أكرم القصاص - علا الشافعي

عباس شومان

الجديد فى مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد «6»

السبت، 04 أبريل 2020 10:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حسم المؤتمر بشكل واضح مسألة التكفير وما يدور حولها من لغط من آن لآخر فى الأوساط الإعلامية؛ حيث يرمى بعض الناس البعض الآخر بالكفر ربما من غير ذنب لا كبير ولا صغير، وإنما لمجرد الاختلاف فى تبنى قناعات لا علاقة لها بالمعتقدات الدينية، كالانتماء لجماعات ذات أهداف لا علاقة لها بالدين أصلًا، ويطالب به البعض الآخر لآثمين يرتكبون الجرائم التى هى من عمل الجوارح دون وقوف على حالهم العقدى تجاهها، ودون نظر إلى المآلات التى تترتب على وصف هذه الجماعات بالكفر الذى يطالب به فريق من الناس لهم.
 
وقد سبق بيان أن وصف الجماعات المجرمة الآثمة الإرهابية بالكفر يفيدهم؛ حيث يمكنهم من الإفلات من العقاب إذا استخدموا حيلة إعلان التوبة، كما أن تكفير آحاد أو جماعات الناس الذى ينتهجه البعض لا مسوغ له شرعًا، فكثيرًا ما نسمع عن تكفير رجال الجيش والشرطة وعامة المواطنين لمجرد اتباعهم لقوانين الدولة والعمل فى ظلها، حتى وصل الأمر إلى تكفير بعض الشباب لوالديه وإخوته وسائر قرابته لكونهم لا يعتقدون ما يعتقده هو، ويقبلون العمل فى الحكومة، بل تجد هؤلاء يحرمون رواتب الحكومة مع أنهم يعيشون منها بما ينفقه عليهم مَن يكفرونهم من الآباء والأقارب!
ولذا، كان من الضرورى أن يكون التكفير ومجابهته وبيان فصل القول فيه، من أوليات الموضوعات التى يعالجها الأزهر الشريف فى مؤتمره العالمى للتجديد فى الفكر الإسلامى، فكانت النتيجة التالية بين نتائج المؤتمر التى حملها البيان الختامى، وهى: «التكفير فتنة ابتُليت بها المجتمعات قديمًا وحديثًا، ولا يقول به إلا متجرئ على شرع الله تعالى، أو جاهل بتعاليمه. ولقد بينت نصوص الشرع أن رمى الغير بالكفر قد يرتدُّ على قائله، فيبوء بإثمه، والتكفير حكم على الضمائر يختص به الله سبحانه وتعالى دون غيره، فإذا قال الشخصُ عبارةً تحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجهًا، وتحتمل عدم التكفير من وجه واحد، فلا يرمى بالكفر لشبهة الاحتمال، اعتدادًا بقاعدة: ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين».
 
وبهذه النتيجة الحاسمة ينهى الأزهر الشريف جدلية عشوائية يخوض فيها الناس غير منتبهين لخطورة ما يمارسونه من تكفير للغير، وهو ما أشار إليه البيان الختامى بعبارة: «إنَّ رمى الغير بالكفر قد يرتد على قائله، فيبوء بإثمه»، ودليل ذلك ما حملته كتب الصحاح من قول رسولنا الأكرم - صلى الله عليه وسلم: «أيما امرئ قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه»، وهذا الحديث وحده يكفى لتجنب تكفير الغير ولو كان الغالب على حاله أنه كذلك، فوجود احتمال ضعيف فى عدم كفر الآخر يوجب الامتناع عن تكفيره. وهذا الخطاب من وجهة نظرى موجه فى الأساس إلى الجهة المختصة بإثبات التكفير والحكم به على مَن ارتكب أمرًا من الأمور التى تخل بسلامة الاعتقاد، وهى جهة القضاء لا غير، وهو ما يعنى أن الحكم بالكفر لا يجب أن يصدر متى وجدت أدنى شبهة فى كفر المتهم به، خشية أن يرتد الحكم على مصدره. أما عموم الناس وخاصتهم من العلماء، فلا يجوز لهم تكفير فرد أو جماعة أصلًا كما سبق بيانه.
 
وقد كان التكفير بهذا القدر من الاستقباح الشرعى، لما فيه من الإضرار بالمجتمع والتشكيك فى عقائد الناس دون أدنى فائدة تعود على الفرد أو الجماعة من ورائه، وما جاءت الشرائع إلا لدفع الضرر وجلب النفع، ولذا كان حفظ الدين مقصدًا من مقاصد شريعتنا الغراء التى جاءت لتحفظ للناس هذه المقاصد.
 
وعليه، فإنه يجب أن يصحح الناس ثقافتهم تجاه التكفير، ويبتعدوا عن ميدانه، وليحمدوا الله عز وجل أنه لم يكلفهم بالتفتيش عن قلوب الناس لمعرفة إيمانهم من عدمه، وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة