أكرم القصاص - علا الشافعي

عبده زكى

حيتان المخالفات ودموع التماسيح

السبت، 05 سبتمبر 2020 02:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ عقدين أو يزيد تنتابنى مرارة وقهر كلما مررت على أبراج وقصور وفيلات بصحراء المحروسة، شعور لا علاقة له بالحقد الطبقى ولا الحسد ولا النقمة، فأنا ذلك الرجل الذى نشأ فى عائلة كبيرة بصعيد مصر، وأنا الذى لم أشعر بالحرمان يومًا، كبرت وأنا الواثق فى نفسى، وأنا من لم يشعر بالضآلة ولا الدونية لا على المستوى الاجتماعى ولا العملى، كنت وما زلت أشعر بأنى الأفضل، ربما كان ذلك مجرد شعور مناقض للواقع، لكنه يريحنى بطبيعة الحال.
 
لكن المرارة التى لازمتنى ترجع لحصول من لا يستحق على ما لا يملك، بل ما نملك نحن معشر الـ 100 مليون مواطن، إنهم سرقونا طويلا، تاجروا فى أملاكنا، اغتنوا من مقدراتنا، تحولوا من صعاليك إلى ملوك، ظاهريا فقط، سرقونا، ورفضوا أن يساعدونا بأموالنا، رفضوا دعم دولة تواجه ظروفا صعبة، بل تهربوا من سداد ديونهم، حصدوا الكنوز وامتنعوا عن دفع الضرائب والرسوم وتحايلوا على القانون فسجلوا أملاكهم بأسماء غيرهم من أسرهم أو بسطاء يطلق عليهم "الكَحُول".
 
و"الكَحُول" يا سادة هو ذلك الذى يملك صوريا تراه صاحب برج سكنى وهو لا يملك حتى مجرد دخوله، فهناك أحد حيتان الفساد سجل العقار باسمه مقابل إيصالات أمانة حصل عليها منه يضمن بها أن الكَحُول لن يطمع فى المبنى، وبعد وقت أصبح قصيرا، يحصد حوت الفساد المال ويحصد الكحول المطاردات القضائية، فالمبنى مخالف للرسومات الهندسية، وربما لم يحصل على تراخيص من الأساس، المبنى مضاء بكهرباء مسروقة، مروى بمياه بلا عداد.
 
المرارة استمرت طويلا دون أن يستيقظ ضمير الفاسدين المفسدين، فى سنوات مضت كانت الناس تموت فى طوابير الخبز، وهم يشربون الخمور فى الملاهى الليلة وينفقون أموالنا على الراقصات، لا أحد يواجههم ليوقفهم عند حدودهم، 40 عامًا من القهر والنهب والرشوة والمحسوبية، دون منقذ شريف.
 
أخيرا أصبح للوطن رئيس يحميه، رئيس غير مدين بشىء لأحد، قالها فى بداية استعداده لتحمل المسئولية، لا رجل أعمال له فضل على الوطن ولا الحكومة، بل الوطن هو صاحب الفضل على الجميع، طوال الوقت وعندما احتاج سارقيه تهربوا، إنهم لصوص فى معظمهم يا سادة.
 
وأخيرا وجد هؤلاء من تصدى لهم، ومحاسبتهم بأثر رجعى، دون اكتراث بدموع التماسيح التى يذرفونها، ورفع شعارات الدفاع عن الغلابة، وتشريد البسطاء، أتساءل: هل البسطاء شيدوا أبراجا على أملاك الدولة؟ بالطبع لا فالبناء مكلف جدا ولا يستطيع البسطاء الإنفاق عليه، إنها لعبة مقاولين ما زالوا يصارعون للحفاظ على المال الحرام، قل لى أيها المقاول: ألم تشبع من دم الشعب المصرى؟ ألم تكتفِ بما سرقت ونهبت، ألم يحن الوقت لتدفع فاتورة تجاوزاتك ومخالفاتك؟.. سيبك أنت من دموع العين وقل لى: لماذا تهرب اليوم بالمال وتترك ضحاياك؟.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة