خبيرة أشعة ترد على دراسة بولندية حول المومياء الحامل

الأربعاء، 26 يناير 2022 05:00 م
خبيرة أشعة ترد على دراسة بولندية حول المومياء الحامل الجنين المزعوم بداخل المومياء
أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد شهور من إعلان علماء الآثار فى وارسو البولندية لما أسموه اكتشاف "أول مومياء مصرية حامل عرفها التاريخ"، كشفت الدكتورة سحر سليم، أستاذ علم الأشعة بجامعة القاهرة وخبيرة المومياوات، عن مفاجأة جديدة تخص المومياء، مؤكدة أن حمل المومياء "كاذب" و تفند نظرية (التخليل) التي أقرها الباحثون البولنديون.

 

وقالت الدكتورة سحر سليم، خلال حديثها مع "اليوم السابع"، أعلن فريق بولندى في أبريل ٢٠٢١ أنهم باستخدام الأشعة المقطعية اكتشفوا جنينا داخل مومياء مصرية من القرن الأول قبل الميلاد محفوظة في المتحف الوطنى فى العاصمة البولندية وارسو، وقرآت هذه الدراسة بوصفي متخصصة في أشعة المومياوات وأيضا لتخصصي في المجال الطبي في فحوصات الأجنة، وكان لي العديد من الملحوظات التي تفند النتائج التي توصل إليها البحث، وحرصت أن يكون ردي على الدراسة علميا، فقمت بإرساله لنفس الدورية العلمية التى نشرت البحث البولندى، وتم نشر ردي العلمي في يناير ٢٠٢٢ بعد إجازته من ٣ محكمين مختصين، كما أتاحت الدورية للفريق البولندي الاستجابة لردي العلمي على دراستهم و الذي تم نشره في نفس العدد.

 

وأكدت الدكتورة سحر سليم، على أن العلماء البولنديين افترضوا وجود جنين بداخل حوض المومياء وبذلك تكون "أول مومياء حامل" تم العثور عليها، دفنت بأحشائها والرحم الحامل بداخلها.

 

وتفيد الدكتورة سحر سليم، أن وجود جنين بداخل مومياء محنطة لم يتم العثور عليه من قبل، فهو أمر يتنافى مع طرق التحنيط المصرية، ولكن افترضت الدراسة البولندية أن المحنطين تركوا الرحم الحامل بداخل وحنطوا المومياء، وتلاشت عظام الجنين فأصبح عبارة عن كتلة مسمط ة بلا عظام وتضيف سليم أن هذه النتائج تتنافى مع مراحل التحلل الطبيعية وعملية التحنيط على طريقة قدماء المصريين.

 

وفي رد الدكتورة سحر سليم التفصيلى فى الدراسة التى نشرتها الدورية الأمريكية، أكدت أن الرحم الحامل يعد مادة خصبة جدا للبكتريا ويؤدي ذلك إلى التحلل بعد الموت، وبقاء الرحم الحامل فى داخل الجثة المحنطة يؤدى إلى حتمية تحلل الجسد و فساد المومياء، لنفس السبب أزال المحنط المصرى الأحشاء الداخلية ولم يكن ليترك رحم حاملا لجنين بداخل الجسد حتى لا تتلف الجثة، وفرضية ان أملاح التحنيط (الناترون) خارج الرحم حفظته هي فرضية خاطئة فالاملاح لا تكفى أبدا لحفظ الجنين داخل الرحم أو تمنع تعفنه، ومن فحوصات آلاف المومياوات المصرية القديمة المحنطة والمحفوظة بمصر وفي متاحف العالم، لم يجد أبدا أحدا من العلماء رحما حاملا بداخل مومياء.

 

وأشارت إلى أن الكتلة التي في رحم المومياء هذه لا يمكن اعتبارها جنينا، كما وصفتها الدراسة البولندية لافتقارها تماما لوجود أي صفات تكوينية أو تشريحية للجنين وليس بها أى عظام، فهذه الكتلة تبدو كالحشوات التي وضعها المحنطون بداخل جسد المومياء أثناء عملية التحنيط، وتؤكد سليم أنه ترى اشباه هذه الكتل التي تأخذ اشكالا ملتفة أثناء فحصها لمئات من للمومياوات المصرية بالاشعة المقطعية كجزء من عملها مع وزارة السياحة و الآثار المصرية.

 

وأضافت سحر سليم، أن الدراسة البولندية اعتبرت أن الجزء الشبه دائري المسمط هو رأس الجنين و تبدو هذه فرضية خاطئة فمن غير المحتمل أن يكون الشكل الكروى المسمط هو رأس جنين لأن عظام جمجمة الجنين تكون غير ملتحمة فلا بد ان تنهار الجمجمة ولا يمكن لرأس الجنين أن يحتفظ بالشكل الكروى كما في نتائج البحث.

 

وتضيف سحر سليم، أن الفريق البولندى في الدراسة المنشورة في أبريل ٢٠٢١ برر عدم وجود اي عظام بداخل الكتلة المزعوم أن العظام انكمشت و تلاشت و لم يتبق منها شيء، و برروا ذلك أن الهياكل العظمية للأجنة لا تحفظ لضعف الكالسيوم فى مراحل فترة الحمل، وردت د. سليم في مقالها أن عظام الأجنة لا تتلاشى وأن علماء الآثار وجدوا العديد من هياكل عظمية لأجنة في جبانات مصرية قديمة مثل مقبرة كليس الثانية فى الواحات الداخلة و أصغرها لجنين عمره ٢٠ أسبوعا.

 

وفي رد الفريق البولندي في مقالة و تصريحات اعلامية في يناير ٢٠٢٢ برروا حفظ الجنين و تلاشي عظامه بنظرية (التخليل)، فزعموا أن الأحماض الناتجة عن تحلل الرحم تسببت في تآكل عظام الجنين ومثلوا ذلك بالتجربة المدرسية التي يسبب فيها غمس البيضة في الخل الى ذوبان القشرة الكلسية و انتقال الاملاح الى السائل المحيط بها. و تفيد دكتورة عبلة عطية استاذة  و رئيسة قسم الطب الشرعي بكلية الطب بجامعة القاهرة ان درجة الحموضة الناتجة من التحلل بعد الوفاة ليست بالقوة الكافية التي تمكنها من اذابة عظام الجنين بالكامل و تضيف د. عبلة ان املاح التحنيط لا  تكفي لوقف انتشار التحلل و انتقاله من الرحم المتحلل الى الانسجة المحيطة  مما يؤدي الى حتمية فساد الجسد.اما عن تجرية غمس البيضة في الخل فتضيف د. عبلة ان هذه الظروف لا تنطبق على تحلل الجسم البشري فالأحماض النتجة عن تحلل الجسم البشري ضعيفة الحمضية  ولا يمكن مقارنتها بالخل ذي الحمضية العالية.

 

وشبه الفريق البولندي في رده الحديث تلاشي عظام الجنين المزعوم  بمومياوات المستنقعات، وترد دكتورة سحر سليم خبيرة المومياوات، أن مومياوات المستنقعات هى أجساد وجدت محفوظة بعد رميها فى مستنقعات حمضية في بلاد باردة مثل أوروبا، فتسببت الأحماض القوية في مياه المستنقع من إزالة الكلس من عظام الأجساد حيث انتقلت الاملاح بواسطة المستنقع ولكن بقت هياكل العظام الهشة موجودة كظلال و لم تتلاشى تماما. و تزيد سليم ان الظروف فى المومياء الحامل المزعومة مختلفة عن مومياوات المستنقعات لعدة أسباب أولها أن أحماض المستنقعات فى أوروبا  أحماض قوية عكس أحماض تحلل الجثة فهى ضعيفة ولا تسبب إزالة الكلس أو العظام. "ثانيا" أن المستنقعات المشار إليها باردة و البرودة شرطا أساسيا فى حفظ مومياوات المستنقعات فلذلك الظروف مختلفة تماما فلا برودة فى هذه المومياء ولا يوجد مقارنة.و"ثالثا" أن الأجساد فى المستنقعات  محاطة بسوائل مادة وسيطة لحمل الكلس من العظام و لكن فى هذه المومياء المشار إليها فهى جافة فأين ذهب الكلس بدون وسيط سائل؟ رابعا  تبقى الهياكل العظمية فى مومياوات المستنقعات و لكن كظلال ولا تتلاشى كزعم المؤلفين البولنديين ولكن ما يدعيه الفريق البولندى أنه جنين فلا يحمل أى عظام بل هى كتلة مسمط.

 

وأوضحت الدكتورة سحر سليم أن ما شخصه الفريق البولندى بداخل المومياء على أنه جنين هو غالبا حشوات تحنيط و تضيف انها ترى  مثل هذه الكتل في حوض المومياوات  في صور الاشعة المقطعية في العديد من المومياوات ، تضيف ان هذه اللفائف قد تأخذ أشكالا ملتفة عديدة.

 

الجنين المزعوم بداخل المومياء في الدراسة البولندية لا تحمل اي صفات تكوينية ولا عظام لجنين وماهي إلا حشوات وضعها المحنطون
الجنين المزعوم بداخل المومياء في الدراسة البولندية

 

المومياء
المومياء

 

فحص أشعة مقطعية لمومياء مصرية من القرن الأول قبل الميلاد و هو نفس تاريخ المومياء الحامل المزعومة و نرى في الحوض لفائف تحنيط ملتفة يمكن تأخذ أشكالا مختلفة تشبه ما شخصه الفريق البولندي خطأ على أنه جنين
فحص أشعة مقطعية لمومياء مصرية

 

مقالة الدكتورة سحر سليم فى المجلة العلمية
مقالة الدكتورة سحر سليم فى المجلة العلمية

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة