تمر اليوم الذكرى الـ203 على ميلاد أحد أعظم الاقتصاديين فى التاريخ، صاحب كتاب "رأس المال" أحد أعمدة الفكر اليسارى الماركسى فى العقود الماضية، إنه المنظر الاقتصادى الأشهر كارل ماركس إذ ولد فى 5 مايو عام 1818م.
قامت نظريات ماركس عن المجتمع فى الاقتصاد والسياسة - المعروفة باسم الماركسية - وتفترض أن كل المجتمعات تتقدم خلال الصراع بين الطبقات الاجتماعية: صراع بين طبقة الملاك المتحكمين بالإنتاج وطبقة العمال الذين يعملون لإنتاج السلع. عارض ماركس بشدة النمط الاقتصادى الاجتماعى السائد، أى الرأسمالية.
استحوذت حكومات اشتراكية ثورية تتبنى الفكر الماركسى على الحكم فى العديد من البلدان فى القرن العشرين، مما أدى لتكوين دول اشتراكية كالاتحاد السوفياتى عام 1922 وجمهورية الصين الشعبية عام 1949. كما أن العديد من نقابات وأحزاب العمال عالميا تأثرت بالفكر الماركسي، كذلك قامت العديد من الثورات والاقتصاديات الكبرى على أنها تطبق ما قاله ماركس باعتباره مرجعًا يستطيع فكره تخطى العصور، الحركات العمالية الكبرى أيضا، كثير منها يتبى ما كان ينادى به المفكر الراحل، لكن كثير من الانظمة التى تبنت أفكاره سقطت، فهل أفكار ماركس لم تكن تناسب تلك المرحلة، أم أن تنفيذ الأفكار الخاطئة كان سببًا فى ذلك.
فبحسب مقال آندرياس آرنت أستاذ للفلسلفة فى جامعة هومبولت فى برلين، ترجمه حسن زنيند، أنه لا يمكن القول إن ما تم تطبيقه من نظريات على أرض الواقع لا علاقة له بما كان يريده فعلاً، لكن هناك تطبيق خاطئ لما نظّر له ماركس، حيث أُخرجت أفكاره من سياقاتها، أرى أن التقد الأكبر الذى يمكنه توجيه لنظرية ماركس هو أنه لم يترك نظرية للسياسة والدولة، لكن لا يجب أن يؤاخذ على ذلك، فهو كان يخطط لتحقيق ذلك إلا أن الموت كان أسرع من مخططاته.
وبحسب ما يذكره كتاب "كارل ماركس.. العظمة والوهم" للمؤرخ البريطانى غاريث ستيدمان جونز، فإنه على النقيض ما يفترض فى أحيان كثيرة، بأن الشيوعية مرتبطة بماركس، فإن المفكر الألمانى لم يخترع الشيوعية، بل إن راديكاليين، مثل بيار جوزيف برودون (1809-1867) والحركة التشارترية فى إنجلترا استخدموا منذ زمن طويل لغة يعتبرها قراء اليوم الحاضر لغة "ماركسية": "التمتع بالمساواة السياسية وإلغاء الملكية"، "جيش العمال الاحتياطي"... الخ.
كما أن مؤلف الكتاب، يرى أن ماركس "استهان بالتطورات الجارية فى الاقتصاد السياسي"، وكان ذلك خطأ كبيرًا إزاء التغير المتسارع الذى كان يشهده هذا الحقل وقتذاك، والأشد انتقادًا أن "غروندريسة"، المخطوطة الناقصة التى يعتبرها كثير من الماركسيين الجدد كنزًا فى النظرية، تعانى من "عيوب بمحاجاتها الأساسية".
ووفقًا لما يقوله الكاتب ديتمار دات، فى مقال نشرته فى جريدة فرانكفورتر ألغماينة تحت عنوان "ماذا يقول كارل ماركس؟"، كان المهم بالنسبة لماركس هو كيف يمكن أن نستفيد من التقدم الذى وصلنا إليه، من أجل تحقيق المزيد من التقدم. لا يجوز أن ننسى أن ماركس قد وضع أفكاره من أجل المجتمع الغني، بالطريقة التى كان عليها هذا المجتمع فى إنكلترة وألمانيا، وهذا لم يكن يسرى على روسيا، ولا على الاتحاد السوفيتى فيما بعد، الذى حاول تطبيق أفكاره عمليا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة