أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

"انقلاب" السوشيال ميديا.. ونهاية زمن الديمقراطية

الخميس، 28 مايو 2020 12:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من اعتماد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منصة "تويتر" بصورة كبيرة، في مخاطبة المواطن، منذ بداية ولايته الرئاسية الأولى، والتي بدأت في يناير 2017، إلا أن ثمة ما يمكننا تسميته بـ"الانقلاب" من قبل أحد أبرز شبكات التواصل الاجتماعى على سيد البيت الأبيض، عندما صنف تغريداته الأخيرة، التي شكك خلالها في نزاهة عملية الاقتراع بالبريد، بأنها "مضللة"، لتندلع معركة كلامية بين الرئيس والموقع، ربما تترك تداعيات كبيرة، سواء على مسار الانتخابات الرئاسية، المقررة في نوفمبر المقبل، أو على مستقبل شبكة "تويتر" في ظل تهديدات ترامب بإجراءات قد تنال من شبكات التواصل الاجتماعى، على اعتبار أنها تحاول القيام بدور لتوجيه أصوات الناخبين، قبل شهور من المعترك الرئاسي.

ولكن بعيدا عن تداعيات الصراع الجديد الذى يخوضه ترامب، ليضاف إلى سلسلة من الصراعات التي خاضها في الداخل والخارج منذ بزوغ نجمه على الساحة السياسية في الولايات المتحدة، نجد أن شبكات التواصل الاجتماعى ربما بدأت القيام بدور أكبر في الوقت الراهن لكبح الأصوات المخالفة لتوجهاتها، وذلك بعدما كانت تروج لنفسها منذ سنوات قليلة، بأنها منبر حرية الرأى، الذى كان بمثابة سلاح الشعوب لتحقيق أهدافهم.

مواقع التواصل الاجتماعى ساهمت بالفعل بدور كبير في دعم الحراك داخل العديد من المجتمعات في الشرق الأوسط، إبان ما يسمى بـ"الربيع العربى"، حيث اعتلاها النشطاء، لنشر دعواتهم للاحتشاد والتظاهر ضد العديد من الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية، بدءً من تونس، مرورا بليبيا، وحتى سوريا واليمن، مما ساهم في إسقاط بعضها، بينما أدت إلى اندلاع الحروب الأهلية في البعض الأخر، ولكنها بالرغم من ذلك فقد كانت تلك المواقع دائما ما يشار إليها باعتبارها "المنبر البديل" الذى يقدم الحماية لحرية الرأي والتعبير، في مواجهة إعلام دائما ما كانت تلاحقه اتهامات التسييس والانحياز لصالح فئة الحكام على حساب المعارضة.

إلا أن التغييرات الأخيرة التي تشهدها سياسات شبكات التواصل الاجتماعى، عبر مراجعة منشورات وأراء سياسية بعينها، وحذف أو التشكيك في مصداقية الرؤى التي لا تروق لهم، إلى الحد الذى قد يدفع نحو وصفها بـ"محاكم التفتيش"، ربما تثير العديد من التساؤلات، التي لا تقتصر في نطاقها على الدور الذى قد تلعبه تلك المواقع، أو مدى التغيير الذى سوف تشهده أهدافها في المستقبل، وإنما تمتد إلى شكوك كبيرة حول مستقبل المشهد الديمقراطى، في العالم، خلال السنوات القادمة.

فلو نظرنا إلى ظهور مواقع التواصل الاجتماعى، وبزوغ نجمها، مع بداية الألفية، نجد أنه كان مرتبطا إلى حد كبير بمرحلة شهدت فيها الأنظمة الديمقراطية، ذات التوجهات الليبرالية أزهى عصورها، وبالتالي فكان أحد أبرز أدوراها، على الأقل ظاهريا، هو نشر هذا النموذج، ليمتد من الغرب إلى الشرق، وهو الأمر الذى يروج دعاة الحرية أنه قد تحقق عبر ما يسمى بـ"الثورات" التي ضربت العالم العربى مع انطلاقة العقد الثانى من القرن الـ21، رغم تداعياتها الكارثية على الشعوب، إلا أن المشهد يبدو معكوسا في الوقت الراهن، فاليمين يتصاعد في الغرب، على حساب الليبراليين، بينما تثور الشعوب على الديمقراطية التقليدية، ربما لتصبح منابر الحرية "القديمة" في حاجة إلى تعديل نهجها، ولو جزئيا.

سياسات مواقع التواصل الاجتماعى الأخيرة تمثل انقلابا على المبادئ التي طالما سعت إلى ارسائها، وهو الأمر الذى يمكن تفسيره بمحاولة حماية بقائها، عبر الانحياز للتيارات الداعمة لها، في ظل سلوك "اليمين" الذى ربما يثير قدرا كبيرا من القلق لدى القائمين على تلك المواقع في المرحلة المقبلة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة