أكرم القصاص - علا الشافعي

"حفريات جامعة المنصورة": نجحنا لأول مرة فى تسجيل نوع جديد لمملكة الحيوان باسمنا

الأربعاء، 20 أكتوبر 2021 06:25 م
"حفريات جامعة المنصورة": نجحنا لأول مرة فى تسجيل نوع جديد لمملكة الحيوان باسمنا الفريق البحثى
الدقهلية - مرام محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمكن فريق من الباحثين في مركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة برئاسة الدكتور هشام سلام، بالتعاون مع معهد الصحة العالمية والبيئة البشرية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وقطاع حماية الطبيعة في جهاز شؤون البيئة المصري، بالإضافة إلى باحثين من جامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة سالفورد بالمملكة المتحدة، من إضافة جنس جديد من الثدييات التي عاشت في أفريقيا ويعود أصلها لقارة آسيا، حيث اكتشفوا نوعا جديدا من الفئران صغيرة الحجم عاشت في الغابات المصرية قبل نحو 34 مليون سنة، رأسه بحجم عقلة الأصبع ولا يتخطي وزنه 45 جراما، أطلقوا عليه "قطرانى ميز سفروتس".

وقال الدكتور هشام سلام عالم الحفريات الفقارية بالجامعة الأمريكية وجامعة المنصورة وقائد الفريق البحثي، لـ"اليوم السابع"، إن اهتمامهم بدراسة عالم القوارض والبحث عن خفاياه، انطلق من اهتمامهم بتوثيق تاريخ الأرض من خلال الأسرار القديمة والأدلة المدفونة من حفريات في باطن الأرض، في محاولة منهم للتعرف على تطور حياة الكائنات الحية منذ ملايين السنين، مؤكدا أن دراسة القوارض تقع ضمن مجال دراستهم، حيث إنها من الكائنات الحية التي تتعايش في مختلف البيئات، ولها دليل قوي في مختلف بقاع الأرض فضلا عن قدرتها على التكاثر والانتشار بشكل سريع؛ وهذا سهل عليهم كثيرا مجال الدراسة والبحث، مثلها مثل دراسة القردة، فهم جزء من البيئة الحياتية التي من السهل جدا استنتاج منها الكثير من المعلومات بشكل أوسع.

وأوضح أن الدراسة كشفت أن أسلاف هذه النوعية من القوارض عاشوا بدول جنوب أسيا كالهند وباكستان بالعصر الأيوسينى، وانتقلوا من آسيا موطنهم الأصلي إلى أفريقيا ومن ثم إلى أمريكا الجنوبية، وتسمى "هستريكوجناسي" مضيفا أن طريقة انتقالهم وهجرتهم من قارة لأخرى توضحها مجموعة من النظريات التي تدعم من خلال الأدلة العلمية.

وأشار إلى أن نظريات انتقال القردة والفئران من أفريقيا موطنها الأصلي إلى أمريكا الجنوبية أشارت إلى أن انتقالهم من أفريقيا موطنهم الأصلي إلى أمريكا الجنوبية جاء عن طريق اقتطاع جزء من الغابة وانتقال الفئران عبرها في اتجاه التيارات الهوائية حتى استقرت على الشاطئ الشرقي لأمريكا الجنوبية.

وأضاف أن الفئران صغيرة الحجم التي استطاعت أن تصل بسلام إلى قارة أمريكا الجنوبية بعد رحلة سفر شاقة، هي الفئران التي تحملت المكوث لأكثر من أسبوعين في المياه في ظل ظروف الطقس الصعبة، ونجحت من الوصول لشواطئ أمريكا الجنوبية.

وقال إن الفئران عندما نجحت في الوصول للشاطئ، وجدت أمامها قارة كاملة تنعم بأسباب الحياة، فتنوعت تنوع كبير جدا، ومنها ما وصل حجمه لأكثر من طن في التاريخ الجيولوجي، حيث يعد أسلافهم "الكابيبارا" من أكبر الفئران على وجه الأرض، وغيرها من الأنواع الأخرى صغيرة الحجم، التي تنوعت وتكاثرت، حتى أصبحت من أكثر الكائنات تنوعا في قارة أمريكا الجنوبية.

وأوضح أن اكتشاف هذا النوع بالتحديد من الفئران يوطد تاريخ نوع وجنس من الفئران عاش في ظل ظاهرة الاحتباس الحراري قبل الانقراض الذي شهده العالم بأسره مباشرة، فأوضح الاكتشاف أن قبل زمن "السفروتس" وقبل 30 مليون سنة، شهد العالم كارثة كبيرة جدا وهي انقراض أكثر من 65% من الكائنات الحية على مستوى العالم بسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، وتزامن ذلك مع انشقاق البحر الأحمر وانفصال الجزيرة العربية عن قارة إفريقيا.

وقال إنهم تمكنوا من دراسة جمجمتين ومجموعة كبيرة من الفكوك السفلية، لكن لم يكن الأمر بالسهولة الكافية؛ فالعيانات غاية فى الصغر ورقيقة جدا وملتصقة بالطين الصخرى الصلب مما جعل تحضير العيات للدراسة صعب للغاية لذا لزم عليهم عمل أشعة مقطعية دقيقة ليتمكنوا من دراستها في صورة ثلاثية الأبعاد، وأظهرت الدراسة أن طول ضرس السفروتس لم يتخطى الميلليمتر الواحد وجمجمته يصل طولها لحوالى 1 سم ونصف أما وزنه فلا يتخطى الـ45 جرام، مضيفا أن الفترة الزمنية التي استغرقت في عملية البحث وصلت لأكثر من 20 عاما، وتمكن الفريق من توثيق هذا النوع من الفئران خلال 4 سنوات.

‫وأشار إلى أن الفأر "سفروتس"، يعد من أجداد القوارض التي تعيش حاليا في دول جنوب وغرب أفريقيا، مثل فأر الخلد العاري، وفأر الخيزران، الذي يعد إحدى الوجبات الرئيسية في بعض الدول الأفريقية، كما يعتبر أحد أجداد أكبر حيوان قارض يعيش على الأرض حتى اليوم، والمعروف باسم "كابيبارا" في أمريكا الجنوبية، وهناك أنواع أخرى تستخدم كفئران تجارب لديها قدرات خاصة وخارقة.

وأكد الأهمية التاريخية والعلمية لهذا الاكتشاف، مشيرا إلى أنهم تمكنوا ولأول مرة من تسجيل نوع وجنس جديدين لمملكة الحيوان باسمهم، ولذلك أصروا على تسميته باسم عربي للحفاظ على الهوية العربية وهو "قطراني ميز سفروتس"، نسبة لمنطقة جبل قطرانى المكتشفة منها العينات، مضيفا أن مصطلح "ميز" يعني فأر باللاتينية أما "سفروتس" مأخوذة من اللغة العامية المصرية والتى تعنى صغيرا في الحجم.

وأشار إلى أن هذا الاكتشاف يعتبر سطرا جديدا في السجل التطوري للكائنات التي انتشرت في قارة أفريقيا بعد انقراض الديناصورات من 66 مليون سنة، مضيفا: "احنا بنكتب كتاب تاريخ الأرض"، حيث إن هذا الاكتشاف يعد ضمن سلسلة كبيرة من الاكتشافات، التي تضاف بشكل دائم لهذا الكتاب، حتى يتمكنوا من الوصول لصورة أكثر وضوحا عما حدث في الماضي وكان له دور في التنوع البيولوجي الذي نشهده اليوم، مؤكدا أنهم يسيرون في عملهم على نهج ثابت يعد من أهم مبادئ علم الجيولوجيا وهو "التعلم من الماضي لفهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل".

وقال إن الطبيعية تدلي بأسرارها من حين لآخر، ولكن هذه الأسرار تحتاج لمن يبحث ويتحرى عنها في المناطق التي سمحت انا الطبيعية بالبحث فيها عن إجابة، مشيرا إلى أنهم إذا أرادوا الحصول على تفسير يتعلق بتنوع الثدييات بعد انقراض الديناصورات، سيلجأوا لمدينة الفيوم ومنخفض القطارة، وإذا أرادوا أن يعرفوا ما حدث للديناصورات، سيجدون التفسير في الواحات البحرية وواحات الداخلة والخارجة؛ لكون الصخور التي تتواجد في هذه الواحات أقدم من الصخور المتواجدة في منخفضي الفيوم والقطارة، حيث أنها عبارة عن حفر أو منخفضات، كلما ازداد عمقها دل ذلك على بعد الفترة الزمنية والتاريخية، مضيفا أن صحراء مصر غنية جدا بالتاريخ والتراث الطبيعي الذي يحمل بين طياته الكثير من حكايات التراث القديم.

وأضاف أن مدينة الفيوم تكتسب أهمية كبيرة في مجال البحث العلمي والاكتشافات، موضحا بأن الفيوم عبارة عن حفرة في الأرض أو منخفض تكون بفعل عوامل التعرية والتجوية عبر ملايين السنين، والتي استطاعت أن تكشف لنا عن صخور عمرها من 30 إلى 45 مليون سنة، حيث تمتلك سجل متكامل عن حياة الكائنات التي عاشت على الأرض لمدة 15 مليون سنة، وتعد نافذة كافية لقراءة ماذا حدث للكائنات بعد انقراض الديناصورات.

وأكد أهمية التعاون بين الجامعات المصرية والأجنبية في المجال البحثي واكتشاف الحفريات، لدوره في الانفتاح على العالم الخارجي والتعرف على أهم ما وصلت إليه دول العالم الحديث من أفكار وإمكانيات في مجال الحفريات، والتعرف على الثقافات الأخرى، فضلا عن كونه فرصة حقيقية لتكوين علاقات بين طلبة الجامعات المصرية والأجنبية حتى تتلاقى العقول وتتبادل الخبرات والرؤى، مشيرا إلى أن ذلك سيخلق لدينا شخصية مصرية منفتحة علميا ولديها قدرة على مواكبة كبار العلماء على مستوى العالم، مضيفا أن العلم ليس له موطن ويشارك في إنتاجه الجميع دون استثناء.

وقال إن المركز تمكن من اكتشاف العديد من الحفريات بقيادة فريق سلام لاب، والتي كان أهمها اكتشاف القرموط الضخم "قرموطس" في وادي الحيتان، والديناصور "المنصوراصورس" الذي بلغ وزنه 5 أطنان ونصف طن، ووصل طوله لـ10 أمتار، وعاش في الفترة من 70 إلى 80 مليون عام قبل الميلاد. وظهرت أهمية هذا الاكتشاف كونه نوع جديد من الديناصورات لم يكتشف من قبل، وباعتباره الديناصور المصري السادس، وكونه أول ديناصور مصرى مكتشف على أيدى باحثين مصريين، وسمى باسم جامعة المنصورة "المنصوراصورس"، لكون المركز متخصص في دراسة حفريات الكائنات الفقارية، التى تعود إلى ملايين السنوات، قبل وجود الإنسان على الأرض، ويمثل أهمية علمية وتاريخية، حيث يشير إلى وجود اتصال برى بين أفريقيا وأوروبا. واكتشاف الحوت البرمائي، بمنطقة وادى الحيتان، الذي بلغ طوله نحو 20 متر، وكان من أهم الحيتان المهيمنة على البيئة البحرية في تلك الفترة، والتمساح "واحة سوكس" الذي كان يعيش في منطقة الواحات الداخلة والخارجة، وأخيرا اكتشاف الفأر "سفروتس".

وأشار إلى أن مركز حفريات جامعة المنصورة استطاع أن يحقق نقلة نوعية في عالم الحفريات، بعد جهد وعزيمة متواصلة على مدار سنوات طويلة وتعاون مع وزارة البيئة بقيادة الدكتور محمد سامح، مضيفا أنهم كان لديهم حلم بإنشاء مدرسة علمية تقوم على الإطلاع والقراءة الجيدة لكل ما هو جديد في العلم وتضم طلبة مصريين متميزين، تعطى لهم الفرصة لدراسة مختلف فروع علم الحفريات، ونجحوا في تحقيق ذلك بجهد متواصل ورغبة في التفوق والنجاح، كما أنهم حريصون على عمل أبحاث بجودة عالية حتى يتم قبولها من المجلات العالمية، حيث أن إصرارهم المتواصل للنجاح والتميز هو ما أوصلهم للصدارة في مجال البحث العلمي، وذلك بإشادة جميع دول العالم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة