أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

فيروس الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي

الأحد، 31 مايو 2020 03:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم ألتفت إلى ما تقوم به بعض المراهقات من خطاب كراهية وعنف لفظي، وتنمر، وعنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي، بقدر مالفت انتباهي قيام البعض بإعادة نشر مثل تلك الفيروسات عن طريق المشاركة والتعليق عليها، وكان من الأفضل تجاهلها، والبحث عن آليات لمواجهتها والحد منها.

إن المتابع لتلك الفيروسات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يلاحظ أن بعضها يقوم به أفراد من خلال حساباتهم الشخصية على فيسبوك، تويتر، انستجرام، يوتيوب وغيرها والبعض الآخر من خلال حسابات تتوارى خلف أسماء مستعارة، تقف وراءها وتمولها دول، وكلاهما يصبان في هدف واحد، هو بث روح الفرقة والانقسام وإثارة الأزمات، تهديد الأمن والسلام الاجتماعي في المجتمعات العربية والإسلامية.

يرتبط خطاب الكراهية بتعبيرات لفظية تتضمن إساءة وعدوانية ضد الآخر، نفس المعنى في التنمر باللفظ والعنصرية بالقول أو التعبير، وكلها مصطلحات تصب في مفاهيم العنف اللفظي، أو العنف المستمد من اللغة  التي تتضمن الإساءة للآخر والسخرية منه والتهكم عليه، بما يؤدى إلى أضرار نفسية واجتماعية له ولأسرته وقد تمتد للمجتمع الذي يعيش فيه، وقد يتنتقل ذلك العنف اللفظي من العالم الافتراضي إلى الواقع ويتحول إلى عنف بدني ومادي.

ومن أسباب تلك الفيروسات والظواهر الاجتماعية: التفكك الأسرى، ضعف التكوين العلمي، غياب الوزاع الديني، الانفتاح على ثقافات وافدة وأسباب أخرى سيكولوجية واجتماعية، والبعض ممن يمارسها مريض بداء التسلط والتلذذ بإيذاء مشاعر الآخرين، بالإضافة إلى أسباب ايديولوجية، حيث توظيف ذلك العنف اللفظي من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة.

وقد نهت الأديان جميعا، عن أى قول أو تعبير  فيه عنف لفظي، يحدث فتنة في المجتمع، سواء كان ذلك في البيت أو في الشارع أو في مواقع التواصل الاجتماعي ، لأن حكم الخطأ لا يختلف باختلاف المكان أو البيئة و الإنسان يحاسب على كل ما يتلفظ به، ولا يحق له أن ينصب نفسه حاكما على الآخرين  يرفع من يشاء و يضع من يشاء،  بما يجرح مشاعر الآخرين و التلفظ بنوع من العنصرية أو التمييز. وقد ورد في الكتاب المقدس سفر يشوع ابن سيراخ  الآيات من1-30 التي تنهى عن السخرية والاستهزاء بالآخرين ومعايرتهم ومنها:

"الاِسْتِهْزَاءُ وَالتَّعْيِيرُ شَأْنُ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَالاِنْتِقَامُ يَكْمُنُ لَهُمْ مِثْلَ الأَسَدِ."

 وشدد القرآن الكريم  في أكثر من موضع عن عدم جواز السخرية ومناداة الآخر بما يكره من ألقاب ومنها ما جاء في الآية 11 من سورة الحجرات"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ". وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أَبى بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، أن النبي (ص) سمع مرة أبا ذر الغفاري يقول لبلال الحبشي " يا ابن السوداء"، فقال له النبي: "  إنك امرؤ فيك جاهلية"، أي أخلاق العرب قبل الإسلام،  إذ اعتبر كلامه عنيفا و طالب أبا ذر بالاعتذار لبلال.

إن تلك الفيروسات أو الخطابات لا تعبر إطلاقا عن حرية الرأى والتعبير، لكونها تشكل إساءة و اعتداء على الآخر بالقول والفعل، ولذلك قام الاتحاد  الأوروبي باتخاذ إجراءات تشريعية للضغط على شركات التكنولوجيا العملاقة التي تدير مواقع  مثل فيسبوك وتويتر وجوجل في سبيل  حذف خطابات الكراهية والتحريض على العنف.

وشددت القوانين في الدول المختلفة على محاربة تلك الظواهر وواكب التشريع المصري التشريعات في العالم، للحد من تلك الظواهر، ومنها القانون الألماني الذي شدد العقوبات والغرامات المالية على بث أي محتوى يحرض على الكراهية والعنصرية والتميز ضد الآخر.

و نصت  المادة رقم 19 من قانون تنظيم الإعلام المصري رقم 180 لسنة 2018 على "حظر نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين، أو يدعو للعنصرية، أو التعصب أو يتضمن طعنا فى أعراض الأفراد أو سبا أو قذفا لهم أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية".

إن الواجب يقتضي الإبلاغ عن أي محتوى فيه تنمر وتمييز وكراهية، وليس ترويجه بما يصنع لصاحبه نجومية زائفة وأرباحا مسمومة.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة