسؤال: هل الموتى يحسون؟ فاستغربتا من هذا السؤال، وردتا عليه مستفسرتين عن السبب، فأجاب: «إحساسى أن الموت قادم إلى فى القريب العاجل»، ولم يمض أربعون يوما حتى تحقق ما أحس به وتوقعه، حيث توفى يوم 11 يناير 1990، وشيعت جنازته فى اليوم التالى «12 يناير، مثل هذا اليوم»، وشارك فيها كبار رجال الدولة والصحافة ومندوب عن رئاسة الجمهورية، والكتاب والأدباء وبعض الأعضاء السابقين من مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، وفقا لتقرير «إحسان عبدالقدوس.. فارس الكلمة»، موقع الأهرام الإلكترونى، 2 يناير 2022.
 
كان إحسان عبدالقدوس، المولود فى 31 ديسمبر 1919، هو «صاحب الرهانات الناجحة فى الصحافة والسياسة، والتضافر بين السياسة والصحافة والفن عنده لم يجتمعوا لدى كاتب آخر»، وفقا لرأى الكاتب الشاعر شعبان يوسف «الأهرام، 4 سبتمبر 2020»، وأدى هذا التضافر إلى إنتاج غزير فى المقال السياسى الذى قاده إلى الاعتقال، ومحاولات الاغتيال، وإنتاج وفير فى الإبداع الروائى. 
 
هو رئيس تحرير روزاليوسف وعمره 26 عاما، ورئيسا لتحرير أخبار اليوم من 1966 إلى 1968، ثم من عام 1969 إلى 1971، ثم رئيسا لمجلس إدارة الأهرام من 1975 إلى 1976، ويشهد الكاتب الصحفى كامل زهيرى الذى بدأ حياته الصحفية معه فى روزاليوسف، أن أهم ما اكتشفه وأحبه فيه أنه يؤمن بالحرية الفكرية والفنية، ولم يفرض رأيا، فمدرسة إحسان هى مدرسة الكتابة فى الهواء الطلق.
 
هو صاحب إنتاج غزيز فى الكتابة الروائية، وأكثر الكتاب الذين تحولت أعمالهم إلى أفلام سينمائية ودراما تليفزيونية وإذاعية ومسرح، وتزيد على 60 عملا من أشهرها «فى بيتنا رجل، أين عمرى، الوسادة الخالية، أنا حرة، شىء فى صدرى، البنات والصيف، لا أنام، النظارة السوداء، الطريق المسدود، لا تطفئ الشمس، أنف وثلاث عيون»، وغيرها، وبعض هذه الأعمال أثارت ضجة وصلت إلى استجوابات فى البرلمان، كما حدث مع «أنف وثلاث عيون».
 
كان إقبال القراء كبيرا على هذه الأعمال قبل تحويلها سينمائيا، دون اهتمام نقدى، بل ومهاجمتها، فشكا من ذلك إلى الكاتب والشاعر كامل الشناوى، الذى يذكر فى كتابه «زعماء وفنانون وأدباء»، أنه رآه وهو يغلى من الغضب ويقول له إن النقاد يتعقبونه بالهجوم والتجريح، فهم يتهمونه بأنه يعمد فى قصصه إلى الإثارة الجنسية، وأنه بهذه الطريقة استطاع أن يجمع حوله كل القراء المراهقين، وهؤلاء النقاد يكيلون له الاتهامات جزافا، فكثير منهم لم يقرأوا له عملا، ومع ذلك استباحوا لأنفسهم أن يرموه بشر التهم.
 
رغم مرور سنوات طويلة على هذه الشكوى من إحسان، فإن السؤال ما زال يتجدد حول التقييم النقدى لأعماله، وفى 4 يناير 2019 طرحت الزميلة إلهام زيدان بجريدة الوطن هذه القضية، وكان رأى الناقد الدكتور جابر عصفور أن إحسان روائى كبير مظلوم من النقاد، لكنه لم يظلم من القراء لحسن الحظ، كما أن السينما أقبلت عليه، فكان واحدا من أصحاب أكبر أرقام توزيع على مستوى الرواية والقصة العربية، يضيف عصفور: «إحسان لم يحظ بتقديم قراءة نقدية وافية عنه إلى الآن، لأنه حُصر دائما فى منطقة الرغبة الجنسية بمعناها السطحى، وهذا حال دون تفهمه ودراسته وقراءته على نحو عميق، وظلت دائما الكتابة النقدية عنه على مستوى السطح وليست على مستوى الأعماق، وأظن أن نوع كتابته هو الذى كان يغرى بذلك، فهى من النوع السهل الممتنع، ويبدو للسطحيين أنه بلا أعماق، مع أن هذه السهولة الظاهرية خداعة، وكان ينبغى أن تلتفت العين الناقدة إلى ذلك».
 
ويعتبر الناقد الدكتور صلاح فضل، أن إحسان من أبرز المبدعين التنويريين، لأنه تولى فى أعماله الإبداعية منذ بدايتها وحتى نهايتها الدفاع عن حرية المرأة وحرية الوطن، ومنظومة القيم التقدمية التى تدفع المجتمع إلى تحقيق الرقى الحضارى فى العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.. يضيف فضل:  «عندما ضم إحسان صوت المرأة إلى واحدة من أبرز رواياته «أنا حرة»، لم يلجأ إلى مجرد حيلة فنية فى السرد، وإنما كان يتمثل تاريخ المرأة المصرية وتجربتها الأليمة فى مواجهة المجتمع البطركى القاهر، ويعلن أنها عن طريق التعليم والوعى والقراءة والنضج سوف تواجه هذا المجتمع، وسوف تنتصر عليه دون أن تتنازل عن أنوثتها وحقها فى الحب وتشكيل الأسرة».
 
يرى فضل: «إحسان لم يأخذ حقه النقدى، لأن التيار اليسارى فى النقد المصرى لم يكن راضيا عنه، لأنه ليس يساريا، والنقاد يتحمسون لليسار فقط، والتيار اليمينى كان يراه خارجا على الأخلاق المحافظة، فلم يرض عنه لا اليسار ولا اليمين، لكن رضى عنه قراؤه وهذا أعظم مكسب».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة