أكرم القصاص - علا الشافعي

إيمان حنا

"حقوق الإنسان" تحت الطلب.. وصرخات الإنسانية فى ميزان مصالح الدول العظمى!

الأحد، 16 يناير 2022 02:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ربما لا يمكننا أن نحصي عدد المعارك والحروب عبر التاريخ الذى تخبرنا صفحاته عما فعلته تلك الحروب بالإنسانية، خاصًة في القرن الماضي الذي شهد حربين عالميتين كان ضحاياها عشرات الملايين، فقد خلفت الحرب العالمية الأولى 17 مليون ضحية خلال 4 سنوات، أما الثانية فحصدت 74 مليون ضحية خلال 6سنوات، ليس هذا فحسب فهناك حروب أهلية شرقا وغربا وصولا إلى سوريا وليبيا والعراق.

تتعدد الأرقام، وتختلف الإحصائيات باختلاف السنوات وأماكن الحروب؛ لكن المؤكد أن الحروب تعيد نفسها من الأطراف عينها لكن بأسلحة مختلفة تناسب العصر الحديث؛ ونواجه الأطماع نفسها من دول تُصارع منذ عقود ولا تزال من أجل مصالحها العظمى، غير آبهة بضحايا تلك الصراعات من كافة الأعمار والجنسيات.
 

امتدت الأسلحة فى الحروب الحديثة لتلك الورقة البيضاء لتتلون وفق الأهداف؛ فأضحت طلقات رصاص جاهزة فى انتظار إطلاقها بالوجهة المحددة سلفاً وفق خريطة المصالح الدولية العظمى شديدة التشابك والتعقيد.

إنها ورقة "حقوق الإنسان" ذلك المصطلح الرنان نسمع عنه منذ نعومة أظافرنا دون أن ندرك أبعاده المختلفة، لم نعلم وقتذاك أنه سلاح يُضاف لأسلحة الجيل الرابع والخامس، ولكن هل يبقى للبشرية من هذا المصطلح البراق نصيب؟

هل سمع هؤلاء المتشدقون بـ"حقوق الإنسان" عن انتهاكات مستمرة منذ عشرات السنوات واشتدت وتيرتها فى السبعينيات ضد مسلمى الروهينجا فى ميانمار، شملت القتل والحرق إلى جانب حرمانهم من الجنسية، بخلاف ما ترتب على تلك الممارسات من نزوح أعداد غفيرة منهم إلى بنجلاديش والدول المجاورة، فهناك 700,000 شخص فروا خلال 4 أشهر فقط عام 2017) وفق تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)؟!

من ميانمار إلى بلاد الأرز.. لبنان الذى يحمل بداخله شتى أشكال المعاناة الإنسانية المعيشية والاقتصادية والصحية والسياسية، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولى الذى يغض الطرف عنها.

يمر لبنان بأشد الظروف الاقتصادية ضراوة، ولا يدرك للخروج من أزمته سبيلًا، فماذا فعل دُعاة حقوق الإنسان من أجل اللبنانيين وأزمتهم الاقتصادية، بل إن هناك عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين والفلسطينيين تجاوز الـ2 مليون إضافة إلى عدد آخر من اللاجئين من جنسيات مختلفة، كل هذا فى بلد "مُنهك" لا يتجاوز عدد سكانه الـ4 ملايين، من بينهم80 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون على 2 كيلومتر مربع في مخيم "عين الحلوة" جنوب لبنان ـ وفق إحصائيات "الأنروا"ـ هل تستطيعون تخيُل الأوضاع المعيشية لهؤلاء خاصة بعد جائحة كورونا؟.. أدعو حضراتكم أيضا لزيارة مخيم"صبرا وشاتيلا" للوقوف بأنفسكم على الأوضاع الإنسانية هناك؟

نمر بالولايات المتحدة الأمريكية.. تستوقفنا هناك صرخات "جورج فلويد"ـ الأمريكي ذو الأصول الإفريقية ـ وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في 25 مايو 2020 تحت ركبتى الشرطي الأمريكى السابق ديريك شوفين

أثار الحادث ألم الكثيرين، ومقتله كان شرارة احتجاجات واسعة ضد العنصرية فى بلد الحريات، لكن سرعان ما خفتت شرارة الحدث الجلل وكأنه لم يكن، ألم تُلصق الواقعة بالدولة الأمريكية أى عار فيما يخص "حقوق الإنسان" ! ألم ينبئكم مقتله عن خلل ما أو مرض دفين بالمجتمع يحتاج إلى تصحيح وتهذيب؟

 ليس هذا الحادث فقط، بل نسمع بين الحين والآخر عن عشرات من حوادث إطلاق النار من أفراد على المارة أو داخل المدارس، وسجلت تقارير أمريكية تتابع إحصائيات حوادث إطلاق النار، منذ تنصيب بايدن، مئات الوقائع التي أطلقت فيها النار كانت الكراهية والعنصرية وتفلت السلاح قاسما مشتركا بين تلك الجرائم؛ وفي هذا الصدد تخبرنا منظمة مكافحة جرائم الكراهية ضد الآسيويين عن إحصائيات مرعبة لعدد الحوادث بدافع عنصري أو عرقى، وأحصت المنظمة خلال شهري يناير وفبراير المنصرمين، 503 حادث، بدافع عنصري تجاه الأمريكيين من أصول آسيوية..

سؤال أوجهه لـ"حماة حقوق الإنسان" والأوصياء عليها.. مابالكم تلهثون وراء اختلاق قصص غير حقيقية أو تضخيم واقع لإظهاره بغير حجمه فى بلدان بعينها، فى حين أن الواقع المؤلم بضخامته موجود بوضوح وبحجمه الطبيعى فى أخرى، دون أن تلتفوا إليه أو للأسف تعمون أعينكم عن رؤيته مدققين النظر فى الوجهة المغايرة طالما أنها لا تتعارض مع مصالحكم؟!

هل سمعتم صرخات أطفال سوريا؟.. أطفال رضع على صدور امهاتهم فى انتظار نقطة لبن تشبع جوعهم ولكن هيهات أن يحصلوا عليها فى ظل سوء التغذية أو بالأحرى انعدامها ؟ رجفات الأجساد قد تسمعها حين تحتك بالأغطية البلاستيكية التى صنعت منها مخيمات اللاجئين والنازحين على الحدود فى تركيا وسوريا ولبنان والعراق وميانمار بأسهم البرد القارس، ألم تصل إليكم؟

أسألكم أنتم قادة العالم والأوصياء على "حقوق الإنسان"، أين أبسط حقوق البشرية، وطن ..هوية وكرامة، البعض يا سادة تجاوز عمره السبعين عاماً وبلا بطاقات هوية حتى الآن ، شباب وأطفال هم مستقبل العالم ليس لديهم هوية ، أى بلا وجود على خريطة عالمكم ، من بين هؤلاء 9000 أسرة فلسطينية- في لبنان فقط- تعانى أزمة الأوراق الثبوتية (وفق اللجان الشعبية)..نعم لم أكن أقدر حجم المأساة وشعور أنك بلا هوية حتى ألتقيت دينا حسن فى مخيم عين الحلوة التى أبلغتنى أنها فلسطينية ولا تحمل بطاقة هوية رغم أن لديها 4 أطفال، وأنها لا تدرى شيئا عن مستقبل أبنائها بالتبعية ..كل هؤلاء يدفعون ثمن العدوان فى فلسطين.

هذه نماذج تستحق منكم الاهتمام والبحث عن حلول، ومواجهة المتسببين في تلك المآسى التى بات العالم واقفا مكتوفى الأيدى أمامها، ومحاسبتهم عن إضاعة حقوق آلاف بل ملايين الشباب والأطفال، أليس هؤلاء أولى باهتمامكم وبالبحث عن حقوقهم، أليس من أوصلوهم لهذا المصير أكثر استحقاقا بتوجيه أصابع الاتهام إليهم ؟

مصر ليست بحاجة للتفحيص والتمحيص، وهناك من هم أكثر احتياجا لذلك، فتلك الدولة التى تحملقون في أوضاعها بعدساتكم المكبرة لتتصيدون مايمكنكم من خلاله توجيه أصابع الاتهام إليها، أو تشويه ما تقوم به من منجزات بها 6ملايين من جنسيات مختلفة دون مخيم واحد للاجئين، رغم أن عدد سكانها تجاوز الـ100مليون نسمة، ولم تستخدم اللاجئين ورقة للحصول على امتيازات مادية مثلما تفعل دولأخرى لا داعى لذكر اسمها.

مصر كفلت حرية المعتقد والعبادة للجميع على اختلاف الديانات والمعتقدات دون تمييز، وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسى لهذا فى أكثر من محفل ومناسبة وكسر التابوهات، وهذا عمل لو تعلمون عظيم لمن ذاق مثلنا معاناة الذهاب للكنيسة فى عهد"الإخوان" .

مصر كفلت بناء دور العبادة دون ترهيبب، والرئيس عبد الفتاح السيسى أول رئيس يبادر بالحضور فى صلاة عيد الميلاد مع قداسة البابا تواضروس الثانى، معلناً أن الجميع سواسية.. أليس هذا من "حقوق الإنسان" ؟!

أدعوكم لزيارة مصر لتروا واقعها بأعينكم دون تزييف أو تجميل، بدلا من الاعتماد على ما تردده الأبواق السياسية وتقارير وسائل إعلام تفتقر للمصداقية تلونت معلوماتها بأجندات مموليها السياسية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة