أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

مكايدة الكتائب الإلكترونية للنجمة إلهام شاهين

الجمعة، 19 نوفمبر 2021 10:23 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعم إنها (المكايدة) لإلهام شاهين، فعلي أثر أي تصريح أو خبر ينشر حول اعتزام النجمة الكبيرة والجريئة عن عمل جديد تخرج علينا الكتائب الإلكترونية الإخوانية وحلفاؤهم في الداخل لتشن حربا جديدة عليها!، فما أن بدأت قصة تقديم المسرحية التي أعلنت فيه إلهام عن استعدادها لتقديم مسرحية (المومس الفاضلة) التي قدمتها سيدة المسرح (سميحة أيوب) في ستينيات القرن الماضي ولاقت إعجاب الجمهور، وقالت عنها كانت نقطة فارقة في حياتها المهنية، ومن ثم قالت (أيوب) عن أزمة اسم المسرحية: عايزين يرجعونا الكهف تاني، مشيرة إلى أن الإعلان عن إعادة تقديم مسرحية (المومس الفاضلة) للكاتب جان بول سارتر، التي سبق أن قدمتها قبل سنوات طويلة، رغم أنها كانت (دردشة ومجرد فكرة تم طرحها والتحمس لها)، خلال لقائها بالفنانة إلهام شاهين التي أعلنت عن بطولتها للمسرحية وتحمست لها خلال لقائهما، ولم نبدأ فيها حتى الآن.
 
لكن الإخوان وحلفاؤهم لم يكذبوا خبر كعادتهم وبدأوا حملة جديدة استهدفت (إلهام) بإثارة الأزمة إثر قولها في مداخلة مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه (الحكاية): اسم المسرحية ليس من اختراعنا، ومن يهاجمون لا يعرفون من هو سارتر أو عما تتحدث المسرحية، الناس لم تعترض على المسرحية حين عرضت من 45 سنة ولا أعرف هل تم تبديل الشعب أم ماذا؟)، وقد أثارت حفيظة المنغلقين فكريًا وثقافيًا بقولها: (المسرحية محترمة جدًا وفيها فكر، وفيه كتب دينية فيها عناوين تقيلة بس مش عاوزة أقول أسامي الكتب)، وقدم عمرو أديب، مقترحًا لإلهام بأن تحذف هذه كلمة (المومس) وتكتفي بأن يكون اسم المسرحية الـ (الفاضلة)، كما حدث مع أفيش المسرحية الفرنسية للرواية نفسها، وهو ما أيّدته الفنانة المصرية الشهيرة، واستجابت له، واستجابت (إلهام) قائلة : (أوعدكم أننا هشيل كلمة المومس ونخليها الـ (.....) وفسروا براحتكم بقى.
 
ترى هل اقتراح عمرو أديب بتغيير الاسم وموافقة إلهام عليه يمكن أن يوقف الزحف التتاري الإخواني وغيره من الحلفاء المخلصين لفكرهم الإجرامي، ظني أنهم لن يتركوا فرصة لاحت لهم بتصفية ثأرهم القديم حيث سجنت إلهام الداعية السلفي (عبدالله بدر) بعد أن أدى إلى انفعال شاهين أكثر من مرة في حينه، وكادت أن تجهش بالبكاء وهى تدافع عن نفسها نتيجة تعرضها للسب والشتيمة من قبل الداعية الإسلامي المتطرف، ووصفت شاهين الأمر في ذلك الوقت بالبشع متسائلة (ما هذه الأخلاق التي لا يقبل بها أي دين سواء إسلامي أو مسيحي أو يهودي ولا حتى هندوسي)، مضيفة أنه كان بإمكان بدر أن يقول إن (أفلامها سيئة لا تعجبني)، دون اللجوء الى ألفاظ كهذه، (يبدو أنه لا يعلم أنه يحرمها الدين ويجرمها القانون)، وتوجهت وقتها الى القائمين على جامعة الأزهر: هل هذا الشخص حاصل بالفعل على شهادة دكتوراه من الجامعة؟، وعما اذا كان الأزهر ووزارة الأوقاف يوافقان على ما يقوله عبد الله بدر؟.
 
ويبدو أن الإخوان وحلفاءهم لم يرق لهم حديث إلهام بعد حادثة (عبد الله بدر الشهيرة حين رأت في معرض دفاعها عن نفسها، أن عبد الله بدر وغيره من (كلاب النار) لم يشاهد فيلمًا واحدًا مما قدمته، واعتبرت أنه يتعمد اجتزاء لقطات ومشاهد محددة من سياقها، وأنه لا يصح التعامل مع الأمر على هذا النحو، معتبرة أن ذلك يشبه تلاوة الآية القرآنية (لا تقربوا الصلاة) وتجاهل (وأنتم سكارى)، واعتبرت إلهام شاهين أن هجوم إسلاميين على الفن هو بمثابة (تفكيك للدولة المصرية).
 
وكأنها تخاطب هؤلاء الجهلاء في تشدقهم اليومي بأي شأن ولو كان صغيرا يخص النجمة في جسارتها المشهودة للتصدي لكل حملاتهم المغرضة، فليس خافيا أنها تتمتع بقدر هائل من (الجدعنة) - بحسب التعبير الدراج - والمعروفة أيضا بآرائها الجريئة التي تحدت من خلال جماعة الإخوان المسلمين، فبعدما كانت قد صرحت بأنها منذ أن كانت والدتها على قيد الحياة، وهى تنوي التبرع بأعضائها البشرية بعد وفاتها، وقد أخبرت عائلتها بالأمر وأوصتهم به، كما كشفت أن صاحب المبادرة هو الدكتور خالد منتصر، وهى تدعمه بشكل كامل في ذلك.
 
وقالت إلهام شاهين إنها وافقت وتشجعت على هذا الأمر لأن الجسم لن تكون له فائدة بعد الوفاة، وبالتالي إن كان بإمكانها أن تفيد أي شخص آخر بعضو من أعضائها فلما لا تقدم على الأمر وتساهم في شفائه، إلى ذلك أوضحت أنها لا تمانع في أن يستخدم طلبة كلية الطب جثتها لأغراض علمية بحتة، معربة عن تشجيعها للأمر بشكل كامل، بل واعتبرت أن على العائلات أن تحترم رغبة أي فرد يوصي بالتبرع بأعضائه، مطالبة بأن يكون هناك تقنين للأمر في إطار تشجيع الناس لعمل الخير وذلك بالاستفادة من أعضائهم لإنقاذ حياة المرضى بدلا من أن يأكلها الدود بحسب تعبيرها.
 
وطالبت النجمة إلهام شاهين بضرورة وجود بنك متخصص لزراعة أعضاء الجسم، وتدوين التبرع في الرقم القومي للشخص المتبرع، وذلك من خلال فيديو لها نشره الدكتور خالد منتصر عبر حسابه الشخصي على موقع (تويتر)، قالت فيه: (يا ريت البطاقة الشخصية يكون مكتوب فيها إني متبرع، وموافق على التبرع، بحيث الإنسان لما يموت حتى لو أهله معملوش ده يبقى مكتوب في الرقم القومي بتاعه، وعلى الدولة أن تستجيب لده وتاخد الجثمان فعلا وتاخد السليم منه)، وأضافت: (وفي نفس الوقت لازم يكون عندنا بنك لزراعة الأعضاء، ويتشال فيه الأعضاء دي لمن يريد، يارب نقدر كلنا إيدينا في إيدين بعض ونعمل الخير وننشر الحب والمعاني الإنسانية الجميلة بينا وبين بعض).
وبالطبع لم تسلم (إلهام) بعد هذه التصريحات وقتها من ألسنة وتنمر الكتائب الإخوانية في الخارج والداخل ودخل على نفس الخط حلفائهم الذي يعملون في الخفاء، بدليل أنهم استغلوا الضجة التى أثيرت حول تجسيد النجمة المبدعة (إلهام شاهين) لدور (ليزي) فى مسرحية (المومس الفاضلة) رائعة الكاتب العالمي (جان بول سارتر) وإخراج سيدة المسرح العربي (سميحة أيوب) ما جعلنا نترحم على الزمن الماضي خاصة في حقبتي الخمسينات والستينات وما قبلهما سواء في الفن أو الأخلاق؟، وذلك لسبب بسيط وهو أن كل شخص فى المجتمع المصري فى الماضي كان مهموما بأداء عمله فقط، ولا يتدخل في اختصاصات غيره من قريب أو بعيد، لهذا كان الفن المصري أحد أوجه مصر الحضارية المنيرة.
 
كان من السهل على النجمة (إلهام شاهين) أن تعود إلى خشبة المسرح المصري بأي نص من النصوص السطحية التى يمتلئ بها المسرح حاليا، لكنها بحكم دراستها أولا، وثقافتها ثانيا، وحبها لبيتها الأول المسرح ثالثا، قررت أو نوت أن تعود بنص عالمي قوي وجاذاب من روائع المسرح العالمي، ونظرا لأننا نعيش في عصر (التريندات) وسيطرة الجهل، والمهرجانات الغنائية والتفاهة التي تنسحب على حياتنا، قامت الدنيا ولم تقعد، وكأن المشكلة ليست في الاسم فحسب، بل في المضمون الذي يراه غير أخلاقي؟ ما يعني أننا لو قدمنا مسرحية إباحية باسم (الفضيلة) فليس لديه مانع طالما أنها الاسم لا يخدش الحياء العام. 
 
الغريب أن هذه المسرحية قدمتها الإذاعة المصرية بنفس الاسم (المومس الفاضلة) في منتصف الستينات في إذاعة (البرنامج الثاني) التى أصبح الآن اسمها (البرنامج الثقافي)، وقامت ببطولتها النجمة الكبيرة (سناء جميل، وأحمد علام، وملك الجمل) وإخراج محمد توفيق، وقبل الإذاعة قدمها المسرح القومي عام 1958 من بطولة (سميحة أيوب) وإخراج (حمدي غيث)، ونظرا لأهمية المسرح وسموه بهذا الطرح التنويري، ففي عام 1966 ذهب الكاتب الكبير (رجاء النقاش) رئيس تحرير مجلة (الكواكب) بنفسه وحاور سيدة المسرح العربي (سميحة أيوب)، عن ثلاثة أدوار مهمة لعبت فيهم دور (المومس).
 
ومع أنه كان من الممكن أن يرسل (النقاش) مدير التحرير، أو رئيس قسم أو صحفي مخضرم، إلا إنه من شدة إعجابه بالأدوار الثلاثة ذهب هذا الكاتب الكبير، وكان هذا الحوار الرائع الذي نشر في مجلة (الكواكب) أولا، ثم نشره الكاتب لاعتزازه به فى كتابه (كلمات في الفن) ونظرا لأهمية الحوار الآن في ظل الأجواء الملبدة بغيوم الجهل على بعض نواب الشعب، أتمنى أن يعاد نشره كاملا أو حتى الجزء المتعلق منه بـ (المومس الفاضلة) علنا نعي ونتدبر ما كان إبداعا بالأمس كيف أصبح اليوم عارا على الفن وأهله الآن في ظل الثورة المعرفية الجديدة.
 
توقفت بقدر من التأمل أمام قول القديرة (سميحة أيوب) في حوارها مع النقاش عن دور (المومس الفاضلة): فيه شاعرية وشفافية، فالمومس الفاضلة تفعل الخير بدون غاية لأنها عادة تعيش في وسط اجتماعي يتهمها ولا ينتظر منها أي شيئ جميل، لذلك فهي تسعى إلى المواقف الجميلة بدافع صادق لا تبتغي رضاء أحد على الإطلاق، وهذا هو أصدق وأعظم نوع من الإيمان بالخير في أعماق الإنسان، ولقد كان دور (ليزي) فى هذه المسرحية هى أن ترفض أن تشهد ضد الزنجي الذي أرادوا أن يلفقوا له تهمة القتل، قالت (ليزي) للزنجي: (إذا أرغمونى على الشهادة ضدك، فأعدك بأني سأقول الحقيقة)، وهذا هو المظهر المباشر لإنسانيتها العميقة.
 
أن (ليزي) هنا تريد أن تحمي إنسانا مظلوما، وأن هناك خيطا رفيعا يربط بينها فالذين ظلموه هم الذين ظلموها، والذين حولوه إلى كائن مطرود يعيش في خوف وذعر دائمين هم أنفسهم الذين جعلوها تعيش على الهامش، هامش الحياة العميقة، والعاطفة الإنسانية الصادقة، ويظل أجمل ما قالته (سميحة أيوب) في هذا الحوار: لذلك قمت بتمثيل هذا الدور لأني أعتبر (ليزي) شهيدة وليست ساقطة، إنها تذكرني بمريم المجدلية في القصة الدينية المعروفة، إنها طاهرة وبريئة، وقعت في الإثم والخطيئة ثم كشفت عن حقيقتها عندما ظهر في حياتها نور ساطع هو نور الحقيقة.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة