كانت صحيفة "نيوروك تايمز" أفادت في تقرير لها نشر هذا الأسبوع بأن الصين وإيران على وشك إتمام صفقة ضخمة محتملة لتبادل "النفط مقابل البنية الأساسية"، تقوم بموجبها بكين بضخ مليارات من الاستثمارات في قطاعات الطاقة والاتصالات والخدمات المالية الإيرانية مقابل حصول الصين على إمدادات النفط الخام الإيراني لمدة 25 عاماً.

وقد رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا شونيين، التعليق على سؤال من صحفي بإذاعة "راديو الصين الدولي" بشأن تقرير الصحيفة الأمريكية.
وبينت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الطرفين أقرا بوجود مباحثات بينهما في هذا الشأن، غير أنهما أحجما عن الخوض في التفاصيل. وتثار تكهنات على نطاق واسع بخصوص تلك الصفقة التي يقول البعض إنها قد تتجاوز قيمتها 400 مليار دولار، وهي ما يعتبرها مراقبون بأنها ستكون بمنزلة شريان حياة لطهران التي يعاني اقتصادها الأمرين بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

ويتساءل مراقبون هل ستكون تلك الصفقة المحتملة بين بكين وطهران بمنزلة عزوف صيني عن النفط الخام الأفريقي؟ كان السفير الأمريكي السابق والباحث البارز في شأن العلاقات الصينية الأفريقية، ديفيد شين، لاحظ في شهادة أدلى بها أمام مجلس مراجعة العلاقات الاقتصادية والأمنية الأمريكية - الصينية في مايو الماضي، أن الصين خلال عام 2008 حصلت على 30 في المئة من احتياجاتها النفطية من أفريقيا، لكنها بعد مرور 10 سنوات هبط ذلك الرقم إلى مجرد 18 في المئة، وإذا استمرت تلك الصفقة مع إيران وظهرت إلى حيز الوجود، فإنها تبرز مواصلة الصين لتنويع إمداداتها من النفط الخام بعيداً عن أفريقيا.
فالأرقام تشير إلى أن الصين باتت تعتمد في تحركها الجديد على نفط الخليج، فالواردات النفطية الصينية من المملكة العربية السعودية قفزت بصورة حادة بنسبة 47 في المائة في العام الماضي، ما جعل بكين تمثل أكبر عميل مفرد للملكة. 


وعلى نحو مماثل، تستثمر الصين بكثافة في البنية الأساسية النفطية في العراق وترنو بعيونها نحو زيادة وارداتها من النفط العراقي. لذا ينظر متابعون إلى أن الصفقة الإيرانية ستعزز من اعتماد الصين على الخليج في استيراد حصة مهمة من احتياجاتها النفطية من هناك، وهو ما يرجح في الوقت نفسه تقليص اعتمادها على إمداداتها من الخامين الأنجولي والسوداني.


وحينما يمعن المراقبون النظر إلى البيانات الأخيرة التي تتحدث عنها بحوث العلاقات الصينية الأفريقية في جامعة جونز هوبكنز أو من البحوث الحديثة التي نشرها المركز الاستشاري"ريإماجيند" لبحوث التنمية، ومقره بكين، سيلحظ الثقل البارز والمتعاظم الذي أعطته الصين لأنجولا لدى تعاطيها مع أفريقيا، فقد أنفقت الصين مليارات الدولارات في صفقات "النفط مقابل البنية الأساسية"في أفريقيا وهي صفقات مماثلة تماماً لما تدرس إبرامه الآن مع إيران.


لكن في ضوء ما تواجهه الصين حالياً من إعادة جدولة ديون بعشرات مليارات الدولارات في أنجولا وأماكن أخرى في أفريقيا، فإن بكين من المحتمل أن تنظر أيضاً في تخفيف التزامها بمثل تلك الترتيبات.

ويخلص متابعون إلى القول إن أيام الاستثمارات السخية الصينية في قطاع النفط الأفريقي قد ولت على الأرجح، إذ أقبل الصينيون على شراء الخام بنهم أكبر من منتجين آخرين في روسيا والخليج والأميركتين.