أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: سيناريوهات مصر والموقف العربى فى "سد النهضة" .. السياسة المصرية تستند على رؤية ثابتة تتعلق بالمشاركة والحوار وتحييد التدخلات الخارجية ودعم الدول الوطنية

الثلاثاء، 15 يونيو 2021 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طالما نتحدث عن القضايا الاستراتيجية والأمن القومى، لا مجال للموافقات المشروطة، خاصة مع اختبار قوة الدولة المصرية فى عدد من الملفات الصعبة والمعقدة، داخليا الاقتصاد والإرهاب، وخارجيا تحققت نتائج فى كل الملفات المعقدة، بشكل انتهى إلى أن تقف مصر كأحد مراكز التأثير فى المنطقة والسياسات الإقليمية المرتبطة دوليا. 
 
وتستند السياسة المصرية على رؤية ثابتة، تتعلق بالمشاركة والحوار، وتحييد التدخلات الخارجية، ودعم الدول الوطنية، وهى سياسة انعكست على امتصاص الكثير من التوتر فى العديد من الملفات، وهذه النجاحات تضاعف من حجم الثقة، التى تتطلبها المرحلة الراهنة فى باقى الملفات، وهى ثقة لا تنشأ من فراغ، وإنما من نتائج تحققت بالفعل، أو فى سبيلها للتحقق، وعربيا تدفع القاهرة إلى بناء موقف عربى قادر على الفعل، فى ظل وضع دولى يتسم بالتقاطعات، وتنشغل الدول الكبرى بنفسها، أو بفيروس كورونا، فضلا عن منافسات وتقاطعات سياسية تتعلق بالاقتصاد والتجارة. 
 
من هنا يبدو وجود موقف عربى قوى ضروريا، كما يمكن تفهم التحركات المصرية الحالية أو التصريحات الصادرة من الدولة المصرية، وأهمها زيارة وزير الخارجية سامح شكرى، للدوحة، والرسائل المتبادلة بين القاهرة والدوحة، منذ توقيع اتفاق «العلا» فى يناير الماضى، وزير الخارجية يشارك خلال الزيارة فى الاجتماع التشاورى لوزراء الخارجية العرب الذى يعقد بدعوة من قطر رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، لمواصلة التنسيق والتشاور بشأن القضايا العربية والإقليمية، وأيضا يشارك وزير الخارجية سامح شكرى فى الدورة غير العادية  لمجلس الجامعة على المستوى الوزارى، لبحث تطورات قضية سد النهضة، بناء على طلب من مصر والسودان، وأيضا الاجتماع الأول للجنة فلسطين.
 
بالطبع فإن ملف سد النهضة يمثل أحد الملفات الكبرى، التى تعمل فيها الدولة المصرية بقوة، للتوصل إلى اتفاق ملزم فيما يتعلق بملء وتشغيل السد، وضمان مصالح دولتى المصب مصر والسودان، وقد رفعت مصر ملفا كاملا بكل التفاصيل والمعلومات إلى مجلس الأمن، بعد عدة مراحل تمسكت فيها مصر بالصبر، وتعاملت بشكل واضح، حيث حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على تقديم كل ما يلزم لإثبات حسن النوايا، وواجهت مصر والسودان مراحل حاول فيها الجانب الإثيوبى طرح خطاب هلامى، أو التملص من أى اتفاقات، وهو ما يدفع مصر إلى إضاءة أضواء حمراء أمام المجتمع الدولى، تأكيدا لتمسك مصر بحقها، بناء على القوانين والمواثيق الدولية.
 
الرئيس عبدالفتاح السيسى يؤكد دائما أن مصر لديها الصبر، وأنها لا تهدد، لكنها تمتلك القدرة، وبعد أن ظل الملف فى حوزة الاتحاد الأفريقى، فإن مصر الآن  تضع المجتمع الدولى أمام مسؤولياته، حتى يمكن تجنب الوصول لمرحلة تهدد السلم والأمن فى أفريقيا والعالم. ومصر تتحرك بسيناريوهات متعددة، ولديها تصورات ومعلومات، وتتعامل باستراتيجية واضحة، ولا تطرح خطابا مزدوجا، أو متعدد الوجوه، لكنها منذ اللحظة الأولى لديها خطاب واحد، أنها مع حق إثيوبيا فى التنمية، وحق مصر والسودان فى مياه النيل كنهر دولى، يتدفق منذ آلاف السنين. 
 
كل الأطراف الدولية لديها إطلاع على تفاصيل ملف السد، بشكل كامل، وأيضا يمكنها تفهم أى تحرك مصرى لضمان الحق، والدفع نحو عقد اتفاق ملزم ينظم ملء وتشغيل السد، وهو أمر يضمن مصالح إثيوبيا، مثلما يضمن مصالح السودان ومصر، لأن البلدين لدى كل منهما خبرة فى إدارة السدود وتشغيلها، وأيضا من المهم أن تعرف كل من مصر والسودان حجم التصريف خلف السد الإثيوبى، لتنظيم عمليات الرى والتصرفات المائية، وكلها مطالب مشروعة ومنطقية لا تخرج عن إطار القواعد المعمول بها بين دول العالم. 
 
وبجانب المواقف الدولية، فإن مصر حريصة على بناء موقف عربى قوى، تجاه السد، وظهر هذا فى الاتصالات واللقاءات المصرية السعودية، والدعم الذى تقدمه المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية، والعراق، وباقى الدول العربية، لتنسيق المواقف، مع اقتراب الحسم فى ملف يمثل أحد أهم التحديات التى تواجه مصر، لكنها ليست بعيدة عن الحل، فى ظل تجارب متعددة خلال السنوات الماضية، سواء من خلال سيناريوهات المشاركة والتعاون والحوار، أو من خلال أدوات تتعلق بالردع والمواجهة، وتختلف السيناريوهات حسب كل ملف، فالتعامل مع الإرهاب والتهديد المباشر، يختلف عن التعامل مع الدفع لحل سياسى وانتزاع التدخلات فى ليبيا، أو الحوار والتعاون لإنهاء الخلافات مع طرف عربى أو إقليمى، وهو ما يجعل الثقة معيارا للتعامل مع ملف النهضة، من خلال سيناريو يتناسب زمانيا ومكانيا واستراتيجيا مع القضية.
 
p.8
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة