من قلب المعاناة يولد الأمل.. "عادل الفحار" كفيف سبعينى يكافح بتصليح عربات الأطفال فى المنصورة.. فقد بصره فى الستين من عمره.. وبإحساسه ولمساته أكمل عمله فى الشارع ليوفر حياة كريمة لأسرته.. فيديو وصور

السبت، 12 مارس 2022 05:30 م
من قلب المعاناة يولد الأمل.. "عادل الفحار" كفيف سبعينى يكافح بتصليح عربات الأطفال فى المنصورة.. فقد بصره فى الستين من عمره.. وبإحساسه ولمساته أكمل عمله فى الشارع ليوفر حياة كريمة لأسرته.. فيديو وصور عادل الفحار
الدقهلية - مرام محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى منطقة الحسينية بمدينة المنصورة، يجذبك رجل سبعينى كفيف، عيناه ثورة من الحزن والأسى، يحبس الدموع فى عينيه وابتسامة رضا لا تفارق محياه، يصرخ صوته حرقة ووجع بلا آهة، ومع ذلك يضيء قناديل الأمل، يقبع بزاوية من الشارع مفترشا الأرض، وبجانبه صندوق معداته الخاص، يصلح عربات الأطفال بإحساسه ولمساته، ينازع مرارة الليالى القاسية بالكفاح والعمل بعد أن فقد بصره فى الخمسين من عمره، خالقا من قلب المعاناة أمل وحياة.

عادل الفحار.. بطل لحكاية أليمة تذرف الدموع وتفطر القلوب، سطر حروفها بصبر وعزم ومسيرة طويلة من السعى والكفاح والتضحية لكسب لقمة العيش الحلال، إذ لم يمنعه فقدانه للبصر فى الستين من عمره وتقدمه فى العمر من مواصلة عمله فى تصليح عربات الأطفال، الذى أحبه وعشقه منذ نعومة أظافره وورثه عن والده وظل يعمل ويبدع فيه لسنوات طويلة، كان خلالها بعطائه وتفانيه السند والروح لأسرته متحملا أعباء الحياة ومصاعبها فى كشك صغير لا تتعدى مساحته المتر ونصف، ليوفر حياة كريمة لزوجته المسنة وابنته الأرملة وأبنائها، حتى كسر قلبه وخطفت سعادته بفقدانه لكشكه الصغير مصدر رزقه الوحيد.

الفحار يتحدى إعاقته البصرية ويصلح عربات الأطفال
الفحار يتحدى إعاقته البصرية ويصلح عربات الأطفال

حزن أقام سرادقه الأبدى فى قلبه، قسوة تكوى نارها قلبه من حين لآخر، لحظات تسرقه من الواقع لتذكره بسعادته وشموخه وهو يقطن فى كشكه الصغير متفردا ومتميزا بمهنته، ويتهافت عليه زبائنه من كافة أنحاء المدينة، لا شيء يواسى حزنه وقهره على فقدانه للكشك سوى أمله فى الحياة وثقته بربه ومحبة الناس له، فشيع ضحكته لمأواها الأخير، محتسبا صابرا محتضنا معدات عمله وعرباته المحطمة.

صانع الأمل عادل الفحار
صانع الأمل عادل الفحار

فبين كفاحه لسنوات طويلة فى تصليح عربات الأطفال وهو فاقدا للبصر، وصدمته بفقد الكشك، روى "عادل الفحار"، البالغ من العمر 74 عاما، بنبرات صوته وهمساته الحزينة لـ"اليوم السابع"، قصته المأساوية، "كشكى هو روحى وسعادتى، اشتغلت فيه لسنين طويلة، وابنى طردنى منه من أربع شهور من غير أسباب، ورمى حاجتى فى الشارع، ومبقتش عارف أشتغل، ومعتش بيجيلى زباين، وأولاد الحلال ساعدونى وحافظوا على عدتى فى مخزنهم، معتش عارف هعمل إيه، والحمدلله"، حيث أن قسوة ابنه عليه بعد أن فقد بصره وفقد كشكه الصغير الذى لا تتعدى مساحته المترين، كسرت قلبه ومنعته من ممارسة عمله الذى عشقه وورثه عن والده.

عادل الفحار سبعيني كفيف يعمل في تصليح عربات الأطفال
عادل الفحار سبعيني كفيف يعمل في تصليح عربات الأطفال

وقال "الفحار"، إنه عمل بالمهنة منذ طفولته، حيث ورثها عن والده الذى علمه أصولها، وظل يعمل معه لسنوات طويلة فى تصليح عربات الأطفال وصناعة الأحزمة الطبية وحقائب المدارس، بجانب عمله كسائق نقل ثقيل، حيث كان يجوب جميع المحافظات؛ بحثا عن الرزق الحلال ليوفر حياة كريمة لزوجته وأبنائه، إلى أن فقد بصره فى عام 2003، حيث أصيبت عينه اليمنى بضمور وهو فى الخمسين من عمره وبعد فترة أصيبت عينه اليسرى بضمور أفقده الرؤية تماما، مضيفا أن الإعاقة لم تمنعه من مواصلة عمله فى كشكه الصغير والإبداع فى تصليح عيوب عربات الأطفال بإحساسه ولمساته، فبالرغم من صغر مساحة الكشك إلا أنه كان سبب سعادته وأمله فى الحياة، فكان يعتمد عليه بجانب معاشه على توفير حياة كريمة لزوجته ومساعدة ابنته الأرملة على أعباء الحياة، قائلا: "أنا راجل عاجز، وبفك عربيات الأطفال لأجزاء وبرجعها تانى والحمد لله ربنا معايا لآخر لحظة، ولادى سابونى وربنا حبب فيا كل الناس".

عادل الفحار كفيف يعمل في تصليح عربات الأطفال
عادل الفحار كفيف يعمل في تصليح عربات الأطفال

واستطرد أن زبائنه يتعجبون من إبداعه ومهارته العالية فى تصليح كل عيوب عربات الأطفال وهو كفيف، فيسألونه بدهشة كيف له أن يصلح العربة دون أن يراها ويرى عيوبها، فينجح دوما فى تصليح جميع العيوب مهما كانت صعوبتها ودقتها، فبمجرد أن يلمس العربة بأنامله ويمسك بأدواته يستشعر ويكتشف عيوبها سواء كان كسر أو تحطيم أو حاجتها لقطع غيار جديدة، مشيرا إلى أن تفوقه فى تصليح عربات الأطفال ورثه عن والده ولا يوجد غيره فى مدينة المنصورة يمتلك تلك المهارة فى التصليح، وسيظل يعمل لآخر نفس فى حياته ويكافح بكل عزم وإرادة للعيش بعزة وكرامة، معتزا ومفتخرا بتلك المهنة التى ربت أبنائه وجعلته صامدا فى وجه الشدائد بعد أن تخطى السبعين من عمره.

عادل الفحار يتحدى إعاقته البصرية ويعمل في تصليح عربات الأطفال بالمنصورة
عادل الفحار يتحدى إعاقته البصرية ويعمل في تصليح عربات الأطفال بالمنصورة

وأوضح أن عشقه لعمله وصعوبة تحركه بعد أن فقد بصره، أرغمه على ترك بيته الصغير فى شارع محمد فتحى بمدينة المنصورة، والمكوث والنوم فى محل بقالة صغير بجانب كشكه فى منطقة الحسينية، وبعد أن سلب ابنه الكشك منه لم يعد قادرا على العمل فحياته انتهت بمجرد أن عامله ابنه بقسوة وألقى به فى الشارع، فلم يعد قادرا على تصليح العربات، ومقابلة زبائنه الذين اعتادوا على تصليح عرباتهم لديه، مشيرا إلى أنه يحلم بتوفير كشك ثابت له يتيح له العمل من جديد، ويعينه على توفير حياة كريمة لأسرته، قائلا: "ابنى وقف حالى، وبحلم بكشك يسترنى اليومين اللى أنا عايشهم، ومحتجش لحد إلا لربنا بس".

 
عادل الفحار
عادل الفحار

 

عادل-الفحار-يكافح-بتصليح-عربات-الأطفال-بالمنصورة
عادل-الفحار-يكافح-بتصليح-عربات-الأطفال-بالمنصورة

 

مسن-كفيف-يعمل-في-تصليح-عربات-الأطفال-في-المنصورة
مسن-كفيف-يعمل-في-تصليح-عربات-الأطفال-في-المنصورة

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة