أكرم القصاص - علا الشافعي

شريف عارف

أخبار " تكذب" .. ولا تتجمل

الخميس، 11 نوفمبر 2021 09:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شاركت بالرأي قبل أيام، ضمن متطلبات إعداد رسالة الدكتوراه، للباحثة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة نهلة ذكريا، وموضوعها هو " الأخبار الكاذبة".

 ولا أعرف لماذا سيطر عليَ خلال فترة النقاش موضوع الفيلم الرائع الذي قدمه العبقري أحمد زكي في مطلع ثمانينات القرن الماضي، تحت عنوان " أنا لا أكذب ..ولكني أتجمل"!

كان الفيلم المأخوذ عن قصة للأديب الكبير/ إحسان عبد القدوس، يمثل مرحلة إفاقة للمجتمع الذي انغمس في فكرة الرأسمالية والانفتاح خلال حقبة السبعينيات، التي شهدت تطوراً مجتمعياً دفع الناس نحو الماديات، والذي شكل – بالتبعية - معطلة كبرى، أمام الطبقات المتوسطة والدنيا من المجتمع، مما دفع بعضها إلى الكذب والتحايل، للعيش وسط هذا المجتمع المادي.

روعة القصة، التي جسدها فيها أحمد زكي في شخصية "إبراهيم" الشاب الجامعي المتفوق، الذي أحب زميلته، الطالبة الجامعية ابنة الكاتب الشهير،  والتي تسكن مع أسرتها بأحد الأحياء الراقية، بينما هو من أسرة فقيرة تسكن بالمقابر، وأبوه يعمل حفاراً للقبور، وأمه في خدمة البيوت. كانت تلك هي أزمة الشاب موضوع الفيلم، الذي أراد أن يتعايش مع مجتمع رافض له لأنه فقير، وليس أمامه سوى الكذب، وقد وضع فلسفته الخاصة لهذا الكذب، الذي يراه محاولة للتصدي لتنمر المجتمع، والعيش الآمن بين الذئاب!

البحث الذي تجريه الباحثة لنيل درجة الدكتوراه، يمثل فكرة قيمة في قضية أصبحت تهدد العالم كله وسلامة مجتمعاته. تحدثت معها عن أن الأخبار الكاذبة ليست وليدة اليوم، وأنها تمثل أزمة مهنية تعيشها الصحافة منذ عقود طويلة، أو ما جرى تصنيفه في اللفظ العامي " فبركة" أو المصطلح العام الذي أطلقه الناس، وهو " كلام جرايد"، هو ما أدى إلى ظهور ما عرف بـ " الصحافة الصفراء" عالمياً ومحلياً، وهو الذي دفع الباحثين في مجالات التوثيق – للأسف – إلى عدم الاعتماد بشكل كبير على المعلومات الواردة في الصحف، لأنها لم تتحر الدقة بصور دقيقة!

ربما ساهم مجتمع "النيوميديا" ، الذي أصبح سمة من سمات الألفية الثالثة في إطلاق العنان لكل فرد، في أن يكون نفسه هو مؤسسة إعلامية مستقلة، فله الحق في إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ، وتأسيس قنوات ومنصات على موقع "يوتيوب"، وهي نقلات كانت لها ميزاياها الكبيرة وعيوبها الكارثية أيضا!

فتحت " النيوميديا" الباب أمام الاستغلال السياسي والتجاري، فاستخدمت وسائلها للترويج لشخصيات ومؤسسات وأحزاب وجماعات، وكانت عنصراً أساسياً في تهديد أمن الدول القومي واختراقه، عبر غرف مغلقة للتحادث أو لقاءات افتراضية، حتى ظهر مصطلح جديد، خلال ما أطلق عليه ثورات الربيع العربي، وهو " المظاهرات الاليكترونية"!

كان هذا التغيير الكبير في الاعلام الجديد، مقدمة لتضخم  الأخبار الزائفة أو ما يعرف بالإنجليزية بـ (fake news)، وهي تلك الأخبار، التي تعتمد على نشر معلومات مضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.

هذه الأخطار لم تصب دول الشرق الأوسط فقط بعد 2011، لكنها أصابت الدول الكبرى، التي تخصصت في تصدير مصطلح " الفوضى الخلاقة"، وهو ما اتضح في الأيام الاخيرة من حكم الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، حينما تجلت الحقيقة أمام الجميع من أن كل التحركات الفوضوية، كانت نتاجاً لتفاعلات تتم عبر " غرف مغلقة " على مواقع التواصل.

الأخبار الكاذبة الأن تتم وفق نظم ممنهجة، هدفها الأول خدمة مطلقيها، حتى عنصر حسن النية لم يعد متوفراً، لأن مبدأ تحري الصدق لم يعد موجوداً من الأساس ، وربما ذلك ما ظهر جلياً، في أخبار وفاة المشاهير التي تناقلتها وسائل الاعلام الكبرى، عن مواقع التواصل!

اذا كان أحمد زكي أو الشاب " ابراهيم " في الفيلم الرائع قد حاول الكذب للهروب من واقعه المجتمعي أو التحايل للتعامل معه، فان هناك جماعات وأنظمة داعمة لها تقوم وتبقى .. على صناعة الكذب!

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة