أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

فيروز.. لبيروت للبنان للجميع

الخميس، 03 سبتمبر 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طالما هناك فيروز فى لبنان هناك أمل.. فيروز هى الرمز المنتخب طبيعيا ليمثل كل ما فى لبنان من جمال وتاريخ وثقافة وحب للحياة.. ومهما كان الهدف من اختيار الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لفيروز، لتكون قبلة ومركز زيارته للبنان، فقد كان ظهور الأسطورة اللبنانية بابتسامتها الساحرة وملابسها البسيطة المعبرة عن تفاؤل وتضامن، كافيا ليشير إلى أن لبنان على ما يرام. قادر على تخطى محنته مثلما فعلها مرات قبل ذلك. محن تسبب فيها الموقع والمكانة فى قلب المنطقة الأكثر تعقيدا وصراعا واختلافا. 
 
الرئيس الفرنسى ماكرون سياسى لديه الكثير ليبحث عنه له ولفرنسا، ومهما كان النقاش فقد كان الرئيس الأوروبى الوحيد الذى زار لبنان مرتين بعد انفجار المرفأ المأساوى، وطبيعى أن تكون لماكرون طموحات، وفرنسا لها تاريخ مع لبنان، ولها أهداف ودور تطمح أن تلعبه. 
 
لكن اختيار فيروز كان اختيارا ذكيا ولا شك بصرف النظر عن التفسيرات. فيروز هى العامل المشترك بين مختلفين، هى لبنان فى كل أحوالها، الفرح والحزن ، صوت فيروز دائما يذكر من يسمعه بأن «كل شىء سوف يمضى». وأن هناك دائما حارس يوحد اللبنانيين ويعلو على خلافاتهم واختلافاتهم. 
 
عندما وقع انفجار مرفأ بيروت، كانت فيروز أول ما يتطرق إليه الذهن، التعاطف بأغانيها والتضامن بصوتها أو حتى الغضب بصوتها. «لبيروت» الصوت الواقف يطفئ الحرائق ويطبب الجروح ويهدئ النفوس ويمنح الأمل. 
 
تظل فيروز فوق كل الاختلافات والصراعات والصدامات، فى الحرب الأهلية بقيت فيروز صوتا يشير إلى نهاية الحرب ويصبر الضحايا ويلملم الجراح. الحرب تأكل كل شىء، ورفضت فيروز مغادرة منزلها فى جبل لبنان، بالرغم من إصابته بصاروخ، وهو نفس المنزل الذى ظهرت فيه بابتسامتها القمرية فى استقبال ماكرون. فى عام 1994 بعد انتهاء الحرب ظهرت فيروز أسطورية تصدح فى ساحة الشهداء الشاهدة على الدمار. غنت للناس والضحايا والإنسان، لكل أبناء الشعب، غنت لبيروت، وبدت قديسة تعلو فوق الصراعات الدينية والطائفية والعرقية والأيديولوجية.
 
فيروز ليست للبنانيين فقط، مع أنها رمز لبنان والأرز والأمل، لكنها أصبحت مع الوقت أغنية لكل الباحثين عن أمل، فى عالم تسكنه الصراعات والطموحات والشر، تجاوز صوت فيروز لبنان والعرب إلى العالم.. لم تصنف إلا أنها فيروز، هناك بالطبع رموز كبيرة وعظيمة ثقافية وفنية من كل الأجيال، لكن فيروز تلخص وتختصر كل هذا برضا الجميع وموافقتهم، فكلا الطرفين يستمع إليها كأنها تخصه.
 
فيروز تظل فوق التعتيم السياسى والتقاطع والتداخل، والمحاصصة والحسابات السياسية المعقدة، وخلافات «عناوين الصحف» ومموليها، فوق «تحالفات آزار» وتناقضات المصالح والمواقف.
 
السياسة تلقى بظلالها وفيروز هى اللبنانين أو الشعب البعيد عن التجاذبات السياسية والطائفية والمناورات، صوتها فى مظاهرات اللبنانيين الرافضين لتجاذبات واستقطاب السياسة تظاهرات عابرة للطوائف والمناطق والأعمار والطبقات الاجتماعية أغلبية تظاهرت تطلب وطنا للجميع من دون تقسيم.
 
فيروز هى الشعب اللبنانى الذى بالرغم من كل المآسى والصراعات والحروب بالوكالة والمباشرة، هم الضامن لبقاء لبنان. يخرج فى كل مرة «مثل عنقاء الرماد»، كما قال محمود درويش. ولايهم أن تستمع إليها أم لا، فمثل فيروز وأم كلثوم رموز خالدة تتخطى الحدود وتعبر لتصبح صوتا إنسانيا قادرا على منح الأمل.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة